أعلن محمد الطرابلسي وزير الشؤون الاجتماعية أن قرابة 170 ألف متقاعد سوف يحصلون بداية من غرة جانفي القادم على جراية دنيا لا تقل عن 180 دينارا في الشهر. «الشروق» تونس: كما أكد في حوار شامل مع «الشروق» أن الصناديق الاجتماعية تجاوزت مرحلة المخاوف من الإفلاس متوقعا أن يتراجع عجز صندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية بنحو ٪90 مع نهاية 2020. وكشف في السياق ذاته احترازات منظمة الأعراف وراء التأخر الحاصل في سحب النظام الجديد للتقاعد على العاملين في القطاع الخاص. ورجّح في المقابل أن يتم التوصل خلال الأيام القادمة إلى اتفاق حول تاريخ صرف القسط الثالث من الزيادة في أجور الموظفين. فيما أكد أن الحكومة بصدد انتظار مقترحات اتحاد الشغل تمهيدا لاتفاق شامل حول ملف أعوان الحضائر. الحوار الذي أتى أيضا على التداعيات الاجتماعية لإفلاس منظم الرحلات «طوماس كوك» والنظام الالكتروني الجديد لل«كنام» بدأ بهذا السؤال: قرّرت الحكومة أمس الأول الثلاثاء تفعيل مبدإ الجراية الدنيا بداية من غرة جانفي القادم... من سوف يستفيد من هذا القرار؟ هذا القرار جاء لتصحيح وضع مغلوط. إذ ان نحو 117 ألف متقاعد من القطاع الخاص يحصلون على جراية تقاعد تقل عن المنحة المخصصة للعائلات المعوزة. وهي 180 دينارا وهو ما يتعارض مع تثمين قيمة العمل. وبالتالي فإن هذا القرار الذي يدخل حيز التطبيق في جانفي القادم سوف يؤمن لهذه الشريحة من المتقاعدين الحصول على جراية شهرية لا تقل عن 180 دينارا مهما كان حجم المساهمات التي جمعوها قبل الإحالة على التقاعد علما أن تنفيذ هذا القرار تطلب اعتمادات إضافية سوف تتحملها الدولة في حدود 42 مليون دينار سنويا. ما إن استؤنفت اجتماعات لجنة التفاوض خمسة زائد خمسة في نهاية الصائفة الأخيرة بخصوص القسط الثالث من الزيادة في أجور الموظفين حتى توقفت في خضم الانتخابات... متى يعود التفاوض حول هذا الملف؟ الاتفاق المبدئي موجود ونتوقع أن نتوصل خلال الأيام القادمة إلى اتفاق مع الاتحاد العام التونسي للشغل حول تاريخ بداية صرف أجور أعوان الوظيفة العمومية. في نفس الإطار توجد اليوم حالة ضبابية حول مصير أعوان الحضائر رغم حصول اتفاق مبدئي بين الحكومة واتحاد الشغل على تسوية هذا الملف منذ بداية العام الحالي؟ أعتقد أننا قطعنا على امتداد العامين الأخيرين أشواطا هامة على درب تسوية هذا الملف الذي تطلب إجراء تحريات معمّقة. وتقاطعات مع عدة هياكل مثل الضمان الاجتماعي ومصالح الجباية لضبط القائمة النهائية للمعنيين بالتسوية. حيث تبين أن الكثير منهم يتقاضون مداخيل أخرى. وبعد هذه المرحلة طرحنا على اتحاد الشغل مقترحاتنا في تسوية وضعيات أعوان الحضائر التي تتضمن بالخصوص إدماج 8900 عون يحملون شهائد جامعية عليا و15 ألف آخرين ليس لهم شهادة جامعية لكن يباشرون مراكز عمل فعلية إلى جانب منحة تحفيزية تعادل رواتب 36 شهرا لمن يفضلون مغادرة القطاع العمومي فيما تقرر أن يواصل البقية العمل إلى حين بلوغ سن التقاعد على أن يحصلوا على الجراية الدنيا مهما كانت فترات الاقتطاع. ونحن الآن بصدد انتظار الموقف النهائي لاتحاد الشغل حتى نتوصل قريبا إلى اتفاق شامل حول أجندا التسوية يغلق هذا الملف نهائيا. رغم دخول القانون الجديد للتقاعد حيّز التنفيذ منذ غرة جويلية الفارط عبر الترفيع في السن الإجباري للتقاعد وشروع مؤسسات الدولة في تطبيق الزيادة بنقطتين في المساهمات الاجتماعية المحمولة على المؤجر ارتفع عجز صندوق التقاعد في سبتمبر الفارط إلى 170 مليون دينار.. ما هي أسباب هذه المفارقة؟ ينبغي التذكير في هذا الإطار بأن منظومة الحماية الاجتماعية مرت بمرحلة كارثية بين 2014 و2017 وصلت تداعياتها إلى حد توقف صندوق التقاعد عن تطبيق مبدإ التعديل الآلي للجرايات بعد كل زيادة في أجور النشيطين إلى جانب ارتباك تحويل المساهمات بعنوان التأمين على المرض إلى ال«كنام» من قبل كل من صندوق التقاعد وصندوق الضمان الاجتماعي... والرئيس الراحل الباجي قايد السبسي كان يقصد أساسا وضعية الصناديق الاجتماعية عندما أعلن في أحد خطاباته أن الدولة على مشارف الإفلاس... وبالتالي كان أمامنا منذ عامين احد الخيارين إما إعلان إفلاس الصناديق والتقليص في قيمة الجرايات أو إنجاز الإصلاحات الضرورية حتى تنقذ منظومة الحماية الاجتماعية في تونس. وهو الخيار الذي اعتمدناه. ولم يكن سهلا بالمرة حيث أسقط قانون التقاعد في مناسبة أولى من قبل البرلمان قبل المصادقة عليه في ماي الفارط. وهو ما تسبب في إهدار إمكانات هامة لتحسين الوضعية المالية للصناديق... ورغم ذلك كله فقد توفقنا في الحفاظ على انتظام الجرايات. كما قام صندوق التقاعد بتسوية القسط الأكبر من المتخلدات بعنوان التعديل الآلي للجرايات بصرف مبالغ تناهز 700 مليون دينار بين 2018 و2019 علما أن بقية المتخلدات سيتم تسويتها قبل انقضاء أكتوبر الحالي... وهذا يبين الجهد الكبير الذي قامت به الحكومة والصناديق لإيقاف حالة الخوف والقلق التي كانت تلازم المتقاعدين.. كما أن وضعية صندوق التقاعد ستواصل التحسّن تدريجيا خلال الفترة القادمة. حيث ينتظر أن يتراجع العجز من ألف مليون دينار في نهاية هذا العام إلى 100 مليون دينار في موفى 2020 خاصة بفضل بداية تنفيذ الزيادة في قسط المساهمات الاجتماعية المحمول على الموظفين بداية من غرة جانفي القادم. إلى جانب الترفيع بعامين في السن الإجباري للتقاعد أقرّ القانون الجديد نظام تقاعد اختياري يطلب بمقتضاه الموظف التمديد بثلاث سنوات بعد السن الإجباري ما هي درجة الإقبال على هذا النظام؟ رغم حداثة هذا النظام الذي دخل حيز التنفيذ في جويلية الفارط يمكن التأكيد على أن أغلب الموظفين اختاروا هذا النظام. والعديد منهم طلبوا التمديد بثلاث سنوات بعد السن الإجباري. في المقابل لا تزال الضبابية تلف نظام التقاعد في القطاع الخاص الذي كان يفترض أن يعدل استنادا إلى المبادئ التي أقرها القانون الجديد للتقاعد في القطاع العام... وهو ما يمس بمبدإ المساواة بين كافة الشغّالين ماذا يحدث تحديدا؟ نحن بصدد مواصلة التشاور مع الأطراف الاجتماعيين بهدف التوصل إلى اتفاق يسمح بسحب نفس المبادئ التي تضمنها قانون التقاعد على العاملين في القطاع الخاص علما أننا واجهنا بعض الاحترازات من منظمة الأعراف تعود إلى مخاوف هذه الأخيرة من تأثير النظام الجديد على القدرات المالية للمؤسسات الصغرى.. ورغم ذلك نتوقع أن نتوصل قريبا إلى اتفاق حول الأجندا الزمنية للتنفيذ. نعود الآن إلى آخر المستجدات وأعني تداعيات إفلاس منظم الرحلات الانقليزي «طوماس كوك» ألا تنوي الحكومة اتخاذ تدابير استثنائية مثل الإعفاء من مساهمات الضمان الاجتماعي لمساعدة الفنادق المتضرّرة؟ الحكومة لم تتردد على امتداد السنوات الأخيرة في اتخاذ ما يلزم من تدابير لمساعدة الفنادق على تخطي الظروف الصعبة التي مرت بها السياحة التونسية خاصة بعد الضربات الإرهابية في 2015 و2016. وهي الآن بصدد التحرّك على كافة الأصعدة لتطويق تداعيات إفلاس منظم الرحلات الانقليزي وإذا تبينت الحاجة إلى تدابير استثنائية فلن تتردد في إقرارها المحافظة على هذه الانطلاقة الجديدة التي تشهدها السياحة التونسية. حيث تجاوز عدد السياح إلى حد نهاية سبتمبر عتبة السبعة ملايين سائح. يدخل نظام البطاقة الالكترونية حيز الاستغلال الكامل من قبل ال«كنام» في نوفمبر القادم ما هي الإضافة التي سيحققها هذا النظام؟ بالفعل، سيستكمل ال«كنام» في نوفمبر القادم تعميم البطاقة الالكترونية على أكثر من ثلاثة ملايين منخرط بالتوازي مع إرساء جملة من المنظومات المعلوماتية المتطورة التي ستؤمن مستقبلا المراقبة الحينية لتصاريح مسديي الخدمات وبالتالي إيقاف النزيف الحاصل بسبب التصاريح المغلوطة لكل من المنخرطين ومسديي الخدمات. كما أن دخول ال«كنام» إلى العصر الرقمي سيمكن من تحقيق نقلة كبيرة على درب تقريب الخدمات من المضمونين الاجتماعيين علما أنه في نطاق استكمال التحضيرات اللوجستية لهذا النظام سينطلق مع بداية نوفمبر توزيع المعدات الالكترونية اللازمة على مسديي الخدمات.