وُلد فرانسيسكو فرانكو يوم 4 ديسمبر 1892 في إقليم غاليسيا بإسبانيا لأسرة متوسطة الحال، فقد كان أبوه محاسبا في البحرية الإسبانية كما كانت أمه تعمل فيها، فشغف الابن بالبحرية وحياة الجندية. أخفق فرانكو في الالتحاق بالمدرسة البحرية عام 1907، فتوجه إلى مدرسة المشاة بمدينة طليطلة وتخرج فيها عام 1910 برتبة «ملازم». تولى فرانكو إدارة المدرسة العسكرية في سرقسطة ببلاده، لكن هذه المدرسة أُلغيت في عهد الجمهورية الثانية 1931 فانتقل إلى العمل في الحاميات العسكرية بجزر البليار. وفي 1935 عُين قائدا للأركان في مسعى لإصلاح المؤسسة العسكرية لكن خسارة معسكر وزير الدفاع للانتخابات أبعدته مجددا إلى جزر كناريا ليكون قائدا للحامية العسكرية هناك. في جويلية 1936، قاد ضباط موالون للملكية انقلابا عسكريا على الاشتراكيين المناصرين للجمهورية فاندلعت الحرب الأهلية في إسبانيا. وبادر فرانكو إلى إصدار بيان مؤيد للانقلاب. احتدمت المواجهة بين الفريقين، وقررت اللجنة العسكرية للدفاع تسمية فرانكو رئيسا للحكومة في أكتوبر 1936، وبحلول فيفري 1938 أضاف إلى هذا اللقب لقبي رئيس الدولة وقائد أركان الجيش. وفي 28 مارس 1939 دخل مدريد منتصرا مستفيدا من دعم ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية، وتجنيد واسع في صفوف المغاربة خاصة بمنطقة الريف. خلال الحرب العالمية الثانية قرر فرانكو التزام الحياد في بادئ الأمر، لكن قناعته بنصرِ الحلفاء جعلته يلتقي الزعيم الألماني أدولف هتلر عام 1940، وقرر عقب ذلك احتلال مدينة طنجة المغربية الخاضعة حينها لوضع دولي، ثم أرسل في 1941 وحدات قتالية لمحاربة الاتحاد السوفياتي على الجبهة الشرقية. ومع تبدل موازين القوى اعتبارا من 1942، بادر فرانكو إلى العودة إلى الحياد، فأخلى مدينة طنجة ورفض عبور القوات الألمانية إسبانيا للتوجه إلى أفريقيا، لكن ذلك لم يشفع له. إذ في عام 1946 دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة بإيعاز من الاتحاد السوفياتي- الدول الأعضاء إلى سحب سفرائها من مدريد فدخلت إسبانيا عزلة دولية استمرت إلى الخمسينيات. رأت الولاياتالمتحدة في قوة نظام فرانكو والاستقرار السياسي بإسبانيا عاملا يُؤهل البلد ليكون قلعة من قلاع مواجهة الشيوعية، فأجرت اتصالات بفرانكو كانت نتيجتها قبوله بإقامة قواعد عسكرية أميركية عام 1953، وعادت إسبانيا إلى نادي الأمم العالمية عام 1955. أقام فرانكو نظاما سياسيا استبداديا قائما على الحزب الواحد، وألقى بخصومه في السجون والمنافي، لكنه بدأ ينفتح على معارضيه اعتبارا من 1965، وفي عام 1969 قبل تسمية خوان كارلوس دي بوربون وليا للعهد، وقبل بقدومه إلى إسبانيا من منفى العائلة في إيطاليا. ومع نهاية حقبة حكم فرانكو، كانت الطبقة الوسطى الإسبانية متسعة كما كان التعليم في وضع جيد في عمومه. وهذه العوامل مجتمعة، أسهمت بشكل حيوي في عودة إسبانيا السلسة إلى الملكية الدستورية والديمقراطية مباشرة بعد وفاته.