مؤشرات أولية غير مطمئنة، تؤكّد أن البرلمان القادم سيكون الأكثر تشتّتا والاقل انسجاما، وهو ما يمكن أن يؤثّر بشكل مباشر على عمل المؤسسة التشريعية وعلى كل مؤسسات السلطة المرتبطة بالبرلمان. تونس الشروق - غدا تنطلق عملية اقتراع أعضاء مجلس نواب الشعب في كامل الدوائر الانتخابية التونسية ، وأسابيع قليلة وتنطلق عُهدة جديدة لبرلمان جديد ، برلمان تؤكّد المؤشرات الأولية على أنه سيكون الأكثر تشتتا و الأقل انسجاما و توازنا ، خاصة وان الأرقام التي تنشرها شركات سبر الآراء تشير إلى أن الكتل التي ستؤثثه ستكون أقل من حجم الكتل في المجلس الوطني التاسيسي وفي البرلمان الماضي. تشتت برلماني المؤشرات الأولية التي يمكن ملاحظاتها حسب المزاج العام التونسي وحسب ما يُنشر من ارقام واحصائيات ،تؤكّد ان المؤسسة التشريعية ستكون بمثابة الفسيفساء التي تجمع عددا كبيرا من الأحزاب والمستقلين والقائمات الائتلافية .. وهو سيعسّر تشكيل حزام سياسي داعم للحكومة القادم ويمكن ان يطيل فترة البحث عن اتفاقات بين هذه الكتل. البحث عن أغلبية قادرة على دعم الحكومة يتطلّب حسابيا 109 نائب ، وواقعيّا وجب البحث عن أكثر من 120 نائبا حتى تتوفر للحكومة أغلبية مريحة لا تجعل من مصيرها مرتبطا بغياب نائب أو مجموعة صغيرة من النواب ، وفي كلتا الحالتين يتطلب تحصيل هذه الأغلبية جمع عدد كبير من الكُتل ،وارتباطا باختلاف التوجهات والمرجعيات يبدو الامر صعبا للغاية. مشهد غير متجانس من العناصر الخطيرة التي يمكن ان تشكّل أهم ملامح البرلمان القادم ، غياب الكُتل التي تتمتع بثقل هام وعدد كبير من النواب، وهو ما سيجعل المشهد البرلماني أشبه ما يكون بشتات كُتل نيابية متناثرة وضعيفة، وهذا ما يدفع للقول بأنه سيكون أضعف من المجلس الوطني التاسيسي الذي تضمن كُتلا بأحجام هامة، وحتى البرلمان السابق الذي كان أقل تماسكا من المجلس الوطني التأسيسي.، لكنه تضمن كُتلا بأحجام متوسطة. من الملامح التي ستكون بادية على البرلمان القادم، احتواؤه لكتل مختلفة فكريا وايديولوجيا حد التناقض، وهي عبارة عن «جُزر فكريا « تنعدم الروابط بينها ، خاصة مع عودة خطابات التقسيم بين «الثوريين» و «أعداء الثورة « و «المسلمين « و «غير المسلمين « .. هذه التوصيفات والتصنيفات ستدفع الى افراز مشهد برلماني غير متجانس وغير قابل للتجميع. ضيق الوقت ما يزيد من صعوبة التجميع ، المساحة الزمنية الضيقة التي ينص عليها الدستور لتشكيل الحكومة ، حيث ينص الفصل 89 على أنه « ..في أجل أسبوع من الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات، يكلف رئيس الجمهورية، مرشح الحزب أو الائتلاف الانتخابي المتحصل على أكبر عدد من المقاعد بمجلس نواب الشعب، بتكوين الحكومة خلال شهر يجدّد مرة واحدة. وفي صورة التساوي في عدد المقاعد يُعتمد للتكليف عدد الأصوات المتحصل عليها. عند تجاوز الأجل المحدد دون تكوين الحكومة، أو في حالة عدم الحصول على ثقة مجلس نواب الشعب، يقوم رئيس الجمهورية في أجل عشرة أيام بإجراء مشاورات مع الأحزاب والائتلافات والكتل النيابية لتكليف الشخصية الأقدر من أجل تكوين حكومة في أجل أقصاه شهر.إذا مرت أربعة أشهر على التكليف الأول، ولم يمنح أعضاء مجلس نواب الشعب الثقة للحكومة، لرئيس الجمهورية الحق في حل مجلس نواب الشعب والدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة في أجل أدناه خمسة وأربعون يوما وأقصاه تسعون يوما...». تحالفات هشة المحلل السياسي عبد اللطيف الحناشي، يشير الى انه بالنظر لعدد القائمات المترشحة للانتخابات التشريعية يتأكد أن عدد المستقلين أكثر من المتحزبين بمعنى أن البرلمان القادم سيشهد تشتتا لا محالة، مشيرا الى انه لا يمكن معرفة الخلفيات الثقافية والايديولوجية والسياسية لهؤلاء المستقلين مقابل وجود عزوف عن الأحزاب وعلى قائماتهم خاصة من الذين مارسوا الحكم نظرا لأدائهم المخيّب لآمال التونسيين. الحناشي يشير الى ان هذا سيؤدي الى افراز فيسفساء تطرح عديد الاستفهامات حول القدرة على تجميعها، كما حذر الحناشي من أن هذه الفسيفساء ستحيل الى تحالفات هشة ورخوة لن تصمد أمام الملفات والتحديات المطروحة على طاولة البرلمان القادم.. سنوات عجاف أما الناشط السياسي واستاذ القانون الدستوري رابح الخرايفي فيؤكّد انه تابع تصريحات المترشحين لمجلس نواب الشعب سواء من الأحزاب السياسية او من المستقلين ولم يعثر ولو على اشارة الى برنامج الحكومة المقبل الذي ستذهب به الى المجلس لنيل الثقة، مثل اقتراح خطة معالجة النفايات، مياه الشرب والري، والطاقة، والضرائب، وقيم العمل ومكافحة الفساد.. مؤكدا ان كل ما يعرض على الناخب مجرد خواطر ، وسير ذاتية للمترشحين لا تمت للممارسة والعمل السياسيين والحكم بصلة. وأضاف الخرايفي أن ما تم تقديمه في الحملات الانتخابية «فقر مخيف « سيجعل التونسيين يعيشون سنوات عجافا تمتد على عمر البرلمان القادم. المزاج العام الذي يتحكّم في كل مؤشرات وأرقام ونتائج الانتخابات التشريعية ، يمكن ان ينتج مشهدا سيدفع الى أن يكون عمل البرلمان شديد البطء ، إضافة الى تأثيره على عمل باقي مؤسسات السلطة ، وعلى راسها الحكومة ، كما سيجعل من مهمة انتخاب أعضاء الهيئات الدستورية من أكثر الأمور صعوبة . 15 الف مترشح تتنافس أكثر من 1500 قائمة حزبية وائتلافية ومستقلة بأكثر من 15 ألف مرشح، على 217 مقعدا في البرلمان.