تزداد حدة التوتر يوما بعد يوم بين حلف المقاومة والكيان الصهيوني، متّخذة ابعاد الحرب الشاملة التي ستكون مكلفة جدا خاصة للكيان الذي بدأ يحشر في الزاوية على جميع الجبهات. ثلاثة تطورات عسكرية هامة شهدتها المنطقة" الساخنة" بين المتخاصمين في اليومين الماضيين وهي على درجة كبيرة من الاهمية العسكرية والاستراتيجية التي ستغيّر اساليب المواجهة في أي حرب مقبلة بين الطرفين. التطور الأول والأهم هو اعلان حزب الله بعد اسبوع من المواجهة القصيرة مع الكيان الصهيوني عن اسقاط طائرة مسيرة للاحتلال اخترقت الأجواء اللبنانية وهو اجراء وعد به نصرالله سابقا وها هو ينفّذه. التطور الثاني تمثّل في نجاح المقاومة الفلسطينية في إرسال طائرة مسيرة ذات قدرات هجومية إلى داخل الأراضي المحتلة عام 1948، واستهداف آلية عسكرية بجسم متفجر وهو ما أدخل الرعب في الاحتلال لأنه جديد وعلى قدر كبير من الخطورة. وهو ما جعل الاحتلال يخشى كثيرا من الحوامات والمسيرات التي تمتلكها المقاومة والتي يمكنها استهداف مناطق حساسة عسكرية أو آبار الغاز الموجودة داخل البحر الأبيض المتوسط قرب القطاع. أما التطور الثالث فكان اعتراف بيان صهيوني رسمي بإطلاق منظمة قال انها «مجهولة» ومرتبطة بفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني عدة صواريخ باتجاه الكيان المحتل من قاعدتها في جنوبدمشق، وزعم البيان انها لم تصل الى أهدافها. هذه الاحداث الثلاثة التي هي على قدر كبير من الاهمية في المواجهة بين الطرفين تحيل بدورها الى ثلاثة اشياء مهمة اولها ان الحرب اصبحت حرب طائرات مسيرة بالدرجة الاولى لنجاحها وفاعليتها وقلة تكلفتها. ثانيا ان محور المقاومة اصبح يتحرّك بطريقة موحّدة مما يعطي انطباعا على ان المواجهة لم تعد مع طرف فقط بل ستكون مع الجميع ولا يمكن الاستفراد مجددا بأحدهم كما كان يصير مع قطاع غزة. ثالثا والاهم هو ان الكيان الصهيوني اصبح محاصرا بصواريخ المقاومة من قطاع غزة الى جنوبلبنان الى الجولان المحتل وربما الحشد الشعبي العراقي لاحقا وهو ما يعني عودة نبوءة نهاية الكيان الصهيوني الى الواجهة. ويبدو أن الأساس المنطقيّ الاستراتيجيّ الذي تقوم عليه استراتيجية حلف المقاومة، هو من خلال تطويق الكيان الصهيوني بالبنية التحتيّة العسكريّة على طول حدودها الشمالية والجنوبية. وهو ما يعني ان اي مواجهة مقبلة بين الطرفين ستكون اساسا قائمة على حرب الاستنزاف مما سيقوّض العقيدة الأمنية للكيان ويجعله يتخلى عن سياسة الاحتواء القائمة على الاعمال الانتقامية. كما أن باستطاعة محور المقاومة أن يعطِّل الروتين العاديّ للدولة اليهوديّة في أيّ لحظةٍ، ويجعل منها قلعة محاصرة ومعزولة قد يكون مصيرها شبيها بمصير اسطورة قلعة «ماسادا» التاريخية. ولا شك ان الكيان الصهيوني يعيش اليوم واقعا جديدا يسوده القلق غير المسبوق، لذلك نرى نتنياهو يهرع مرعوبا الى بريطانيا ثم الى موسكو لتهدئة الاجواء قبل الموعد الانتخابي الذي سيحدد مصيره.