في 1 أفريل 1980 تعرَّض نائب رئيس الوزراء وزير الإعلام طارق عزيز لمحاولة اغتيال في الجامعة المستنصرية، فجرح وقتل ثلاثة، أحدهم إيراني، قالت الحكومة إنه منفذ العملية، وفي 6 أفريل 1980 سحب الإيرانيون جميع دبلوماسييهم من العراق في إثر إنذار العراقلإيران بسحب قواتها من الجزر العربية الثلاث أبوموسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى في رأس الخليج العربي. وفي 20 أفريل 1980 ، أعلن الخميني أن صدام قتل الصدر وأخته بنت الهدى، ودعا الجيش العراقي إلى الثورة على صدام. إذًا لم يعد خافيًا من هي الجهة المقصودة بالتحضيرات التي تطرّق إليها مؤتمر وزارة الدفاع لقادة الفيلق الأول وفرقه وقياداته، والتي تحققت في الأشهر المقبلة. وفي الأيام المتبقية من الشهر الخامس كنا في سباق محموم مع الزمن للتهيؤ ووضع المناهج وخطط التدريب للوحدات والتشكيلات للبدء بها. وفي 4 سبتمبر 1980، أعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة العراقية أن الإيرانيين يقصفون البلدات والمنشآت النفطية الحدودية بالمدفعية الثقيلة. وفي الأيام التالية تبادل الجانبان الضرب بالمدفعية وأشرك الإيرانيون قوتهم الجوية وأُسقطت إحدى طائراتهم وأُسر قائدها. بعدها قامت قوات عراقية باستعادة أراضٍ عراقية كان يُفترض إعادتها إلى العراق، وفق « اتفاقية الجزائر » التي وقِّعت في عام 1975 . شنّت الفرقة المدرعة السادسة والفرقة الآلية الأولى سلسلة من الهجمات في الثامن عشر من ذات الشهر، فاستعيدت مناطق زين القوس، وسيف سعد، وسيف أبوعبيدة شرق مدينتي خانقين ومندلي، وفي يوم 22 سبتمبر 1980 اندفعت القوات العراقية في العمق الإيراني بعد ضربة جوية شاملة، بأوامر من الرئيس صدام حسين. وقد تردّد كثيرٌ من الكلام والتحليلات وبعضها لأشخاص ومحلِّلين متخصصين بالعلاقات والسياسات الدولية عن قيام بعض القوى الكبرى بتحريض العراق على شن الحرب على إيران، كما ادّعت إيران أن صدام حسين عميل الشيطان الأكبر الذي حرّضه على محاولة وأد الثورة الإسلامية في إيران، والواقع أن صدام حسين لم يستشر أيٍّا من تلك الأطراف الدولية التي فوجئت بالضربة الجوية الشاملة والاندفاع الواسع للقوات العراقية إلى العمق الإيراني. ويروي رئيس رابطة الدبلوماسيين الروس والسفير السابق للاتحاد السوفياتي في الكويت بافل آكوبوف أن الاتحاد السوفياتي كان قد قطع تصدير الأسلحة إلى العراق فور نشوب الحرب، وأُعيدت بواخر محملة بالأسلحة والمعدات العسكرية من الخليج العربي إلى روسيا على الرغم من أن العراق كان قد دفع ثمنها، ولم يُعَد توريد أسلحة سوفياتية إليه إلا بعد انسحابه إلى حدوده الدولية في عام 1982. كما نفى كاري سيك مساعد مستشار الأمن القومي زبيغنيوبريجنسكي (في إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر) أن أمريكا قد أعطت ضوءًا أخضرَ للعراق لبدء الحرب، ونفى وجود أي تنسيق مع العراق في شأن هذه الحرب، وقال الواقع إذا كنا قد فعلنا شيئًا فهوالعكس تمامًا، لأننا كنا في تلك الأيام نحاول أن نبدأ علاقات مع الحكومة الثورية في إيران، وفعلًا قمنا بإرسال مبعوثين إليهم لإبلاغهم أن صدام كان يحشد قواته ضدهم. كان العراقيون يخوضون حربهم دون أي سند عربي أودولي، ومع ذلك فلم ينته شهر سبتمبر حتى كان بواسل الجيش العراقي وبتوصيات مباشرة من الرئيس صدام حسين، يسيطرون على مناطق في عمق التراب الإيراني، وكانت مقاومة الحرس الثوري الإيراني ضعيفة، حتى أنها كانت سرعان ما تترك مواقعها أمام الكثافة النارية العراقية، وكانت المفاجأة بالنسبة للجنود أن يجدوا الرئيس والقائد العام للقوات المسلحة يتقدمهم في جبهات القتال. يتبع