في أحد الأيام، اتصل بي الفريق عبد الجبار الأسدي، وطلب مني المجيء فورًا إلى قيادة الفيلق في المنصوريّة. وفي مدخل الفيلق كانت مجموعة من حرس الرئيس، وعندما دخلت غرفة القائد كان الرئيس وقائد الفيلق، والعميد الركن كامل عبد اللطيف العزاوي عضوالمكتب العسكري وقائد الفرقة المدرعة التاسعة التي حلت محل الفرقة المدرعة السادسة التي تحرّكت إلى القاطع الجنوبي. أبدى الرئيس رغبته في زيارة قطعات الفرقة في الجبهة فركبنا عجلة لاندكروزر رباعية الدفع، ولما أراد العميد الركن كامل أن يقودها قال .« في الطرق الوعرة كما في المواقف الصعبة أتولّى أنا القيادة » وحكى الرئيس عن حادثة نزول اضطراري لإحدى السمتيّات التي كان يتنقل بها قرب الجبهة مع وزير الدفاع الفريق عدنان خير الله ومرافقيهما. وكان نزول الطائرة في الأرض الحرام في أحد قواطع الجبهة الجنوبية. قال الرئيس« امتددنا، وتناولت بندقية برنوكان يتسلح بها أحد المرافقين »فترجّاه وزير الدفاع بأن لا يتكلَّف ويحمل هوالبندقية فردَّ عليه فريق عدنان في المواقف الصعبة أتولّى أنا حمل السلاح» وهي سمة الشجاعة التي كان ، يتصف بها (رحمه الله). واستُدرك هذا الموقف الخطر بسمتيّة أخرى وصلت وأقلّتهم إلى خارج المنطقة. ثم أكمل نحن الآن في زيارة إلى الجبهة والطريق جبلية وغير ممهدة. أنا من يتولّى قيادة العجلة. كان الرئيس يقود . وإلى يمينه يجلس قائد الفيلق، وفي الخلف جلستُ أنا والعميد كامل عبد اللطيف.وفي الطريق تحدث الرئيس عن فكرة تشكيل ألوية المهمات الخاصّة، فقال: هنا، كما في القاطع الجنوبي كانت المعارك التي شنّها العدوبفرق الحرس الثوري (حرس الخميني) أكثر شراسة من تلك التي تنفذها قواته النظامية، وذلك لكون المنتسبين إليها من المؤمنين بالثورة والسلطة الدينية لقائدها الخميني، فلماذا لا نقوم نحن بعمل مشابه ونشكل ألوية نسميها ألويةالمهمات الخاصّة، تتألف من متطوِّعي كوادر الحزب وأعضائه، وكل لواء يضمّ 960 مقاتلًا موزّعين على ست سرايا ومسلحين بالأسلحة الخفيفة وقاذفات(RBG) الآر بي جي، ويقود اللواء وسراياه الست ضباط من الجيش. وسكت بانتظار آرائنا فأثنى الفريق قائد الفيلق على الفكرة، وتبعه العميد كامل، وفي المرآة الأمامية للعجلة لمحته ينظرُ إليّ وفي المرآة شاهدته وهويقطب عينيه. فقلت « إني لا أتفق مع هذه الفكرة سيدي الرئيس » وقال،« لماذا؟ »، فقلت لعدد من الأسباب سيدي وأولها طبيعة شعبينا، فالشعب الإيراني مطيع ومنفذ خصوصًا أولئك الذي يؤمنون بالخميني وكيلًا لأئمة آل البيت وجُلّهم من القرويين والمعدمين الذين لا يعني بقاؤهم أوذهابهم شيئًا كثيرًا بالنسبة إليه وإلى بلد مثل إيران. أما العراقي فهوبطبيعته صعب المراس ومتشكك وليس من السهولة إقناعه ويبحث عن حجج وبراهين كي يقتنع. والسبب الثاني حرسهم متطوِّعون من ملايين الفلاحين والجهلة وألويتنا ستكون من نخب وخميرة الحزب والدولة، وهم يعدون بعشرات الآلاف لا أكثر، ومعظمهم من حملة الشهادات والأساتذة، والمديرين وموظفي الدولة، فإذا خسرناهم فمن الصعب تعويضهم. لقد كان صدام يريد أن يحارب العدوبذات الآليات والخطط التي يرسمها، وفعلا كانت تلكك الخطط كثيرا ما نجحت في إفشال الهجومات الإيرانية، مثل عملية الفجر التي نفذتها قوات الحرس الثوري في فجر12 ديسمبر 1981، حيث تمكنت قوات الجيش العراقي من دحر الإيرانيين وإعادتهم خائبين. كانت الحرب الدائرة بين العراقوإيران، تنتشر أخبارها في كل الدول العربية، وكانت بعض الدول قد قررت خوض المعركة إلى جانب العراق فأرسلت فرقا عسكرية وأسلحة، لدعم الجيش العراقي، فتحولت الجبهات إلى ساحات تمتزج فيها دماء الوحدة التي لم تكتمل. يتبع