لم تمر سوى ثلاث جولات لنقف على الفوضى الكبيرة في البطولة التونسية. وقد ظهرت مسابقتنا المحلية بصورة مُشوّهة ولا تليق أبدا بدولة لها باع وذراع في الرياضة ومنتخبها يتواجد في الصُفوف الأمامية على مُستوى الترتيب الافريقي والعربي. المُحترفون - الهُواة من الناحية الفنية، عزلت أربع جمعيات إطاراتها التدريبية والحديث عن "السي "آس .آس" والنجم و"البَقلاوة" والشابة التي أقصت مدرّبها الفرنسي "زفونكا" ليلة انطلاق المُنافسات المحلية وهي "سَابقة" فريدة ولو أن كلّ شيء أصبح مُمكنا في أنديتنا خاصّة أن "مثلها الأعلى" وهي الجامعة كانت قد أقالت المدرب الوطني فوزي البنزرتي بعد ثلاث مُباريات فحسب من تَعيينه. ولاشك في أن مَوجة الاقالات المُبكّرة للفنيين تعكس حجم الارتجال على مستوى "الكَاستينغ". ذلك أن المسؤولين عن الأندية لا يختارون المدرب المُناسب وعادة ما يخضعون لتأثيرات الوكلاء والمُستشارين "السِريين" وحتّى "الفَايسبوكيين". هذا بدل الاستئناس بآراء الإدارة الفنية أوالمُراهنة على مُدير رياضي فاعل وخبير في المجال لتحديد هُوية المدرب الأمثل خاصّة أنه لكلّ جمعية خُصوصياتها وطموحاتها. والحقيقة أن حُمّى تغيير المدربين تفضح العقلية الهَاوية للمسؤولين الذين يُشرفون على جمعيات تدّعي كذبا "الإحتراف". حَملة الابعادات في صفوف المدربين لا تكشف سوء الاختيار فحسب بل أنها تفضح أيضا اصرار المُسيّرين على مُواصلة الهروب إلى الأمام وجعل الإطارات الفنية كبش الفداء الدائم والوحيد لمُجابهة غضب الأحباء والتغطية على سياساتهم العَبثية على كلّ المستويات الرياضية والإدارية والمالية. ويمكن أن نستشهد في هذا السياق بالأزمة الحادّة للنادي الافريقي وكذلك التأخير الحاصل في تأهيل العناصر المُنتدبة في نادي حمّام الأنف والنادي البنزرتي الذي مازال رئيسه عبد السلام السعيداني خارج نطاق السّيطرة وسط تَفرّج الجامعة. نصف الأندية دون ملاعب بالتوازي مع مَوجة الاقالات التي طالت المدربين منذ الجولات الأولى، شهدت البطولة التونسية فضيحة تنظيمية من العِيار الثقيل. فقد وجدت سبع جمعيات نفسها في "هِجرة قسرية" بفعل أشغال الصّيانة في ملاعبها الأصلية. وشملت حالة "اللّجوء" نصف "المُحترفين" وهم النجم وسليمان وحمّام الأنف وبنزرت والمتلوي والشابة وبن قردان. والطريف أن بعض الأندية المُتضرّرة من أزمة الملاعب لم تستقبل مُنافسيها في ميادين مُحايدة بل أنها قرّرت اللّعب في ضيافة الفريق الخصم كما حصل مع بن قردان والشابة عند مُواجهتهما للشبيبة والإفريقي في القيروان والمنزه. وهذا السيناريو يذكّرنا حتما بمهزلة مُشابهة عشناها في الموسم الفارط عندما استضاف المتلوي الترجي في المنزه. ويُمكن تقبّل هذه الظاهرة الغريبة لو أنّها كانت عَرضية أمّا أن تُصبح تقليدا فهذا يضرب مِصداقية البطولة في الصّميم. فضيحة «الويكلو» نقطة أخرى داكنة وتفرض التوقّف عندها وهي "الويكلو" الذي كان حَاضرا في ستّ مُباريات. ويعود غياب الجمهور في هذه المُقابلات إلى العقوبات التأديبية التي تُلاحق بعض الجمعيات منذ الموسم الفارط. هذا فضلا عن عدم جاهزية عدّة ملاعب لإستقبال الأحباء كما حصل أثناء استضافة نادي حمام الأنف للنادي الافريقي في المنزه الذي يعمل بترخيص استثنائي. مَهزلة التلفزة كلّ النقاط السلبية التي رافقت انطلاق البطولة التونسية قد لا تعني شيئا إزاء المهزلة الأكبر والأعظم وهي قطع البث التلفزي للمُباريات بسبب الخلافات المالية بين مؤسسة القناة الوطنية والجامعة التي اشترط صاحبها قرابة تسعة مليارات للسّماح بنقل المُقابلات. وهُناك عدة مباريات وأهداف و"تَجاوزات" لم يقع توثيقها وبقيت في الظلام نتيجة غياب التلفزة التي أجرمت في حقّ الجمهور الرياضي الذي يُعدّ بالملايين. والطريف في الأمر أن قطع الصُّورة التلفزية جاء في نفس اليوم الذي تحصّل فيه رئيس الجامعة على الصّنف الثالث من وسام الجمهورية وهو ما أثار سخرية الناس ليقينهم بأن الجامعة دمّرت الكرة التونسية بدليل العَبث الحاصل في البطولة وفضيحة المنتخبات الوطنية التي لم تقدر على كسب الرهان في المونديال وال"كان" ولا حتى في التصفيات المُؤهّلة للأولمبياد.