لا تخلو المنابر الإعلامية مؤخرا من تواتر الحديث عن صفقة شراء حافلات مستعملة، يُشير البعض إلى أنها مجرّد «خردة»، أُهدر في سبيلها المال العام، ويحمّلون المسؤولية للشركة الوطنية للنقل بين المُدن، في حين يعتبر الرئيس المدير العام للشركة كريم الدواس، أن أغلب من يتم ترويجه لا علاقة له بالحقيقة. تونس (الشروق) مسؤولية الشركة في صفقة شراء الحافلات، من يُحرّك هذا الملف من داخل الشركة ومن خارجها، حقيقة حالة الحافلات التي تم اقتناؤها .. ملفات يُجيب عنها الرئيس المدير العام للشركة الوطنية للنقل بين المدن ،كريم الدواس، في الحوار التالي: يتحدث إعلاميون وسياسيون عن شبهات فساد في الشركة الوطنية للنقل بين المدن، وتتعلق هذه الشبهات أساسا في صفقة لشراء حافلات، ما مدى دقّة ما يتم ترويجه ؟ هذا الملف أخذ الكثير من الوقت وأصبح مادة يؤثث بها عدد من السياسيين خطاباتهم، والاشكال في أن منطلقاتهم ليست المصلحة الوطنية بقدر ماهي أهداف شخصية، وما زاد في تضخيم هذا الملف أن ما يسعى إليه بعض السياسيين يلتقي مع مصالح مادية لأناس داخل المؤسسة . توضيحا لكل ما تم ترويجه، يجب أن نؤكّد أن الصفقة جاءت في سياق شراء حافلات مستعملة، ونصيب الشركة منها 50 حافلة . تم إصدار طلب عروض مرة أولى و ثانية و لم يكن مثمرا، نظرا لخصوصية الحافلات التي يتم استعمالها في النقل بين المدن، وبالتالي مكّنت اللجنة العليا للصفقات ،وزارة النقل من استكمال المشوار بالتفاوض المباشر وكان ذلك في 21 افريل 2016، في حين تم تعيين في 11 افريل 2016 في منصب رئيس مدير عام . في 4 فيفري 2016 تم تعيين لجنة فنية من طرف وزارة الاشراف تعنى بعملية الاقتناء صلب الادارة العامة للنقل البري ،في اطار التفاوض المباشر. هذه اللجنة أحضرت كراس الشروط و هي التي قبلت العروض و كانت قليلة ثم هي التي درست العروض ثم اقترحت بمعية الادراة العامة للنقل البري تعيين اللجنة الفنية المتكونة من خبراء في القطاع اين تنقلت للخارج لمعاينة الحافلات و هي من درست التقرير الفني و قامت بعملية اختيار الحافلات المستعملة و درست مقبولية الأسعار بعد فحص اكثر من 80 حافلة و استقر الرأي على 14 حافلة فقط. هناك أيضا خلية صلب سلطة الاشراف، تقوم بالتدقيق في الملف، إن كان هناك خطأ اجرائي أو شيء اخر ،ثم تمر عبر اللجنة العليا للصفقات التي أعطت موافقتها ،والمرحلة الأخيرة هي الاقتناء ،ويقع إبرام عقد عام مع الوزارة وعقد خاص مع الشركة التي يقتصر دورها على دفع المبلغ فقط ، وفي هذا السياق يمكن أن نؤكّد انه لا يمكن لاي طرف مهما كان منصبه في مساعدة أي جهة تقدّم عرضا ،لان العملية تمر عبر عدة لجان. ما حقيقة ما تم تداوله حول تعرّض الحافلات لأعطاب متتالية و توصيف بعض هذه الحافلات بأنها «تالفة « وهي عبارة عن «خردة « ؟ بعض الحافلات التي تم اقتناؤها قطعت أكثر من 340 الف كيلومتر، وهو ما يؤكّد انها ليست خردة مثلما يروّج له البعض، أما بقاؤها في المستودع لبعض الوقت ذلك لانتظار قطاع الغيار التي أصبحت غير متواجدة في الحين في السوق التونسية و هذا مس جميع انواع الحافلات (أزمة سوق قطاع الغيار في تونس) في ما يتعلق بالأعطاب التي أصابت بعض الحافلات فهي أعطاب عادية تنجر عن الاستعمال اليومي، ولو كانت هذه الحافلات تالفة لما سارت كل هذه المسافات ومازالت في حالة جيّدة . وفي هذا السياق يمكن ان أقول أن بعض من يروّج لمقولة تلف هذه الحافلات، كان شديد الانبهار بها يوم قدومها لتونس ،وهذا موثّق صوتا وصورة . هل يمكن اعتبار الشركة الوطنية للنقل بين المدن ،ضحيّة الصراعات السياسية ومحاولة توظيفها في سياقات أخرى لا علاقة لها بالوظيفة الحقيقية للشركة؟ هذا صحيح و أكبر دليل على ما أقول الحملة المغرضة التي شنتها بعض الاطراف على صفحات التواصل الاجتماعي حول كراء أو مد بعض الاحزاب السياسية بحافلات الشركة الوطنية للنقل بين المدن لتنقل أنصارهم في حملاتهم الانتخابية مروجين لصورة قافلة من حافلاتنا التي امنت نقل اكثر من 2000 عامل لشركة خاصة من راس جبل الى ecovillage ولاية سوسة و ذلك في ماي 2017 .. هذه عيّنة مما يتم ترويجه من اشاعات على صفحات التواصل الاجتماعي . في الواقع الامر ليس منحصرا في شركتنا فقط بل يتعلق بعديد المؤسسات الوطنية، فهناك من يقوم بحملات انتخابية على حساب هذه المؤسسات ويتعمّد اقحامها في إشكالات معيّنة ،ثم يتبنّى هذا الاشكال ويحاول الترويج له عبر الأكاذيب والاستعراض ،لاستمالة الناخبين . في شهري فيفري ومارس 2016 ،عندما تم تعييني على رأس هذه الشركة كانت في حالة شلل كلّي ،وكانت هناك صراعات و منع العسكريين من امتطاء الحافلات ،في فترة كان فيه الجيش التونسي منتصرا على الإرهابيين في بن قردان وكان سدّا منيعا امام مخططاتهم، وكانت الإدارة العامة معزولة على واقعها و تعيش فوضى عارمة . حينها حاولت حلحلة الأمور وقمت بتوعية أبناء المؤسسة وهنا يجب أن نؤكّد أن نسبة كبيرة من أبنائها التزموا بالمساهمة في انقاذ مؤسستهم و الخروج بها من النفق التي وضعت فيه الا انه بعض الأشخاص الذين رفضوا الانخراط في هذا البرنامج وواصلوا تعنتهم، فأجبرت المؤسسة على عزلهم ،وانكشف المستور وظهرت الأطراف التي كانت تدفع بهم لتخريب المؤسسة ، وهم قلة قليلة لا تتعدى 5 أشخاص حاولوا الوقوف امام كل الاصلاحات و تحدثوا عن شبهات فساد في المؤسسة الا انهم مورطون في هذا الملف و تتعلق بهم شبهات سرقة و اخطاء فادحة هي محل تفقد وتتبع قضائي. وفي هذا السياق، يجب أن نذكر أن مداخيل الشركة ارتفعت 22 بالمائة بعد أن تم ايقاف نزيف الفوضى والوقوف على عائدات المؤسسة. ماهي الإشكالات الجوهرية التي أضعفت المؤسسة بعد ان كانت تحقّق أرقاما إيجابية في مستوى الخدمات والمداخيل ؟ سنة 2010 كان للمؤسسة فوائض مالية، وكان لها اسطول يتضمن 200 حافلة، وبعد ذلك بدأت الشركة في مرحلة أكل رأسمالها ،لان الحافلات التي تخرج عن الخدمة لا يتم تعويضها، والتعريفة بقيت مجمّدة منذ سنة 2010 بالرغم من الزيادات المشطة في مكونات المنتوج . أصبحت الشركة تبيع المنتوج بأقل من 40 بالمائة من تكلفته، وهذا المشكل هيكلي، ورئاسة الحكومة اقتنعت بهذا، وفي هذا الاطار يجب التأكيد على أن المؤسسة ليس لها أهداف ربحية ،بل تسعى إلى تحقيق التوازن المالي فقط كم عدد الحافلات في أسطول الشركة ؟ وهل يكفي للقيام بالمهمة الملقاة على عاتقكم ؟ اسطول الحافلات الموجود لدى المؤسسة يصل الى 120 حافلة وستصلنا قريبا 20 حافلة اخرى، هذا إذا لم نحتسب الحافلات التي يتم تجديدها حاليا . واقعيّا نستعمل بين 70 و 80 حافلة، وسيرتفع العدد بعد دخول الحافلات التي يتم تجديدها، في الخدمة .