يعتبر الدور الأول من الانتخابات دور الإقصاء أي إقصاء كل من لا يرغب فيهم الناخبون والدور الثاني للاختيار من ضمن المتبقين لكن اليوم لدينا مرشح اختاره الشعب لكن مازال مقصيا من قبل السلطة. تونس- الشروق: مثلت تلك القاعدة أساسا للانتخابات الرئاسية في فرنسا خاصة حيث يسمى الدور الأول من الانتخابات دور الإقصاء في حين يكون الدور الثاني دور الاختيار بين المرشحين المتبقيين لكن في تونس هناك قاعدة جديدة في الانتخابات الرئاسية تتداخل فيها السلطة القضائية بالقوى السياسية لتفرض واقع الشعب يختار والأحزاب تقصي. لقد مثلت قضية نبيل القروي رئيس حزب قلب تونس سابقة في تاريخ تونس وكان يمكن ان تقرأ من ناحية ايجابية اذا ما تم وقف التلاعب السياسي بسير الانتخابات واكتفينا بالقول ان لكل مواطن الحق في حقوقه التي يكفلها له القانون لكن لا احد فوق القانون. قدمت قضية نبيل القروي العديد من المؤشرات على تسييس الملف والتلاعب به من أجل اقصائه من الانتخابات الرئاسية وربما التشريعية أيضا لما سيكون لايقاف رئيس الحزب من أثر على التصويت لفائدة قائماته ولعل اول تلك المؤشرات هو توقيت تحريك الملف في القطب القضائي المالي والذي وجهت اليه الكثير من الانتقادات. والى جانب توقيت تحريك الملف الذي كان مرميا في الرفوف لأشهر هناك معطى آخر جعل الكثيرين يؤكدون ان التسييس موجود دون شك وهو كيفية اصدار بطاقة الايداع في السجن في حق المترشح وكيفية تنفيذها فبمجرد امضائها تم ايقاف نبيل القروي دون المرور الى الاجراءات المعهودة والتي تستغرق وقتا اطول مما شهدناه في هذا الملف وربما هي تذكرنا بعملية ايقاف برهان بسيس. اليوم وبعيدا عن هذا المسار "القضائي" الذي لم يقبل بتمكين القروي من حقه في خوض الانتخابات وهو حر طليق واصدر في حقه بطاقة ايداع رفضت كل الجهات القضائية الاخرى رفعها بتعلة عدم الاختصاص وكان من ادخله السجن رمى المفتاح في مكان مجهول، اليوم وبعد مروره الى الدور الثاني اصبح السؤال الاول لماذا لا يتم الافراج عنه؟ المتهم بريء حتى تثبت ادانته ونبيل القروي لم تثبت في حقه أي تهمة الى اليوم فليس هناك أي حكم قضائي يدينه لكن في المقابل طبقت عليه مقولة مغايرة تماما "أنت متهم حتى يثبت العكس"؟ وهو ما يؤكد مرة اخرى وجود دافع سياسي في عملية الابقاء عليه في حالة الاعتقال تلك بالرغم من ان المتهم بادخاله الى السجن خرج من السباق الانتخابي ولم تعد له مصلحة انتخابية في بقائه الا ان كان يريده ان يغادر هذا السباق نهائيا. ولعل تلك الوضعية طرحت اشكاليات وأسئلة اخرى ومنها كيف سيواصل منافس نبيل القروي حملته الانتخابية في ظل غياب المنافس وتواصل منعه من حقوقه باستعمال القضاء؟ وكيف ستجرى المناظرة الانتخابية للدور الثاني التي ينتظرها كل التونسيين على احر من الجمر بحكم انها ستكون مناظرة حقيقية بين المتنافسين في الدور الثاني؟ وثالثا كيف سيكون الموقف في حالة فوز نبيل القروي في الانتخابات الرئاسية وقد اجمع رجال القانون على انه سيكون مأزقا حقيقيا لا حل له في القانون التونسي؟ كثيرة هي الأسئلة التي فرضها الدور الأول من الانتخابات الرئاسية وسبق ان نبهنا الى اكثرها لكن الى الآن لم يتغير شيء وكان القائمين على القضاء التونسي ليست لهم أدنى سلطة على القضاء وكأنهم بالفعل بصدد تطبيق قانون جامد في حين انه هناك اختلاف حتى في ما بينهم في تقدير الوضع الذي تمر به البلاد وكيفية التعامل مع ملف القروي. كان يمكن أن يكون إيقاف نبيل القروي منطقي قبل إعلانه الترشح للانتخابات الرئاسية وتقدمه في كل نتائج سبر الآراء طالما أن تعلقت به قضايا حسب التهم الموجهة إليه حتى لا يصل الوضع إلى المأزق الذي نحن فيه والذي وصفه أستاذ القانون الدستوري عياض بن عاشور بالسابقة التاريخية ولن يوجد لها مثيلا. كما أنه في حال تواصل إيقاف نبيل القروي فإن النتيجة النهائية للانتخابات في دورتها الثانية ستكون محل تشكيك. اليوم اصبحت مصداقية الانتخابات في تونس مهددة والغريب ان كل الاطراف ترفض حل هذا الاشكال من الهياكل القضائية وصولا الى هيئة الانتخابات التي هي الضامن الدستوري والقانوني لنزاهة الانتخابات وتكافؤ الفرص بين كل المترشحين واخيرا رئاسة الجمهورية والبرلمان فكأن الوضع القائم لا يخيفهم ولا يمثل اي تهديد لمستقبل الانتقال الديمقراطي الهش بطبعه. فيصل الجدلاوي .. الإيقاف قرار سياسي ولا بد أن ينتهي قال المحامي والناشط الحقوقي الأستاذ فيصل الجدلاوي انه لابد من مراجعة قرار ايقاف نبيل القروي بما انه كان قرارا سياسيا وتدخلا في السلطة القضائية واغتصابا للحقوق والحريات. وقال الجدلاوي في حديث مع "الشروق" انه "لابد ان يتراجع القرار نظرا لأنه مترشح للانتخابات في منافسة مع المترشح الثاني وهو قيس سعيد، المنطق يتطلب تطبيق مبدأ تكافؤ الفرص حتى تكون الانتخابات نزيهة وشفافة ". وتابع "من الناحية الإجرائية تحدثنا عن ان الإجراءات التي تم إيقافه بها كانت إجراءات مخالفة للقانون وبالتالي فان نبيل القروي مازال يتمتع بقرينة البراءة وتم التحجير عليه من السفر ولا يخشى من بقائه في حالة سراح أي خطر على الأمن الاجتماعي". وختم الأستاذ فيصل الجدلاوي بالقول ان "قرار إيقافه هو قرار سياسي وبما انه كذلك كان فيه اغتصاب للحقوق والحريات وتدخل في السلطة القضائية". سامي بن سلامة .. من غير المعقول تواصل اعتقال احد المترشحين قال الأستاذ سامي بن سلامة العضو السابق في هيئة الانتخابات انه قبل الحديث عن دور ثان من الانتخابات الرئاسية لابد من المطالبة بالافراج عن المترشح المعتقل لأسباب لا علاقة لها بالتهم الموجهة اليه، حسب قوله. واوضح قائلا "نزاهة وشفافية الانتخابات حسب مقتضيات الفصل 2 من القانون عدد 23 لسنة 2012 المؤرخ في 20 ديسمبر 2012 المتعلق بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات الذي يفرض على الهيئة السهر على ضمان انتخابات نزيهة وشفافة وضمان المعاملة المتساوية بين جميع الناخبين والمترشحين وجميع المتدخلين خلال العملية الانتخابية وفق مقتضيات الفصل 3 فقرة 4 من نفس القانون". وتابع " مراقبة الالتزام بقواعد الحملات الانتخابية ووسائلها المضبوطة بالتشريع الانتخابي وفرض احترامها طبق القانون بالتعاون مع الهياكل العمومية وفق مقتضيات الفقرة 13 من الفصل 3 المذكور، ليس من المعقول بعد ثورة وانتقال ديمقراطي واكثر من موعد انتخابي نفسح المجال لمرشح واحد لكي يفوز في جميع الحالات في الدور الثاني ونعود إلى منطق المرشح المعجزة ونقصي المنافس الثاني الذي فاز برضى جزء كبير من الشعب رغم كل ما قالوه عنه". وكنتيجة لذلك اعتبر محدثنا انه "لابد أولا وقبل الحديث عن دور ثان المطالبة بإطلاق سراح المرشح المعتقل لأسباب ليس لها علاقة بالتهم الموجهة ليه وتمكينه من إدارة وتنظيم حملته الانتخابية للرئاسية والتشريعية بما أنه رئيس حزب". وأضاف "لابد من مطالبة هيئة الانتخابات لكي تضغط هي أيضاوتهدد بتأجيل الدور الثاني إلى حين تحقيق مبدأ المساواة بين المترشحين".