أكد رئيس الجمهورية قيس سعيّد في خطابه أمس بمجلس نواب الشعب أن المواطنين بالخارج يعتزمون القيام بمبادرة لاقتطاع يوم عمل مدة 5 سنوات لإنعاش خزينة الدولة. تونس «الشروق»: قال أمس رئيس الجمهورية قيس سعيّد إن التونسيين الذين ضحوا بدمائهم من أجل الحرية، مستعدون لأن يفدوه بالعمل والمال. وإن الكثيرين في تونس وخارجها عبروا عن إرادتهم للتبرع بيوم عمل شهريا مدة 5 سنوات، «حتى تفيض خزائن الدولة، ولتخليص البلاد من التداين والقروض». هذه المبادرة التي ثمّنها رئيس الجمهورية. واعتبرها خطوة إيجابية لتطوير خزينة الدولة وقد لقيت انتقادات واسعة في صفوف الشغالين والأجراء الذين أطلقوا صيحات فزع رافضين المضي في هذا التمشي الذي سيزيد وفق تعبيرهم في تفقيرهم وفي تأزيم اوضاعهم الاجتماعية المزرية وفي تدهور مقدرتهم الشرائية في ظل الارتفاع المشط للأسعار وتدني مستوى الاجور. وعبر الشغّالون عن امتعاضهم من دفعهم دون سواهم فاتورة الازمة الاقتصادية الناتجة عن فشل الحكومات المتعاقبة وجعلهم حطب وقود السياسات الاقتصادية الخاطئة محذّرين من المس برواتبهم تحت أي غطاء ووفق أية تبريرات . «الشروق» تحدثت الى الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل حفيظ حفيظ الذي انتقد بشدة خطاب رئيس الجمهورية في النقطة المتعلقة بالتبرع بيوم عمل مدة خمس سنوات لإنعاش خزينة الدولة. وعبر عن رفضه القطعي هذه المبادرة مؤكدا انه لا مجال لتحميل الأجراء فاتورة أزمة لم يتسببوا فيها أيا كانت التكاليف وفق تعبيره. الكسب السهل وأضاف حفيظ حفيظ أن الدولة كعادتها تسارع دائما الى الحلول السهلة التي تستهدف الطبقة الشغيلة والفقراء والمهمشين . فعوض البحث عن مصادر تمويل الخزينة العامة في جيوب هؤلاء المستضعفين كان من الأجدر لها أن تبحث عن الحلول الجذرية لدى المتهربين من الضرائب ومن خلال تكريس العدالة الجبائية ومقاومة الاقتصاد الموازي وسد المنابع أمام لوبيات الفسفاط الذين حرموا تونس من عائداته منذ سنة 2010. وبعضهم يتمتع بنفوذ واسع داخل البرلمان وفق قوله . وقال الأمين العام المساعد إن هذه المبادرة تذكرنا بصندوق 26_26 زمن الرئيس الراحل زين العائدين بن علي. وتندرج في خانة الكسب السهل مشيرا الى ان الهياكل النقابية ليست ضد التضحية من اجل تونس ودعم خزينتها. ولكنها ضد التضحية وحدها في الوقت الذي يستوجب تضحيات مشتركة خاصة من أولئك اصحاب المال والاعمال ممن نهبوا ثروات البلاد واستنزفوها دون حسيب ولا رقيب. وأضاف حفيظ حفيظ على الدولة ان تسترجع أموالها السائبة المتخلدة بذمة الاثرياء ووقف عربدة لوبيات المال الفاسد وتطبيق عدالة جبائية واجتماعية بين مواطنيها بدل البحث عن الحلول السهلة في صفوف الاجراء ومزيد اثقال كاهلهم. الموقف ذاته عبر عنه عضو المكتب التنفيذي المكلف بالإعلام باتحاد الشغل الذي اعتبر من خلال تدوينته على صفحته الرسمية لشبكة التواصل الاجتماعي (فايسبوك)، الاقتطاع من أجور الاجراء بمثابة السرقة الا اذا كانت المسألة تطوعا شخصيا موقعا ودون ضغط داعيا الدولة الى البحث عن أموال تونس في جيوب المهربين والمتهرّبين وفي الأموال والثروات المنهوبة. خطأ اتصالي الكاتب العام المساعد للجامعة العامة للتعليم العالي عبد القادر حمدوني عبر هو الآخر عن رفضه التمشي في مبادرة التبرع بيوم عمل لفائدة خزينة الدولة مؤكدا انه كان منتظرا من خطاب رئيس الجمهورية الذي بنى حملته الانتخابية على التصدي للفساد أن يتوجه برسالة طمأنة الى الشعب التونسي تتمحور حول محاسبة الفاسدين والمتهربين والمهربين لا مزيد اثقال كاهل الموظفين والاجراء. وقال عبد القادر الحمدوني انه ولئن جاءت مسألة التبرع في اطار ضمني فإن التلميح بها جعلها كأنها مطلب شعبي. وهذا خطأ مشيرا إلى ان الطبقة الشغلية هي الوحيدة التي تدفع الأداءات بصفة دائمة ومنتظمة باعتبار الضرائب يقع اقتطاعها بصفة مباشرة زيادة على الخصم بنسبة ٪1 لفائدة الصناديق الاجتماعية مقابل تهرب كبار رؤوس الأموال . وقال الحمدوني: «أعتقد ان الحديث عن التبرع بيوم عمل في اول خطاب لرئيس الجمهورية نقطة في غير محلها . أرجو ان يكون الامر مجرد خطإ اتصالي اما اذا كان ذلك يندرج في اطار رؤية وتوجه فيا خيبة المسعى».