اعطى الإسلام العلم مكانة عظيمة وأولاه أهمية كبيرة وبدا ذلك واضحا مع أول ما نزل من الوحي على رسولنا النّبيّ الأمّي من آيات القرآن الكريم ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ (العلق 1) وهذه إشارة من الله تعالى لعباده يحثهم فيها على طلب العلم و التفقه فيه حتى يسعدوا في الدنيا و يرتاح بالهم في الآخرة. ومن العلم ما هو واجبٌ لا يُعْذَرُ مكلّف بتركه وذلك بأن يتعلم المرء أحكام دينه الضرورية من العقائد والعبادات و المعاملات، قال صلى الله عليه و سلم: « طلبُ العلم فريضةٌ على كلِّ مسلم» . ذكرا كان أو أنثى. ويصبح طلب العلم فرض كفاية يتوجب على المسلمين بمجموعهم تحصيله فإذا قام به بعضهم سقط الطلب عن الباقين وإن لم يقم به أحد أثم الجميع وهو التوسع في علوم الشريعة درسا وحفظا و بحثا، والتخصص في كلّ علم تحتاج إليه المسلمون من علوم كونية،، قال تعالى ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَافَّة فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ (التوبة 122) فما دام العلم باقيا في الأمّة فالنّاس في هدى وخير وحضارة ورقي واستقامة وعدل. والعلم يبقى ببقاء حَمَلَته العلماء فإذا ذهب العلماء و فُقِدوا من بين ظهرانَي النّاس اختلت الأمور و انحرفت الأمّة عن الجادة القويمة وسلكت مسالك الضلال وانحدرت في مهاوي الرّذيلة والفساد وألقت بنفسها إلى الضياع والدمار، وصدق رسول الله ﷺ إذ يقول: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد و لكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يُبْقِ عالما اتخذ النّاس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلّوا و أضلّوا». (متفق عليه) ومن أهم ثمرات العلم أنه: يهذِّب الأخلاق ويربّي صاحبه على اكتساب الفضائل و الآداب، وبه يبصر المرء حقائق الأمور، ويورث الخشية من الله، قال تعالى ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء﴾ (فاطر 28) فالإنسان كلّما تفقّه في الدّين خاف ربّه ومولاه وخشي أن يراه على معصية ازداد خشوعا، وكلّما نال هذا الإنسان درجة من العلم أيقن أنّ الله هو الخالق الذي لا إله إلاّ هو المتصرّف في ملكوت السّموات والأرض فيقرّ بضعفه وعجزه فيسلم إلى ربّه ويستسلم. وبالعلم تحيا القلوب، قال لقمان لأبنه: «يا بنيّ جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك فإنّ الله يحيي القلوب الميتة بالحكمة كما يحيي الأرض الميتة بمطر السّماء». كما أنّه يرفع مقام صاحبه عند الله، قال تعالى ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ (المجادلة 11) و طلب العلم خير من الدنيا و ما فيها حيث يقال لأن تغدوا فتتعلّم بابا من العلم خير من أن تصلي مائة ركعة. قال صلى الله عليه و سلّم لمّا بعث معاذا رضي الله عنه إلى اليمن لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من الدنيا و ما فيها. ومن أهمّ ثمرات العلم أنّه ينفع العبد بعد موته، قال صلى الله عليه و سلّم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلاّ من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له». (رواه مسلم) و بتحصيل العلم يسهل طريق الجنّة، قال صلى الله عليه و سلّم: «من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهّل له طريقا به إلى الجنّة». (رواه مسلم) والفوز بالأجر العظيم، قال صلى الله عليه وسلّم: «من أحبّ أن ينظر على عتقاء الله من النّار فلينظر إلى المتعلمين فوالذي نفس محمد بيده ما من متعلم يختلف إلى باب العالم إلاّ كتب الله له بكلّ حرف وبكلّ قدم عبادة سنة وبنى له بكلّ قدم مدينة في الجنّة ويمشي على الأرض والأرض تستغفر له ويمسي و يصبح مغفورا له و شهدت له الملائكة يقولون هؤلاء عتقاء الله من النّار».