أول رد وأول تفاعل مع كلمة رئيس الجمهورية قيس سعيد أثناء إلقائه لخطاب تسلمه رئاسة الجمهورية صبيحة يوم الأربعاء 23 أكتوبر الجاري أمام نواب الشعب في علاقة بمشكلة الديون التي تعاني منها الدولة والتي وصلت مستويات غير مسبوقة بعد أن بلغت حدود 12 مليار دينار أي ما يعادل ربع ميزانية الدولة لسنة 2020 يما يجعل المالية العمومية للدولة في حالة حرجة ، حيث قال قيس سعيد " إن التونسيين الذين ضحوا بدمائهم من أجل الحرية مستعدون لأن يفدوه بالعمل والمال ، وأن الكثيرين في تونس وخارجها عبروا عن إرادتهم للتبرع بيوم عمل شهريا ولمدة خمس سنوات حتى تفيض الدولة ولتخليص البلاد من التداين والقروض " جاء الرد سريعا وعاجلا على هذه الكلمة من الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل حيث مباشرة بعد هذا المقترح الذي تقدم به قيس سعيد لمعالجة مشكلة الديون التي تثقل كاهل الدولة وتعيق الحكومة عن انجاز مشاريعها قال نور الدين الطبوبي على أمواج " موزاييك أف أم " في حصة " ميدي شو " أن ما قاله قيس سعيد ليس مقترحا رسميا وإنما الذي جاء على لسانه هو نقل لإشارات وخواطر لبعض الشباب المساند له في حملته الانتخابية حول كيفية معالجة موضوع الديون المتفاقمة وهي أفكار يمكن مناقشتها والنظر فيها حينما تتحول إلى مقترح رسمي " وأضاف " بأن مشكلة الدين لا تعالج بالطريقة المعروضة وهي اثقال كاهل العامل بمزيد من الاقتطاعات وتحميله المزيد من الضرائب فالطبقة الشغيلية هي اليوم من تساهم بقسط كبير في موارد ميزانية الدولة من خلال الضريبة على الدخل والاقتطاع المباشر من المورد والذي وصل إلى 75% من موارد الدولة بما يعني أن ثلاثة أرباع الميزانية تتحملها الطبقة الشغيلة والموظفون بمختلف أصنافهم وأنواعهم . فالطبقة الشغيلة التي يطلب منها اليوم أن تساهم بأجر يوم عمل على مدى خمس سنوات لتسديد ديون الدولة هي الحلقة الأضعف التي يلجأ إليها في كل مرة للبحث عن موارد جديدة علما وأنه فضلا عن تحملها العبء المرتفع للضرائب قد تم اقتطاع من مرتباتها 1% لفائدة الصناديق الاجتماعية التي تعاني هي الأخرى أزمة مالية حادة وبالتالي فإن العمال هم مرهقون اليوم بهذه السياسة السهلة التي تلجأ دوما إلى الحلقة الأضعف وإذا أردنا فعلا حل موضوع ديون الدولة فإنه علينا أن نبدأ بالمتهربين من الضرائب والذهاب إلى القطاع الموازي والذهاب إلى ناهبي الثروات وأصحاب الثروة والذين لا يدفعون ما يتوجب عليهم دفعه من أداءات وإذا قمنا بذلك ولم يكف ما يتم جمعه من أموال الدولة المهدورة عندها يمكن الحديث عن مساهمة الأجراء والعمال والموظفين . وفي نفس هذا الاتجاه جاء الرد سريعا كذلك من الأمين العام المساعد بالاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري الذي اعتبر في رده على كلمة رئيس الجمهورية " أن مطالبة العمال والموظفين بيوم عمل لمدة خمس سنوات لتسديد ديون الدولة لهو سرقة لهم وأضاف بقوله " إذا أردتم البحث عن موارد جديدة لسداد ديون الدولة فعليكم البحث عنها في جيوب المتهربين .. ابحثوا عن أموال تونس في الثروات المنهوبة .. دققوا في الديون فسوف تجدون الكيفية العادلة والمثلى لخلاصها " يتضح من خلال التصريحات الفورية التي جاءت على لسان القيادات العليا للاتحاد أن دعوة قيس سعيد للموظفين بالتبرع بيوم عمل لمدة خمس سنوات لخلاص ديون الدولة التونسية لم تلق الترحاب والقبول لدى المنظمة بل على العكس فقد جوبهت برفض فوري ومبدئي فأجور الموظفين بالنسبة للاتحاد خط أحمر وكذلك إرهاق العمال بمزيد من الاقتطاعات هو خط أحمر والتعويل على الموظفين لتوفير المال اللازم لمعالجة معضلة الدين الخارجي مشروط بتحقيق العدالة الجبائية التي تفرض على الدولة أن تلتف إلى أموالها المهدورة وغير المتحصل عليها والتي نجدها في القطاع الموازي والقطاع غير المنظم ولدى المتهربين من الضرائب وأصحاب الثروات ولدى المستفيدين من النشاط في قطاع الطاقة والثروات المنهوبة. يبدو أن الانطباع الظاهر هو أن الاتحاد قد سجل هدفا في مرمى الرئاسة في أول ظهور إعلامي لها من خلال الانتصار للطبقة الشغيلة ورفض تكبيلها بمزيد من المساهمات والاقتطاعات غير أن النظرة المتفحصة تذهب إلى أن قيس سعيد بإثارته موضوع تسويه ديون الدولة من خلال مساهمة العمال بيوم عمل على مدى خمس سنوات قد جر اتحاد الشغل إلى الانخراط في تطبيق العدالة الجبائية على الجميع بما فيهم المقربين منه من أصحاب المشاريع والمستحوذين على الثروة والنافذين في قطاع التهريب وكل الذين توجه إليهم تهمة حماية الاتحاد لهم على غرار أصحاب الشاحنات لنقل مادة الفسفاط وغيرهم .