بحضور عدد من الوزراء: انطلاق جلسة عامة لمناقشة جملة من مشاريع القوانين    وزارة الفلاحة توصي الوافدين على تونس بالامتناع عن جلب النباتات والمنتجات النباتية    عاجل: تونسي يسرق'' 10 حكك تن'' من مغازة في بولونيا ... قرار بالترحيل في 24 ساعة    2 جانفي: الانطلاق في تعويض من تخلّفوا عن خلاص الحجّ بتوانسة في قائمة الانتظار    نيوزيلندا...أول دولة ترحب بالعام الجديد    استشهاد طفلة فلسطينية في قصف الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة..    غدا.. الدخول إلى المتاحف والمواقع الأثرية مجانا..    عاجل/ هكذا سيكون الطقس بداية من أول يوم في السنة الجديدة..    مرصد شاهد يوصي بإيجاد آلية للنظر في مضمون طلب سحب الوكالة تحدد مدى جديته    رئيس الجمهورية يأمر بالتدخل الفوري لرفع النفايات وتنظيف الحلفاوين    تبّون: يُحاولون زرع الفتنة بين الجزائر وتونس    مالي وبوركينا فاسو تفرضان قيود تأشيرة مماثلة على الأمريكيين    تركيا: اعتقال 125 شخصا يُشتبه في انتمائهم ل"داعش"    كيفاش طيّب ''نجمة السهرية ''دجاجة راس العام ؟    إتحاد بن قردان: الإدارة تنجح في غلق النزاع مع لاعبها السابق    محكمة الاستئناف تؤيّد الحكم بسجن الصحبي عتيق 15 عامًا    في بالك!...إقبال التوانسة على الدجاجة في رأس العام تراجع برشا    ياخي علاش ناكلوا الدجاج ليلة راس العام ؟    عاجل/ من بينهم عسكريان: قتلى وجرحى في حادث مرور مروع بسوسة..    حليب جديد...قريبا في الأسواق التونسية: شنوّا حكايته؟    4 أفكار تنجم تستعملهم وتزيّن طاولة راس العام    القصرين: المستشفى الجامعي بدر الدين العلوي يتجه نحو تحقيق الإكتفاء الطاقي مع اقتراب الانتهاء من تركيز محطة شمسية نموذجية    قبلي: تكثيف حملات الرقابة على المحلات المفتوحة للعموم تزامنا مع التظاهرات الثقافية والاحتفالات براس السنة الادارية    عاجل : إصابة هذا اللاعب بالشلل    النجمة العالمية مادونا تختار المغرب لقضاء عطلة رأس السنة    اليوم: آخر أجل للانتفاع بالعفو الجبائي على العقارات المبنية    مصر تأمل في استضافة كأس أمم إفريقيا في آخر نسخة بالشكل القديم    مرصد المرور يُحذّر التوانسة: لا تتجاوز حدودك الليلة، حياتك وحياة الآخرين أولوية    بعد تعادل المنتخب مع تنزانيا: حنبعل المجبري يعترف..    عاجل/ حجز 1.2 مليون دينار وإدراج مشتبه به في الصرافة بالسوق السوداء بالتفتيش..    مصالح الحماية المدنية تقوم ب 427 تدخلا خلال ال 24 ساعة الماضية    مباراة ودية: الإتحاد المنستيري يفوز على نادي حمام الأنف    حصيلة أبرز الأحداث الرياضية لسنة 2025 ... (الثلاثي الرابع)    عام 2026: شوف رسائل التهاني بين التوانسة    زهران ممداني يؤدي اليمين الدستورية عمدة لنيويورك    يهمّ التوانسة: المتحوّر ''K'' لا علاقة له بفيروس كورونا    البنك المركزي يقرر التخفيض في نسبة الفائدة المديرية إلى 7 بالمائة    كاس امم افريقيا (المغرب 2025) : برنامج مباريات اليوم الاربعاء    توقيت استثنائي لعمل الهياكل التجارية للبريد التونسي اليوم الاربعاء 31 ديسمبر 2025    عاجل : كل ماتحب تعرفوا على ماتش تونس ضد مالي في ثمن نهائي كان 2025    لماذا تعلق الأغاني في أذهاننا؟ العلم يفسّر 'دودة الأذن'    مجلس الوزراء السعودي: نأمل أن تستجيب الإمارات لطلب اليمن خروج قواتها من البلاد خلال 24 ساعة    نهاية حقبة الرسائل الورقية.. الدنمارك أول دولة أوروبية توقف البريد العام    الترفيع في السعر المرجعي لزيت الزيتون البكر الممتاز    المعهد الوطني للرصد الجوي: خريف 2025 أكثر دفئًا من المعدّل لكنه أقل حرارة مقارنة بالفصول السابقة    الليلة: أمطار مع رياح قوية بهذه الجهات    سلسلة عروض جديدة لمسرحيات "جاكراندا" و"الهاربات" و"كيما اليوم" مطلع العام الجديد    مختصّة في طبّ الشيخوخة: عزلة كبار السنّ خطر رئيسي يرفع نسب الاكتئاب والوفيات المبكرة لديهم    إعطاء الطفل هاتفاً قبل هذا العمر مضر جداً.. دراسة تفجرها وتكشف حقائق خطيرة..    عاجل: هذا موعد الأيام البيض لشهر رجب    عاجل: شهر رمضان يتكرر للمرة الثانية في عام واحد    تونس من بين الدول المعنية به..تعرف على موعد أطول حالة ظلام دامس بالأرض خلال قرن..    حضور مميز لمندوبية التربية بجندوبة في احياء الخط العربي    راس العام في الدار؟ هذي أفلامك باش تضحك وتفتح العام الجديد بالفرحة    ڤريب الشتاء: كيفاش تتعدى، قدّاش يدوم، ووقتاش يلزم تمشي للطبيب؟    «صاحبك راجل» في القاعات المغربية    مع الشروق .. التاريخ يبدأ من هنا    أفضل دعاء يقال اخر يوم جمعة لسنة 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مع الشروق ... النأي بالقضاء عن التجاذبات السياسية
نشر في الشروق يوم 25 - 08 - 2019

لا شيء يُمكن أن يُبرّر ذهاب المشهد الوطني إلى درجة عالية من التوتّر والضبابيّة قد تدفع إلى المجهول لا قدّر لها، خاصة في ظل موجة كاسحة يستهدف لها القضاء، الملجأ الذي لا ملجأ آخر بعده لأحدٍ كان.
ما يجري منذ يومين على غاية من الخطورة، وهو في الحقيقة منتظر لأنّه نتاج استفحال ثقافة الشيطنة وانفكاك عرى التوافق الوطني وغياب فضاءات للحوار بين مختلف الفاعلين السياسيين والمنظمات الوطنية، ممّا جعل الباب مفتوحا أمام كلّ التجاوزات والخروقات والتي بلغت حدّ التعدّي الصارخ على القضاء، المعقل الأخير للسلم الأهلي والتحكيم العادل وإحقاق العدالة وحماية حقوق النّاس.
فقد تحوّل الجدل القانوني حول إيقاف نبيل القروي، المرشح للانتخابات الرئاسية ورئيس حزب قلب تونس، إلى مشبك للتجاذبات وتصفية الحسابات وإطلاق منطق الغاب والإيحاء بحالة من الانفلات وبصراع خطير وبانتهاك لحرمة المؤسّسة القضائيّة، والسؤال الذي يُطرح في هذا الصدد هو ماذا يُمكن أن نستشرف للمستقبل إذا تمّ الدفع بالقضاء إلى معترك التنافس السياسي والانتخابي وجعله أداة لتصفية الحسابات بمنهج التعليمات والتدخّل في قراره المستقل؟
القراءات للأحكام القضائيّة لا يجب أبداً أن تلبس لبوس السياسة ولا يجب أن تكون وفق منطق المصلحة، لأنّ ذلك قد يكون عكسيا فتُصبح المصلحة مضرّة بل يجب أن تلتزم حدود الجدل القانوني واحترام علويّة القانون لأنّه في غياب الاحتكام للقانون سيكون الجميع دون استثناء عرضة للظلم والانتهاك وسلب الحقوق.
