وسط أجواء «سَاخنة» يقوم المدير الفني الجديد للترجي كمال القلصي بإصلاحات «مُوجعة» ليدفع الأصناف الشّابة نحو تحقيق المُعادلة الصّعبة وهي تعزيز ثقافة التتويجات والحُصول على التكوين الصّحيح لتَقتلع المواهب الصّاعدة في مرحلة مُوالية مكانا ضمن الأكابر وتساهم في صُنع الأفراح وتقليص النّفقات المرصودة للإنتدابات الخَارجية. وفي الحوار التالي يؤكد القلصي أنه سعيد بالإنتماء للعائلة الترجية ويُشدّد على أن قراراته قد تكون «مُؤلمة» وقد تصطدم بأصوات الرّفض لكنّها ستنفع الجمعية على المدى القريب والبَعيد. بعد أسابيع من تعاقدك مع الترجي كيف تُقيّم الأوضاع العامّة في فرع الشبان؟ لقد تسلّمت مَهامي بصفة رسمية في الأيام الأولى من شهر جويلية. وكان لِزاما على الإدارة الفنية أن تقوم بتشخيص دقيق لتحديد النقائص تمهيدا لمعالجتها فضلا عن ضبط المكاسب المُنجزة والعَمل على تدعيمها. وقد تضمّن التَقرير العديد من النقاط المُضيئة التي يمكن أن نختزلها في العناية المُشدّدة التي يحظى بها فرع الشبان من قبل إدارة الجمعية برئاسة حمدي المدب. كما أن كلّ مُمهّدات النجاح كانت مُتوفّرة حتى أنّه وقع تأمين بعض التجهيزات التي طالبنا بها في زمن قياسي من باب الحرص على إحداث النُقلة المنشودة في الأصناف الشّابة. وبالتوازي مع تلك الايجابيات توجد العديد من السلبيات والإخلالات التي وجب تداركها بصفة عَاجلة وبطريقة فاعلة. ما هي أبرز الإصلاحات التي شرعتم في تنفيذها؟ بعد تحديد مواطن الداء تحركنا بقوّة واتّخذنا جملة من القرارات التي نعلم عين اليقين أنّها ستساهم في إعادة ترتيب الإدارة الفنية وإحداث القفزة النوعية المأمولة في صنف الشبّان. وقد كانت البداية بإجراء غربلة واسعة النطاق في مُختلف الفئات العمرية ورفعنا شعار البقاء للأجدر والأنفع. وأسفرت هذه العملية عن ابعاد قرابة 60 لاعبا أثبت «الكَاستينغ» أن مُؤهلاتهم محدودة وليس بوسعهم بلوغ المُستويات العَالية وهو ما لا يَتوافق مع حاجات فريق كبير مثل الترجي الذي يَنتصر مسؤولوه للمنتوج الداخلي شرط أن يكون «كامل الأوصاف» ولا يقل شأنا عن العناصر المُتوافدة على الجمعية من تونس والخارج. ومن جهة ثانية بادرنا بتقليص عدد اللاعبين في كلّ صنف من الأصناف الناشطة صلب الحديقة وقد قُمنا بترسيم 22 لاعبا و4 حراس مرمى في كلّ فريق بعد أن كانت المجموعة الواحدة تُناهز 37 عنصرا. ومن المؤكد أن التقليص في عدد اللاعبين يجعل العمل المُنجز من قبل الإطار الفني أنجع وأنفع. في ظلّ هذه القرارات الصّارمة ألم تُواجه إدارتكم غضب الأولياء الذين وقع الاستغناء عن أبنائهم بتُهمة «ضعف الأداء»؟ الأولياء ركن أساسي في عملية تكوين الشبان ويعرف القاصي والداني حجم التّضحيات التي يقومون بها بهدف تأطير أبنائهم ودفعهم نحو النجاح. وتحرص الإدارة الفنية بمختلف مكوّناتها على مدّ جسور الودّ مع الأولياء والإنصات إلى مشاغلهم لكنّنا لا نسمح في المُقابل بالخوض في المسائل الفنية. وأعتبر شخصيا أن الجانب الفني من الخطوط الحمراء وأؤكد للمرّة الألف أن الإدارة الفنية أمرت بالتّخلي عن عدد من اللاعبين بعد الخضوع إلى سلسلة من الاختبارات وقد حاولنا قدر المُستطاع أن نُنصف الجميع. وندرك جيّدا أن هذه العملية كانت «قاسية» على البعض لكن مصلحة الجمعية تجعلنا أمام حتمية إنجاز هذه الغربلة مع مواجهة ضغوطات الأولياء اعتمادا على لغة الحوار. وقد تقبّل الكثيرون هذه الإبعادات لأنّهم يعرفون في قرارة أنفسهم بأنّنا لم «نظلم» أحدا هذا في الوقت الذي لم يهضم فيه البعض الآخر هذه القرارات. وفي كلّ الحالات ستبقى الإدارة الفنية مُنفتحة على كل الآراء ولن تتنازل في الوقت نفسه على تنفيذ الإصلاحات. هل من إجراءات أخرى في نطاق «العَملية الإصلاحية» داخل الحديقة «ب»؟ امتدادا ل»قضية» الأولياء نشير إلى أن الإدارة الفنية عاقدة العَزم على منع الاحتكاك مع مدربي الشبان لحاجة كلّ الفئات العمرية إلى العمل في كنف الهدوء وبمنأى عن التأثيرات الجَانبية. وسنرعى في الوقت نفسه حقوق الأولياء في مُتابعة نشاط أبنائهم عبر الجهات الرسمية للإدارة الفنية. وهُناك طبعا جُملة من الإجراءات الأخرى للنهوض بفرع الشبان. فقد أعدنا النظر أيضا في ملف الإطارات الفنية وقرّرنا إجراء بعض التعديلات الجُزئية على تركيبة المدربين لتحقيق الأفضل. كما أنّنا عالجنا ملف التعزيزات وقُمنا بإعادة هيكلة اللجنة الفنية المُختصّة في «رصد» المواهب اللامعة والصّاعدة وهُناك تركيز على جمعيات وجهات بعينها (أريانة - بن عروس...). ولم نغفل أيضا على استقطاب المَواهب الأجنبية التي تتوفّر فيها الشروط الفنية والقانونية اللاّزمة. وقد وجّهنا بوصلة الاهتمام كذلك نحو «الأكاديمية». وسيتمّ التركيز على الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و11 عاما ولا يُساورنا أدنى شك في أن «الأكاديمية» ستشكّل خزّانا مُهمّا لبقية الأصناف الشابة هذا فضلا عن دورها المالي (من المعلوم أن الإنتماء ل «الأكاديمية» يكون بمُقابل مادي). وماذا عن البِنية التحتية التي تبقى من أكبر العَوائق في الكرة التونسية؟ يُعلّق الترجي آمالا عريضة على مشروع المركّب الجديد. ومن المؤكد أن هذا المكسب الكبير سيجعل الفريق الأوّل يعمل في ظروف مُمتازة. كما أنه سيسمح للأشبال بإستغلال الحديقة «ب» دون «الإزدحام» المعهود بفعل كثرة التدريبات والمُباريات ولا يخفى على أحد أن فريقنا يُؤطر قرابة 700 لاعب (حوالي 300 في الأصناف الشابة و400 في «الأكاديمية»). وفي انتظار أن يتحوّل حلم المركب الجديد إلى حقيقة، نحاول الإشتغال بما هو موجود. كما أنّنا اعتمدنا على بعض الحلول البديلة على غرار استغلال الملعب الفرعي لجامعة كرة القدم على وجه الكراء. بمُجرّد الحديث عن الترجي تقفز إلى الأذهان البطولات والكؤوس فهل أن الأصناف الشابة تُراهن على الألقاب أم أن الأولوية للتكوين السليم؟ إن مسألة التتويجات من الثَقافات الرّاسخة والثابتة في الترجي. ومن الطبيعي أن تراهن كلّ الفئات العُمرية على الألقاب لكن حصد البطولات لا يعني شيئا إذا لم نُوفّق في تكوين اللاعبين بالطرق العلمية المُتعارف عليها مع تزويد الفريق الأوّل بعناصر مُمتازة وهو النَجاح الحقيقي للإدارة الفنية. وتجدر الإشارة إلى أن علاقتي رائعة مع مدرب الأكابر معين الشعباني ونشتغل في انسجام تامّ وينسحب الأمر نفسه على بقية الفنيين والمسؤولين على رأسهم المدير الرياضي العربي الزواوي. ماهي الأوراق التي تُراهن عليها للنّجاح في تطبيق «برنامجك»؟ أراهن أوّلا وقبل كلّ شيء على الثقة التي منحني إياها رئيس الجمعية حمدي المدب. وأعتمد طبعا على مَعارفي الواسعة بأجواء الإدارة الفنية خاصّة أنّني اشتغلت في النجم والإفريقي وصولا إلى الترجي. وأراهن بقوّة على كفاءتي التي يشهد بها القَريب والغَريب. ويكفي أن نشير في هذا السياق إلى أنّ الاتحادات الدولية منحتني مؤخرا صفة «مكوّن المُكونين للنخبة» وهذ الامتياز لا تَتمتّع به سوى ثلاثة إطارات في كامل افريقيا. تركيبة الإدارة الفنية للترجي المدير الفني: كمال القلصي مُساعدا المدير الفني: المنصف بن حسن - هيثم الرويسي المدير الرياضي: العربي الزواوي الآمال: عاطف السوقي - حكيم نويرة الأواسط: وجدي بوعزي - لطفي رفراف الأصاغر «أ»: رفيق الرويسي - نادر الفقيه الأصاغر «ب»: غسّان بوشارب - أحمد لطرش الأداني «أ»: قيس الحساني - عزيز العياشي الأداني «ب»: مروان العقربي - حمدي بن عبد الله المدارس «أ»: أحمد زكري - عمر الدريدي المدارس «ب»: هادي مُمتاز - نجم الدين شمام (القسم1) : سفيان بوقرة - غيث عياري (القسم2)