شاعر أولاد عيار (مكثر) علي الدليوي العياري يعتبر من الشعراء القلائل الذين شغلوا الناس في حياتهم وبعد مماتهم في عشائر وخارج حدود الوطن ويكنى بالعياري نسبة لأولاد عيار وموطنه الاصلي جهة مكثر، على أن الدّليوي ينتسب وبالتدقيق إلى أحد الفروع الذين استوطنوا منطقة «مصّوج» قرب مدينة سليانة هناك نشأ وترعرع وشاع صيته شاعرا وفارسا مغوارا عزيزا في عرشه وجيها في قومه معروفا على مستوى وطنه ردّد الناس لشعره في كل مكان وتناقلوا خصاله وبطولاته وهو ما يعتبر بقاء الكثير من شعره يتردد على الألسن مقرونا بحوادث تؤكد المكانة الشعرية والمنزلة الاجتماعية والشهرة الواسعة التي يتمتع بها علي الدليوي. زاول تعليمه لدى مؤدب «الدوار» حيث حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة ثم انصرف الى قول الشعر الّذي ما لبث واصبح جاريا على كل لسان وخاصة شعراء الجهة اذ يعتبرونه امامهم لا يفتؤون يذكرونه بكثير من الاكبار والتمجيد. فشعره يضيف الى صنفين في اغراض معروفة لدى الشعراء متداولة بينهم وتعرف ب ب»المسقف» وهو عبارة عن التباري بين شاعرين حيث يعمد احدهما الى الاثبات بلغز شعرا فيصبح الثاني والحالة تلك «مكبلا» اذا تمكن من حلّه (تفسيره) شعرا ايضا ومثاله ما دار بين شاعرنا علي الدليوي ومعاصره الشاعر سعد الازرق الهمامي اثناء حلول هذا الاخير بمكثر ضيفا عليه حيث نظر سعد الازرق الهمامي اثناء حلول هذا الاخير بمكثر ضيفا عليه حيث نظر سعد الى صفيحة حصان الدليوي وهي تلمع فقال فيها: «على أنثة قديمة تحت القدم قدمها» تصعب على العرّاف لا تنجمها. فاجابه الدليوي على الفور: «انثة شارف وتصعب على العريّف وآل عارف»... حلقة زادوها اربعة طوارف هزّوها للولام وقصائد طويلة تصوّر حوادث معيّنة وتجمع عديد الاغراض المتداولة من عموم الشعراء من غزل وفخر ووصف الطبيعة ومدح وهجاء وحكمة ومن هذا الصنف قصيدة الكاس المسمومة التي يقول في شأنها الرواة تصوّر الشاعر الدليوي التردّد على مجلس الصادق باي حيث كان معجبا بشعره مغرما بسماعه وذات مرة وبينما كان جماعة من عرش اولاد عيار بصدد الانصراف من مجلس الباي اثر قدومهم للتشكي ابدى سخريته منهم وطلب من الدليوي ان يرشدهم الى تنظيم لباسهم وتحسين هيئتهم فحزّ هذا في نفس الشاعر وعندما رجع اعلن فيهم قراره منع التشكي للباي وانه سيكفل بفض نزاعاتهم بنفسه فاستغل حسّاده هذا التصرف ووشوا به للباي الذي دعاه للحضور بمجلسه جريا على العادة وهو في الحقيقة يريد التحقيق معه فيما بلغه عنه واذا تأكد من صحة الخبر فقد اوعز بوضع شيء من السمّ في كأس الدليوي وبذلك يتخلص منه في يسر ويذكر الرواة ان الدليوي تفطن للامر في مجلس الباي فاشتد كربه ونفث همه في قصيد تاثر له الباي فاسرع وفي اللّحظة المناسبة فكتبها ومطلع هذه القصيدة: «هذا ! هو يدوخ الراس يانفس كوني صبورة و العمر عنده قياس امقيد ثابتة اصطورة»