والقلوب مشدودة في الساعات الأخيرة إلى نتائج تشريعية 2019، وما سبقها من حديث مطول وملوك عن «المقرونة» و»اللوبينغ» و»السيستام»، يطالعنا خبر جديد مفاده اننا خسرنا لقب بطولة العالم للكسكسي في تظاهرة احتضنتها جزيرة صقلية الإيطالية. الخبر تداولته وسائل إعلام كثيرة باعتبار ان الكسكسي والخبز والمقرونة من المكونات الأساسية لمائدة التونسي الذي عانى ويعاني من ارتفاع أسعار المواد الغذائية. ولم يبق له من خيار إلا هذه المعجنات ليضع القليل منها في معدته التي امتلأت خواء... ف «المقرونة» قفزت من مائدة المطبخ لتتحول إلى طاولات النقاش السياسي، بعد إيقاف المرشح للدور الثاني للرئاسية نبيل القروي إلى حين النظر في القضايا العالقة به ليخوض الدور الثاني للرئاسية من وراء القضبان، في وقت تقفز فيه أخبار جديدة عن «اللوبينغ» وتعامله بالمليارات مع مؤسسة إسرائيلية متجاوزا ربما السقف المالي لحملته الانتخابية . وفي انتظار البت في مجمل هذه القضايا، تحول موضوع إيقاف القروي و»اللوبينغ « إلى « لوبنانة « ومعجنات نلوكها صباحا مساء ويوم الأحد. فأصابت المشهد السياسي بمغص في معدة امتلأت في هذه الفترة بوعود زائفة وبمشاريع حالمة ستجعلنا لن نتحدث لاحقا عن «الكسكسي» الذي فقدنا الأسبقية فيه ولا عن «المقرونة» التي تحولت إلى مصطلح سياسي انتخابي. بل سنتحدث عن « البيفتاك « في إطار الدعوات المنادية بتغيير»السيستام».. تغيير «السيستام» كشف البارحة عن مشهد سياسي بدأت تلوح مكوناته "الفسيفسائية" لنقف لاحقا على حكومة قد يهزها التشتت والتمزق - إن تكونت أصلا - وقد تنجح في لملمة شملها وتعمل على تغيير المنوال التنموي يقوم على البعد الاقتصادي والاجتماعي الغائب سنوات. فعاقب الناخب الجميع حكاما ومعارضة. وفرض عليهم ب «الصندوق « إعادة النظر في التحالفات ومربعات الحلبة وتقنيات «الالتصاق» بالخصم السياسي... اليوم نحن أمام مشهد جديد يستوجب العمل بجدية لحلحلة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية لينعم التونسي بوطن ترقبه أعين الملاحظين التي بدأ بعضها يشكك في مصداقية وثبات مسارنا الديمقراطي بسبب ما يعرف بقضايا «القروي « التي تحولت إلى «عجينة» تتبرأ كل الدوائر من طهيها وتقديم وصفة الطبخة النهائية التي تنهي هذا الجدل القانوني السياسي... فبعض المراقبين يرون أن « الإبقاء على مرشح الرئاسية نبيل القروي في السّجن قد يضرب مصداقية الانتخابات في العمق. ويهدّد بتقويض المسار الديمقراطي برمّته.. « في حين يرى البعض الآخر ان القضاء مستقل ولا سلطان عليه... والمواطنون سواسية أمام القانون، ناخبون او منتخبون... الأمر موكول إلى القضاء المستقل النزيه. لكن هذا لا ينفي البحث عن مخرج قانوني سياسي كنا بارعين في استنباطه... فتعيين المبزع الوجه البارز في النظام السابق رئيسا على شعب ثار على نظامه... وتكوين مجلس تأسيسي في ظرف عصيب... والرباعي الراعي للحوار كانت كلها مخرجات واجتهادات تونسية لتجاوز الصعوبات والعراقيل... الأمر في تقديرنا ممكن حتى لا نلوث مسارنا الذي نتباهى به... فقط الاجتهاد للخروج من عنق الزجاجة دون الإفلات من العقاب...