بَعد سباق طَويل وجَدل كبير وضعت مَعركة الذهاب أوزارها مُخلّفة العديد من الأحداث المُثيرة والتجاوزات الخَطيرة التي وجب الوقوف عندها قبل خَوض الشّطر الثاني والحَاسم من البطولة التونسية. فرق بلا ملاعب.. والمدربون يسقطون كاوراق الخريف عنف في عديد الملاعب والجامعة تُغرق البطولة بالحكام الأجانب اللاّفت للإنتباه أن رُزنامة الفترة الأولى من سباق «المُحترفين» اتّسمت بكثرة التقطّعات وقد تمّ «التلاعب» بمواعيد عدة مُباريات ما أفرز حالة من الفَوضى حتى أن الرابطة لم تَقدر على إنهاء مرحلة الذهاب إلاّ بعد مرور 159 يَوما (من 18 أوت 2018 إلى 23 جانفي 2019). «القرش» هَائج رَغم أزمة الملعب و»كَابوس» الإضرابات النَاجمة عن التأخير في صَرف مستحقات اللاعبين فإن «قرش الشَمال» كشّر عن أنيابه وتمكّن من إنهاء النصف الأوّل من سباق البطولة في المركز الثَالث. وَفَضلا عن هذا الموقع المُتميّز في الترتيب العام، احتلّ فريق القنال صدارة الأندية الأكثر تهديفا بعد أن تحركت أقدام «البنزرتية» في 21 مُناسبة. مسيرة النادي البنزرتي كانت أيضا خَالية من الهزائم وهو مَكسب يشترك فيه فريق الوحيشي مع «السي .آس .آس». وقد أضفت «الثورة» الكروية الحاصلة في عاصمة الجلاء رونقا خاصّا على بطولتنا التي بَقيت حِكرا على أربعة أندية منذ موسم (1983 - 1984) وهو تاريخ تَتويج «قرش الشمال» باللّقب بفضل جيل علمية وشلوف وبن دولات... نجاعة ترجية وحَصانة «صفاقسية» خاض الترجي معركة متعدّدة الواجهات ومع ذلك فقد تمكّن من حسم مرحلة الذهاب في كرسي الصّدارة ليُحرز بذلك البطولة الشرفية للخريف وبالأحرى الشتاء. وهذا المكسب الرَمزي يتحقّق للمرّة 26 في تاريخ شيخ الأندية التونسية الذي نجح في احتلال الريادة في الترتيب العام وأيضا على صعيد عدد الإنتصارات (9) فَضلا عن امتلاك أحسن الهدّافين (طه ياسين الخنيسي برصيد 9 أهداف). ومن جانبه، أنهى «السي .آس .آس» النصف الأوّل من السباق في المرتبة الثانية بصفر هزيمة مع النجاح في إحراز الصّدارة على مستوى النجاعة الدفاعية بما أن شباك «الصفاقسية» لم تتلق سوى 5 أهداف. أمّا بخصوص بقية الجمعيات فإن النجم والإفريقي واجها بعض الصّعوبات بفعل غياب الإستقرار والمشاكل الداخلية هذا في الوقت الذي تركت فيه «البَقلاوة» وتطاوين انطباعات جيّدة في العُموم. ولفت المنستير أنظار الجَميع على خَلفية بدايته «الكَارثية» هذا قبل أن تظهر بوادر الإنفراج في الجولتين الأخيرتين من سباق الذهاب. فَضيحة الميادين عاشت بطولتنا خلال الموسم الحالي على وقع أزمة غير مسبوقة على صعيد الملاعب. فقد تَمّ «تهجير» فيلق من الأندية بفعل الميادين المُغلقة للصّيانة. هذه «الهِجرة القَسرية» امتدت من الشمال إلى الجنوب وقد شملت بنزرت وحمّام الأنف والمتلوي والترجي والإفريقي وأخيرا وليس آخرا قابس. ولاشك في أن نقل «الدربي» من العاصمة إلى المنستير يُشكّل سابقة فريدة وخَطيرة في تاريخ الكرة التونسية التي لا عَهد لها بمِثل هذا الإجراء الذي سيبقى وصمة عار