قد لا يختلف اثنان في أن الفئة العمرية الأقلّ من 20 سنة هي أهم الشرائح في المجتمع وذلك نظرا لاستعداد هذه الفئات الفطري للتكوين والتقويم. والرياضة هي أحد المجالات التي تقوم أساسا على صنف الشبان (رغم أن الظاهر يوحي بأهمية الكبار وتفوّقهم). وتجدر الإشارة إلى أن أغلب الأسماء اللامعة في هذا الميدان صعدت من فروع الشبان على غرار يوسف المساكني وخالد العياري وحمزة العقربي وأحمد العكايشي محترف بأنقلشتاد الألماني ووسام بن يحيى محترف بمارسن التركي. ورغم أهمية هذه الأصناف في مختلف الرياضات فإنها لا تلقى العناية الكافية إذ أن العشرين بالمائة من منحة الوزارة والجمعيات والمؤسسات العمومية المخصصة للنوادي لا تكفي لتلبية الحاجيات الأساسية لهذه الأصناف، فكيف يكون الحال وبعض النوادي تحرم شبّانها حتى من هذه النسبة كاملة وتحوّلها لفائدة الأكابر؟ «التونسية» اتصلت بعديد النوادي لكشف النقاب عن موضوع المنحة المخصصة لصنف الشبان في النوادي فكان التحقيق التالي: علي الوريمي (رئيس الترجي الجرجيسي): «20 % ما تكفيش» تعوّل العديد من النوادي على أصناف الشبان فلا تبخل عليهم سعيا منها لتكوين عناصر تنفعها مستقبلا. «20٪ ما تكفيش، هكذا استهلّ السيد علي الوريمي رئيس جمعية الترجي الجرجيسي حديثه مضيفا: «هذه النسبة الضئيلة تقدّر بحوالي 100 ألف دينار من 500 ألف دينار منحة للنادي، وهي لا تكفي لمصاريف التنقل وتجهيزات الشبّان خاصة أن أغلب مبارياتنا خارج الديار وتحتاج إلى مصاريف كثيرة». ويضيف السيد الوريمي: «نحن نضطرّ صراحة إلى استغلال نسبة من المنحة المخصصة للأكابر فتتجاوز منحة الشبان 30٪ كما أننا لا نضغط على مصاريف الشبان إذ نوفر لكل صنف مدربين إضافة إلى مدرب حرّاس مرمى، كما أننا نعمل حاليا على إنجاز مشروع يتمثل في مركز تكوين شبان تكلفته الجملية في حدود المليار والنصف». ويختم السيد علي الوريمي حديثه قائلا: «قد تكون مصاريف أصناف الشبان كثيرة لكنها تمثل «تحدّيا» لتكوين عناصر شابة تعوّل الجمعية على مردودها مستقبلا». فاتح العلويني (رئيس الشبيبة): «لا نبخل على الشبان.. لكن العِمدة على الأكابر» ويقول السيد فاتح العلويني رئيس الشبيبة القيروانية: «القانون ينصّ على ضرورة تخصيص 20٪ من منحة الدولة والجمعيات والمؤسسات العمومية لفائدة الشبان وطبقا لذلك تم صرف سنة 2010 حوالي 206 آلاف و692 دينار لجميع أصناف الشبان وهو ما يضاهي 36٪ من 526 ألف دينار من المداخيل المتأتية من الجامعات العمومية والولاية والبلدية ومصنع التبغ بالقيروان». ويضيف السيد فاتح العلويني: «أما في 2011 فقد قدّرت مداخيلنا ب 536 ألف دينار وصرفنا منها حوالي 137 ألف دينار على أصناف الشبان أي حوالي 23٪ وفي كل الحالات نسبة 20٪ غير كافية لذلك نضطرّ للترفيع فيها، لكن هذا لا يعني أننا نضغط على مصاريف الأكابر «فالعِمدة عليهم» إذ أن هزيمة الأكابر «تطيّح الجمعية» والعكس غير صحيح للشبان». السيد أحمد البلي (رئيس الاتحاد المنستيري): «نحن نزيد عليها» وفي الإطار نفسه يؤكد السيد أحمد البلي رئيس الاتحاد المنستيري أن 20٪ غير كافية لتغطية مصاريف الشبان، إذ يقول: «المنحة المخصصة للنادي تقدّر بحوالي 100 ألف دينار أي أن 20 ألف دينار هي المنحة المخصصة للشبّان وهي لا تكفي لتغطية مصاريفهم المختلفة لذلك نضطر للضغط على نفقاتهم التي تتجاوز 25٪ علّنا نوفق في تكوين لاعبين شبان يعودون بالنفع على الجمعية وعلى أنفسهم». السيد ماهر بن عيسى (رئيس مستقبل المرسى): « دورات تكوينية بدل البطولة» ولأن المستقبل الرياضي بالمرسى من النوادي التي تعتني بأصناف الشبان وتوليهم الاهتمام الأكبر، تحدثنا إلى رئيسها السيد ماهر بن عيسى الذي قال: «لو بحثنا عن المنحة المخصصة للشبان من ضمن منحة الوزارة وهي العشرون بالمائة فستكون في حوالي 40 ألف دينار وهي طبعا لا تساوي مقارنة بالنفقات الأساسية لشبّان مستقبل المرسى، فمصاريف التنقل وحدها تقدّر بحوالي 50 ألف دينار، لذلك فإن أكاديمية الشبّان ومركز التكوين هما العائدان الأساسيان لمداخيل هذه الأصناف حيث أن أكاديمية كرة القدم توفر حوالي 80 ألف دينار سنويا من مداخيل صنف الشبّان». وكمقترحات للتخفيض من مصاريف هذه الأصناف يقول السيد ماهر بن عيسى: «يجب في مرحلة أولى تقليص التنقل البعيد ومن ثمّ توفير مدير فني مجاني تدفع أجرته الوزارة إلى جانب رسكلة المدربين بصفة دورية ومجانية». ويضيف السيد ماهر بن عيسى: «أنا كذلك أقترح إلغاء بطولة تونس للشبان لأنهم أساسا في فترة تكوين ولا يهمّ صراحة الفوز أو الهزيمة لذلك من الأفضل تعويض البطولة بدورات تحضيرية، كما يجب فصل منظومة تمويل الشبان عن منظومة تمويل الأكابر وتقديم هذه المنحة في شكل تجهيزات وغيرها». وهكذا ورغم قلّة الإمكانيات المادية المخصصة لأصناف الشبّان فإن عديد النوادي تولي عناية كبرى لمواهبها الشابة وقد يعود ذلك إلى عدم قدرة هذه النوادي على شراء لاعبين من فرق أخرى، كما أن تكوين الشبّان يساعد هذه النوادي في التفريط فيهم مقابل مبالغ مالية تساعدها في تغطية مصاريفها. وتجدر الإشارة إلى أن بعض النوادي وبعض رؤساء فروع الشبّان رفضوا الحديث ل«التونسية» عن هذا الموضوع وقدّموا تعلاّت غير مقبولة أصلا وشكلا. ولسائل أن يسأل ما الغاية من ذلك؟! وبعد هذا يكيلون للإعلام التهم بالتعتيم وإخفاء الحقائق؟