ولكن وبرغم الانفلاتات، وبرغم ما قد يطرأ على عمل القضاة، وهم من البشر، من هنات أو سوء تقدير، فإنّ مؤشرات عديدة تدلّ على نوايا لتفاعل حكيم وعقلاني مع المسألة، تفاعل يحتكم إلى القانون ولا شيء غيره، فقد أكد مصدر مطلع بوزارة العدل أمس أنّ وزير العدل محمد كريم الجموسي أذن بتعهيد التفقدية العامة بالوزارة للبحث في ملابسات إصدار بطاقتي الإيداع في حق كل من نبيل وغازي القروي والتثبت من سلامة الإجراءات القانونية المتبعة، مُضيفا أنه سيتم تقديم المعطيات المتوصل إليها وإنارة الرأي العام بخصوصها. كما أنّ دفاع القروي أكّد عزمه الطعن في قرار إصدار بطاقة الإيداع المشار إليها مؤكدا أنّ له من المستندات ما يؤكّد بطلان القرار المذكور، كما طالبت أحزاب وشخصيات وطنيّة بالنأي بالقضاء عن كلّ توظيف أو تشكيك منبّهة الى مخاطر مواصلة الانزلاق في مثل هذه السلوكات خاصة وأنّ الظرف الذي تمرّ به البلاد دقيق وصعب يستدعي لغة العقل لا الانفعالات العاطفيّة المنفلتة في هذا الاتجاه أو ذاك.
يعيش القضاء التونسي، دونما شكّ وكغيره من القطاعات، على وقع التحوّلات التي تعيشها بلادنا منذ ثماني سنوات، ولكن على الجميع أن يعلم أنّ القضاء خط أحمر، وإلا كانت لغة الغاب، بما فيها من إشاعات وأكاذيب وشيطنة متبادلة وتلفيق وتصفية حسابات لا نهاية لها، وعلى جميع المتدخلين في القطاع حمايته من كلّ الخروقات والتجاوزات والحرص على مزيد ترقية أدائه، لوجيستيا وبشريا وتشريعيا، وسدّ أبواب التشكيك في قدرته على الاستجابة للحاجة المحوريّة للعدالة في بناء دولة القانون والحريات وتمتين أسس تجربة الانتقال الديمقراطي التي تعيشها بلادنا.
تلطيف الأجواء عاجلا دون إبطاء، بإعلاء قوّة القانون والدفاع عن استقلاليّة المرفق القضائي وحياده، أصبح أكثر من ضروري اليوم لوقف كلّ التجاذبات الجانبية وإعادة قاطرة الفعل السياسي والانتخابي الى الوضع الطبيعي من حيث التزام الجميع بالقانون وضوابطه والتحلّي بقدر من الأخلاقيات في التعامل مع المخالفين والمنافسين.
لا شكّ في أهمية اللحظة السياسيّة التي تعيشها بلادنا والمرتبطة أساسا بسباق انتخابي رئاسي وتشريعي مليء بالتطلعات ورغبات الفوز ومُثقل بالتخمينات والحسابات، ولكن لا يجب أن يكون كلّ ذلك مدخلا لافساد العمل السياسي وقطع الثقة في القضاء العادل وفسح المجال من ثمّ للفوضى ومنطق الضرب تحت الحزام والتخلي عن كلّ الضوابط والمبادئ على قاعدة الغاية تبرّر الوسيلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.