تونس «الشروق»: برزت الدكتورة آمنة الرميلي في السنوات الأخيرة بكثافة في إلانتاج الأدبي رواية وشعر وقصة وبحث أكاديمي مع حضور في الشأن العام وعلى شبكة الفايس كناشطة تدافع بشراسة عن قضايا الحريات والمرأة والديمقراطية. تمثّل آمنة الرميلي تجربة لافتة للنظر في مستوى الكتابة السردية والشعرية ولم يكن تتويجها بأكثر من جائزة صدفة في هذا الحوار تتحدث آمنة الرميلي عن قضايا الكتابة النسوية والوضع الثقافي بعد الثورة وإرث الطاهر الحداد وتجربتها في الكتابة للأوبرا ماذا بعد رواية «توجان» الصادرة 2016؟ بعد رواية «توجان» وما حفّ بها من نجاح لم أتوقّعه أنا نفسي، نشرت لي أربعة أعمال، ثلاثة منها جديدة هي على التوالي: مجموعة قصصية بعنوان «ألوووووو..» صدرت عن دار آفاق/برسبكتيف سنة 2018. ديوان شعر باللهجة العامية «نحبّك يا إنتِ»، صدر عن دار زينب 2019. بحث علمي أكاديمي، بعنوان «كتابة القتل في الأدب العربي القديم»، صادر عن دار زينب 2018. وقد وصل إلى القائمة القصيرة (3 بحوث) في جائزة كتاب الشيخ زايد. العمل الرابع هو الطبعة الثانية لمجموعتي القصصية البكر «يوميات تلميذ..حزين» عن دار سحر للنشر 2019. خضت تجربة الكتابة للأغنية والأوبرا هل تصنفين نفسك كشاعرة؟ تجربتي مع الشعر المغنّى جاءت من الرواية! ففي روايتي «الباقي..» (جائزة الكومار لجنة القراءة 2014) توجد قصيدة جاءت على لسان إحدى الشخصيات، صرّفت فيها تساؤلاتها في الحبّ: «تقول نحبّك؟ شمعناها تقول نحبّك؟..»، وصلت هذه «القصيدة» إلى الفنان صلاح مصباح فلحّنها وغنّاها، ومن هناك انطلقت تجربتي مع الشعر الغنائي وتحديدا الأوبرا. غنّت لي السوبرانو التونسية ذات الصوت العالمي «يسرا زكري» أوبرا «حشّاد»، أغنية «تراب بلادي» وأغان أخرى كثيرة. والغريب أنّ أوبرا حشّاد قدّمناها في المسرح البلدي بالعاصمة سنة 2016 بنجاح كبير جدا ثم في بودابست بدعوة من سفيرة تونس بالمجر في 20 مارس 2019 بحضور كل السفراء والبعثات الديبلوماسية بالمجر وكان نجاحا افتخر به كل السفراء العرب الذين حضروا، قلت الغريب أنّ أوبرا حشاد لم تقدّم ولو مرّة واحدة باسم الاتحاد العام التونسي للشغل ولم تلتفت اللجنة المسؤولة عن الثقافة في اتّحاد الشغل إلى هذا العمل الفني الذي يتغنّى بحشّاد. ونأمل أن يدعو الاتحاد يسرى زكري لتقدّم حفلا يحمل اسم حشّاد في أقرب فرصة ممكنة. ثم كانت لي تجربة لا تزال متواصلة مع الموسيقار الدكتور سمير الفرجاني في فنّ الأوبرا الممسرحة. قدّمنا منذ سنتين أوبرا «خيل سالم» في المنستير وفي سوسة بنجاح جماهيري كبير. ثم قدّمنا هذه السنة أوبرا «شهرزاد» غنّتها الفنّانة اللبنانية «جاهدة وهبة» إلى جانب أصوات تونسية مثل هيثم الحذيري في دور شهريار. وقدّمت هذه الأوبرا في سوسة وفي قاعة الأوبرا بمدينة الثقافة. والغريب مرة أخرى أنّ مهرجانات وزارة الثقافة لم تتبنّ هذا العمل الضخم رغم الوعود الكثيرة. وأرى أنّ كتابة الأوبرا خاصة الممسرحة منها هي تنويع على الكتابة السردية وإعادة تشكيل لها. في حين أنّ كتابة الشعر باللهجة العامية هو مساحة أخرى أحاول أن أتحرّك داخلها بكثير من المتعة وكثير من المرح والجدّ في الآن ذاته. كتبت مقالا مؤخرا اعترضت فيه على نتيجة جائزة كومار كيف تقيمين الجوائز في تونس؟ الجوائز الأدبيّة ظاهرة لا تمرّ دون أن تترك أثرا، لسبب بسيط هو أنّها حدث ثقافي يستحقّ الالتفات إليه والعناية به وتقييمه. ومهما تكن قيمة الجائزة أو قيمة اللجنة التي تشرف على توزيعها فإنّها تبقى عملا نقديّا تقويميّا وتقييميّا قابلا للنقد وإعادة النظر. وأنا شخصيّا تلقيت جوائز عديدة على أعمالي الأدبيّة ولكن لن يمنعني هذا من قول رأيي خاصة في الجوائز التي لا أشارك فيها. وما قلته منذ أسابيع لم أتوجّه فيه إلى لجان الجوائز وإنّما إلى الرواية التي نالت الجوائز، يعني أنني قدّمت قراءة في الرواية وسألت هل كانت تستحقّ أن تتوّج مرّتين؟ ولئن قاطعني بعض أعضاء لجنة الكومار إذ اعتبروا أنني شكّكت في مصداقيتهم فإنّ صاحب الرواية تقبّل النقد ولم يجعل منه مأساة أو تشكيكا في قدرته على الكتابة وهو ما يعني أنّه مبدع حقيقيّ. عدد الكاتبات التونسيات كان على عدد أصابع اليد اليوم نجد عشرات الكاتبات واحتفاء نقدي عربي خاصة ببعضهن كيف ترين المشهد الأدبي اليوم في مستوى ما تكتبه النساء؟ الكاتبات التونسيات ظهرن باكرا في المشهد السردي التونسي على خلاف بلدان عربية كثيرة. هند عزّوز وناجية ثامر ثم جيزيل حليمي ونافلة ذهب فعروسية النالوتي وغيرها من جيل الكاتبات إلى اليوم. لم تتوقّف مسيرة الكاتبات التونسيات يوما. وما نراه اليوم من عنفوان في كتابات المرأة التونسية فراجع إلى طينة المرأة التونسية ومرجعياتها الذهنية والسياسية والفكرية عموما، إلى مدى تفاعلها مع حركة التاريخ الآن، ومع ما تمرّ به تونس منذ 2011 إلى اليوم. الكاتبة التونسية كما الكاتب التونسي تترجم بكتاباتها قوّة اللحظة وجدّتها وقيمتها. إن لم تكتب المرأة التونسية بهذا الزخم والنوعية التي تكتب بها اليوم فليست تونسية! أتكلّم عن الكتابات التي ترقى إلى مستوى الكتابة الإبداعية، الباقي لا يهمّنا أمره. اهتممت بالطاهر الحداد وعلاقته بالفكر التحديثي هل ترين أنه أخذ حظه في تدريس أثره للتلاميذ والطلبة خاصة؟ الطاهر الحداد كتبت عنه وحاولت تحليل أفكاره في كتابي «المرأة والمشروع الحداثي في فكر الطاهر الحدّاد» الصادر عن دار صامد/2012. والطاهر الحداد علينا أن نكتب عنه ونتحدّث عنه وندرّس كتابه «امرأتنا في الشريعة والمجتمع» للأجيال بلا توقف. على أفكار الطاهر الحدّاد أن تبقى حيّة في عقل الشعب التونسي وفي روحه حتى لا يتهدّدنا التراجع عن مكاسب المرأة وحتى لا يهدّدنا أحد بالتراجع عن مكاسب المرأة أو مكاسب تونس بتعبير أدقّ. وهي مكاسب مهدّدة طالما أنّنا ننتمي إلى دائرة حضارية وذهنية لم تحسم أمرها مع المسألة الدينية حسما عقلانيا يفصل بين الدين والسياسة وبين الدين والقانون. كيف ترين تونس اليوم؟ بعد تسع سنوات من الثورة نحن هنا بخير. نحظى بحرية التعبير ونمارس انتخابات حرّة شفّافة بقطع النظر عن نتائجها. نحن هنا بكثير من المخاوف وكثير من الأمل، بكثير من سوء الفهم وكثير من المكاسب، بوضعية اقتصادية مخيفة وبإمكانيات هائلة للخروج منها. نحن هنا يعذّبنا الساسة أكثر ونقاوم اختياراتهم وأطماعهم بشكل أقوى. لا يأس مع تونس ! الدكتورة آمنة الرميلي في سطور أستاذة جامعية بكلية الآداب والعلوم الأنسانية بسوسة رئيسة قسم العربية سابقا صدرت لها مجموعة من الأعمال القصصية والروائية والبحوث الجامعية من أهمها توجان _الباقي _يوميات تلميذ… حزين _كتابة القتل في الأدب العربي القديم الخ….