تونس (الشروق): ترتبط مدينة الكرم تاريخيا بجذور نشأة مدينة قرطاج وتميّزت منذ القدم بالبهاء الطبيعي وبجمال حدائقها وبساتينها التي تقترن بالقصور والإقامات المتفرّدة التي عمّر بها رجالات الحكم الأوائل الأرض العذراء وتبعهم في ذلك أعلام ومشاهير البلاد وبعدهم الأحفاد ممن حافظوا على الأصول وتدعيمها بالتحديث المعماري. وضمن هذه الخصائص "الخضراء" الحافظة لجمالية المدينة والداعمة للتوازنات البيئية وقع إحداث المنتزه الحضري بالكرم لإيجاد فضاء يكون بمثابة "القبلة" الرئيسية للمتساكنين وخصوصا للعائلات قصد الإستمتاع بالفرص المواتية للراحة في وسط طبيعي صحبة الأبناء. ويعتبر هذا المشروع نموذجيا من حيث مكوناته الداخلية والتقسيم التفاعلي لمساحته وأناقة السور المحيط بناء وحواجز حديدية واقية جعلت المنتزه يبرز في شكل هندسي متناغم مع أبعاده التخصصيّة. هذا ويتزيّن المنتزه بفضاء أمامي مرصّف وبواجهة معمارية بسيطة وأنيقة على شاكلة مداخل "القصور". غُبن صادم! وهذه المحاسن "الخارجية" فقدت بريقها من خلا واقع تعيس أصبح عليها المنتزه وبرغم فتح أبوابه الرئيسية والفرعية فإن الفضاء الأمامي كست أرضيته المجلزة كثرة الأعشاب الطُفيلية والأتربة. وذلك لغياب العناية بتشكيلة الأشجار والمزينات من حيث عزق أرضها وريّها وتقليمها إلى جانب إهمال كساء العشب مما إنجر عنه تصحّر منظره وتحول م ومشرب وأدوات ألعاب الأطفال إلى صور "خراب". وهذه الوضعية المتردية التي أصبح عليها هذا المنتزه الحضري خلقت هجرانه قهرا وغبنا من قبل متساكني مدينة الكرم وذلك برغم تواجده على "منظر" طبيعي قبالة شبابيك المجلس البلدي وعلى بعد 24 خطوة من قصره العامر. ومن الصور الصادمة التي تعكس عمق الإهمال تحول أركان من المنتزه إلى مكان خاصن لرعي أضاحي عيد الإضحى خلال التوقيت الرسمي لعمل أهل القصر ولأعينه وكاميراته. ويبقى المأمول أن يستعيد هذا الإنجاز خضرة حلته وتجديد "مظهره" وأدوات تنشيطه لمعاودة احتضانه لرواده وهذا ليس بصعب التحقيق على إرادة المجلس البلدي وإلتزامه لعهد التعمير النافع.