تونس/الشروق أثار مشروع قانون المالية لسنة 2020 الذي نشرته وزارة المالية في موقعها الالكتروني الخميس انتقادات خبراء الاقتصاد والمالية معتبرين ان هذا المشروع لا يحمل سياسات ولا برامج واضحة. كما انه يبعث على القلق من حيث ارتفاع حجم المديونية. وفي هذا الاطار يقول الخبير الاقتصادي ووزير المالية الأسبق حسين الديماسي ل"الشروق" إن اهم ما جاء في مشروع القانون المذكور أنه بُنِي على ذات المبادئ والمنهجية والمعطيات التي بنيت عليها قوانين المالية التي سبقته. كما ان مشروع قانون المالية الجديد فيه معطيات هامة بحسب الديماسي ولكنها لا تصب في خانة الخروج من الوضع الحالي الصعب. أزمة المديونية لفت الديماسي النظر الى ازمة المديونية قائلا "الناس لم يعوا بعدُ بهذا المشكل الكبير فحجم تسديد الديون يفوق حجم الديون التي سنتحصّل عليها وفي مثل هذه الحالة نجبر على استغلال نفقات التنمية وبالتالي كل الثقل سينزل على نفقات التنمية. وهذا مؤشر ليس بالجيّد مشيرا الى اننا بصدد دفع ثمن أخطاء ارتكبناها منذ 2010 وفي مقدمتها الزيادة في كتلة الأجور من جهة والاستمرار في الدعم المجحف للكثير من المواد رغم محاولات التخفيض في الدعم خلال السنوات الأخيرة علما ان ذلك حدث تحت الضغط الخارجي وليس لإصلاح المالية العمومية وفي المقابل ارتفعت أسعار مواد أخرى ومنها المحروقات. كما انتقد الديماسي الفرضيات التي بنيت عليها الميزانية وخاصة 2.7 بالمئة نمو وهو رقم خيالي ومستحيل لفرضيتين اثنتين هما تراجع الاستثمار والحالة السيئة التي تعيشها السوق الأوروبية التي هي شريك استراتيجي لتونس. ووصف الديماسي هذه الفرضية بأنها "غير واقعية وبالتالي الميزانية بُنِيت على أوهام". وقال أيضا إن استمرار الانتدابات (انتداب 7720 خطة في ميزانية 2020) هو عيب آخر تحمله الميزانية. إذ ستكون هذه الانتدابات حملا ثقيلا. وهو أمر يؤشر أن مهندسي هذه الميزانية لم يأخذوا بعين الاعتبار ضغوطات الميزانية. واعتبر الديماسي أن "مشروع قانون المالية المطروح أعدته حكومة تستعد للمغادرة. وبالاستماع الى الخطاب الشعبوي لمن وصلوا الى الحكم اليوم أشعر بالقلق لانه باستطاعتهم إضافة نفقات جديدة كما أنني أخشى استمرار ذات السياسات التي أوصلتنا الى هذا الوضع". إعادة بناء الميزانية بخصوص تبعات تضخم المديونية قال الديماسي إن ثمن ارتفاع المديونية هو انخفاض نفقات التنمية. وهذا يعني مزيد تدهور البنية التحتية ومزيد نقص التجهيزات العمومية هذا بالنسبة للانعكاس المباشر. كما قال إنه يرفض استخدام مصطلح إفلاس لأنها ليست الوصف الملائم للوضع الذي نعيشه. ولكننا امام صعوبات لا تطاق وامام تعب كبير. ويقترح الديماسي في مرحلة أولى وقف الزيادات في بعض النفقات خلال سنتين. وحين تتحسن الميزانية يتم تحويل هذه الزيادة الى التنمية. وأكد الديماسي أن الأزمة الكبرى في سداد الديون وفي حالة العجز الممكنة للمؤسسات العمومية ولا أحد ينادي من اجل الإصلاح الهيكلي. كما ان السياسة تغيب عنها السياسة والبرنامج والاستراتيجية الواضحة. ومن جهته قال الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان إن قانون المالية لسنة 2020 تغيب عنه السياسة الواضحة كما يحمل زيادة في حجم الميزانية لتصبح مقدرة ب37 بالمئة من الناتج الداخلي الخام علما ان هذه النسبة لا تتجاوز 19 بالمئة في العام وكانت في حدود 28 بالمئة سنة 2010 واليوم بلغت النسبة المذكورة وهكذا اصبحت الإدارة التونسية الاغلى في العالم وأصبحت الدولة ثقيلة جدا على الاقتصاد الوطني. كما انتقد ازمة المديونية مشيرا الى زيادتها بنسبة 25 بالمئة على العام الماضي مما يعني بلوغها ربع الميزانية. وتوقع سعيدان مصادقة البرلمان الجديد على القانون المطروح وكذلك توقيع رئيس الجمهورية عليه مضيفا "المطلوب من الحكومة الجديدة إعادة النظر فيه بقانون تكميلي خلال نهاية الثلاثية الاولى او منتصف الثلاثية الثانية لإنقاذ الاقتصاد وإعادة بناء الميزانية عدا ذلك "باش تباصي".