على جَبين رئيس الجامعة وبصفة خاصّة الوزيرة المُنشغلة كسابقتها بإلتقاط الصّور التذكارية في الوقت الذي تضيع فيه اللّعبة من بين أيدينا. مَوجة الإقالات والإستقالات أصبحت ظَاهرة تَغيير المدربين في بطولتنا أمرا عَاديا. وقد عشنا على وقع موجة كبيرة من الإقالات والإستقالات بفعل الخَيارات العشوائية لرؤساء المجمعيات وضغط المحبين وبصفة خاصّة «الفايسبوكيين» الذين يتحكّمون بشهادة الكثيرين في قرارات المُسيّرين و»مَصائر» الفنيين. خمسة أندية فحسب نجحت في الصّمود في وجه هذه العاصفة مُعلنة عن تشبّثها بالإستمرارية والكلام عن صفافس (الهولندي رود كرول) وبنزرت (منتصر الوحيشي) والملعب التونسي (محمّد المكشّر) وحمّام الأنف (الفرنسي جيرار بوشار) وتطاوين (إسكندر القصري). خُطوة إلى الوراء في ظلّ انعدام الثقة في الصافرة التونسية بفعل الشبهات التي تحوم حول عدة أسماء يعرفها القاصي والداني، وجد رئيس الجامعة وديع الجريء حِيلة «شيطانية» للتحكّم في «ثورة» الغَاضبين. هذه الحِيلة الذكية تَمثّلت في فتح الباب للصّافرة المصرية لإدارة بعض المُباريات السّاخنة والحاسمة وذلك تحت شعار «التعاون العَربي» المزعوم. وقد أدّت هذه السّياسة إلى «إغراق» البطولة التونسية بالصّافرات المِصرية التي نالت شرف إدارة ست مُباريات (القائمة تضمّنت محمود البنا ومحمّد عادل وجهاد جريشة ومحمّد حنفي ومحمّد معروف وأمين عمر). ويعتقد الكثيرون أن الإستعانة بالتحكيم المصري يُعدّ خطوة إلى الوراء خاصّة إذا عرفنا أن القطاع التحكيمي في مصر يُواجه بدوره إنتقادات واسعة واتّهامات مُتزايدة. بطولة الحِجارة رغم التَذكير صَباحا مساءً بمخاطر العُنف والشَغب في الملاعب فإن مرحلة الذهاب لم تَسلم من الإعتداءات ولاشك في أن إصابة الحكم المساعد سليم الجبنياني بحجارة طائشة على مستوى الرأس تبقى من الأحداث العَالقة في الأذهان والمُثيرة للرّعب. هذه الحادثة حصلت على هامش لقاء المنستير والمتلوي لحساب الجولة الثامنة ولم تكن هذه الواقعة «الدموية» سوى عيّنة صَغيرة من مسلسل التجاوزات الخطيرة التي شهدتها ملاعبنا من الشمال إلى الجنوب. والحقيقة أن الوضع يُنذر بالأسوأ في ظل غياب الرّدع وغياب المُساواة في تَعاملات الجامعة مع الأندية بما أن «المُناشدين» يتمتعون بحَصانة دائمة وامتيازات كبيرة أمّا الجمعيات «المُعارضة» فإنها تحت طائلة العِقاب سواء عن طريق الإجراءات التأديبية أو»السّرقات» التحكيمية التي كانت كعادتها حاضرة بقوّة في مُبارياتنا المحلية وسط غضب عارم في صفوف أكثر من ناد حالم بنيل نصيب من «الكَعكة» بعرق الجبين لا بالطّرق المُلتوية. أرقام في أرقام - أفضل هجوم: النادي البنزرتي (21 هدفا) - أحسن دفاع: النادي الصفاقسي (5 أهداف) - تُوّج الترجي بالبطولة الشَرفية لمرحلة الذهاب للمرّة 26 - اللاعب الأكثر تهديفا: مهاجم الترجي ياسين الخنيسي (9 أهداف) - 6: هو عدد الطّواقم التحكيمية المصرية التي ظهرت في مُباريات الذهاب - 159: هو عدد الأيام التي استغرقتها مرحلة الذهاب