بقلم: الهادي كرو حتى لا انعت بالشقي من اجل الرجوع الى دائرة يوحي اسمها بأنه من الصعب الخروج منها سالما فان العودة اليها لا تمليها السياسة قطعا وإنما شغف البحث وحب القانون والرغبة في مزيد الايضاح لموضوع تعقيب بطاقة الإيداع الصادرة عن دائرة الاتهام المتعرض لها في المقال المنشور تحت عنوان إيقاف نبيل القروي وأدغال الإجراءات وبخصوص الحاجز الإجرائي المانع من النظر تعقيبيا هل هو قائم لان بطاقة الايداع الصادرة لا تعتبر حكما نهائيا صادرا في الأصل على معنى الفصل 258 وما بعده من مجلة الإجراءات الجزائية ام هل هو غير قائم ؟ لا جدال ان ما يتخذه حاكم التحقيق او دائرة الاتهام من القرارات الخاصة بالإيقاف او الافراج هي وسيلة من وسائل التحقيق وهي غير قابلة للطعن بالتعقيب. ولا جدال ايضا ان قرار دائرة الاتهام المتعلق بالإيقاف في القضية التي نعالجها ليس من وسائل التحقيق لان دائرة الاتهام لم تصدر بطاقة الايداع في السجن وهي تقوم بمهمة التحقيق وإنما اصدرتها وهي تقوم بمهمة النظر استئنافيا في الطعن المرفوع ضد قرار اتخذه قاضي التحقيق قبل انهاء البحث و اتخاذ قرار ختمه يقضي بتحجير السفر وتجميد أموال نبيل القروي . ومما لا شك فيه ان ملف القضية سيرجع الى قاضي التحقيق ليتمم اعماله بعد ان اخذت دائرة الاتهام قرارا يقضي بإيقاف المتهم بالسجن . ما هي طبيعة هذا القرار ؟ للوقوف على طبيعة هذا القرار وعلى وصفه القانوني يطرح السؤال التالي هل يمكن لحاكم التحقيق بعد ان يرجع اليه الملف و به قرار دائرة الاتهام المتعلق بطاقة ايداع في السجن صدرت المتهم ان يأذن والحالة تلك بالإفراج عنه سواء تلقائيا او بطلب من النيابة العمومية او من المتهم ؟ باستثناء الصورة التي تعرضت لها الفقرة الخامسة من الفصل 85 من مجلة الإجراءات الجزائية القاضية بأنه لا يمكن ان يترتب عن قرار دائرة الاتهام بإحالة الملف على حاكم التحقيق لمواصلة بعض الاعمال التي تقتضيها تهيئة القضية للفصل تجاوز المدة القصوى للإيقاف التحفظي للمتهم الذي يتحتم في هذه الحالة على قاضي التحقيق او دائرة الاتهام حسب الأحوال الاذن بالإفراج عنه مؤقتا دون ان يمنع ذلك من اتخاذ التدابير اللازمة بضمان حضوره فانه لا يمكن لحاكم التحقيق الإفراج عن المتهم لان قرار ابقافه صدر عن هيئة استئناف فهو نهائي وتنطبق عليه الفقرة الأخيرة من الفصل 110 من مجلة الإجراءات الجزائية ونصها تنظر الدائرة المذكورة ( اي دائرة الاتهام ) في موضوع الاستئناف وما تقرره في هذا الشأن ينفذ حالا لم تحترم دائرة الاتهام مبدأ المفعول الانتقالي وتجاوزته ويبقى مع ذلك قرارها نهائيا ويترتب هذا الوصف من صدور القرار عن دائرة استئناف. ويتأكد هذا الرأي قانونا عندما نعكس الصورة التي تعرضت لها الفقرة الثانية من الفصل 83 من م ا ج ونجعلها تعني الإيقاف عوضا عن الافراج المعني في نصها التالي « اذا كان الافراج المؤقت ممنوحا من دائرة الاتهام بعد نقضها لقرار حاكم التحقيق فلا يجوز لهذا الاخير ان يصدر بطاقة إيداع جديدة إلا بعد صدور قرار من تلك الدائرة بعد الموافقة على ذلك وبعد سماع ممثل النيابة العمومية . وهكذا يكون قرار دائرة الاتهام بالإيقاف قرارا نهائيا لان حاكم التحقيق المتعهد بالبحث لا يمكنه الافراج عن المتهم وعلى النيابة العمومية تنفيذه وإيداع المتهم بالسجن . هل يمكن الطعن بالتعقيب في قرار دائرة الاتهام القاضي بإيقاف المتهم؟ لا جدال ان قرار الايقاف لا يقبل التعقيب عندما تصدره دائرة الاتهام وهي تحقق في الاصل او تصدره وهي متعهدة بالنظر استئنافيا في طعن يرفع لها مع قرار ختم التحقيق وتحيل على المحكمة . اما وقد أصدرت دائرة الاتهام بطاقة الإيداع في السجن وهي لا تحقق في الأصل وإنما هي متعهدة بالنظر في الاستئناف المرفوع لديها قبل ان يصدر حاكم التحقيق قرارا في ختم البحث فإن الموضع والحالة تلك يخضع لإجراءات وقواعد قانونية أخرى سبق التعرض لها تقضي بأن القرارات الصادرة في هذا الشأن عن دائرة الاتهام قابلة للطعن بالتعقيب وتنظر محكمة التعقيب فيها لمراقبة صحة الاجراءات و صحة تلك القواعد القانونية و صحة تطبيق النص القانوني على الجريمة المنسوبة للمتهم. وهو ما اكدته محكمة التعقيب في قرارها عدد5088 المؤرخ في 3 ديسمبر 1966 « نشرية محكمة التعقيب 1967 صفحة 125 « . و قد تأكد هذا القرار التعقيبي بقرار التعقيب الجزائي عدد 6912 المؤرخ في 4 اوت 1969 والذي جاء فيه ان الطعن بالتعقيب في قرارات دائرة الاتهام المتعلقة بالإيقاف و الافراج لا يقبل إلا اذا كان الطعن مؤسسا على خرق النصوص القانونية التي طبقت قواعد الايقاف والإفراج المؤقت و لا جدال في ان وجاهة الايقاف من عدمه هو جدال موضوعي لا شأن لمحكمة التعقيب به وفي النهاية فإن قرار ايداع نبيل القروي السجن هو قرار نهائي لأنه صادر عن دائرة استئناف وهو قرار صادر في الأصل لأنه تقرر عن هيئة تحقق من درجة ثانية وهي علما أن الوصف صحيح وان كان مبناه باطلا وهو ما يجيز الطعن بالتعقيب والنطق ببطلان الإجراءات. وعلى هذا الأساس فإن كان قرار دائرة الاتهام بإيقاف المتهم يقبل التعقيب اذا كان مؤسسا على خرق القانون فمن باب اولى وأحرى ان يكون القرار الذي تصدره دائرة الاتهام بإيقاف متهم وهي فاقدة للاختصاص ومتجاوزة للسلطة قابلا للتعقيب من اجل خرق القانون والخطأ في تأويله وتطبيقه والسلام.