بُنيت حركة تحيا بملامح «حزب حُكم « وبشخصيات كانت في قلب السلطة . وهو ما يجعل من الانتقال الى صف المعارضة، خطوة لها ارتدادات قد تضرب الحركة في العمق . هذا السياق يُمكن أن يُفسّر جزءا مما يحدث حاليّا من خلافات صلب الحركة ،بالرغم من انسجام التصريحات الرسمية لاغلب قياداتها . تونس -الشروق ثمانية أشهر فقط كانت كافية لاحداث شرخ داخل حركة تحيا تونس ، التي كان يُعوّل عليها كثيرا لخلافة حركة نداء تونس في جمع ما أمكن من القوى الوسطية التي تفرّق زعماؤها بين الأحزاب . لكن مسار هذا الحزب كان مخيبا للامال وكأنه حمل بذور فنائه في داخله منذ البداية . بداية الخلافات منذ مؤتمر التأسيسي وما رافقه من إشكالات وانقسامات ، بدأ ما يعتمل داخل هذه الحركة في الخروج الى العلن . وتدعّم ذلك بشكل واضح وجلي أثناء تشكيل القائمات الانتخابية التي ستخوض غمار الانتخابات التشريعية ، حينها تم استبعاد النواة الأولى للحزب او ما يمكن الإصطلاح عليهم بمؤسسي الحزب . وهم أساسا الصحبي بن فرج وسهيل العلويني وليلى الشتاوي وهدى سليم وسناء الصالحي.. أسماء كانت القاطرة الأولى التي شكّلت كتلة الائتلاف الوطني. وعملت على استقطاب عدد كبير من النواب حتى قبل ان تتأسس حركة تحيا تونس رسميا . نتائج الحزب استبعاد هؤلاء النواب من قائمات الانتخابات التشريعية وتعويضهم بأسماء أخرى التحقت ،مؤخرا بالحزب أحدث شرخا أول داخل حركة تحيا تونس. ويمكن القول إن هذا الشرخ كان من الأسباب الجوهرية لضعف نتيجة حركة تحيا تونس في الانتخابات التشريعية ،خاصة ان قيادة الحزب ظهرت بمظهر «ناكري جميل « من عملوا على تأسيس الحركة . ما حدث قبل الانتخابات التشريعية ،امتد الى ما بعد اعلان نتيجتها . فمنذ الانطلاق في المشاورات المتعلقة بتشكيل الحزام السياسي الداعم للحكومة المقبلة ، ظهر خلاف داخل حركة تحيا تونس بين راغبين في الانضمام الى الائتلاف الحاكم وبين من يرغب في التموقع في المعارضة. السلطة أو المعارضة الأمين العام لحركة تحيا تونس كان موقفه قطعيا منذ البداية. حيث شدد على ان الموقع الطبيعي لتحيا تونس في المعارضة . في حين اكدت تسريبات من مقربين من رئيس الحركة يوسف الشاهد انه يمكن التعويل عليه في التشكيلة الحكومية. وهو ما يجعل الحركة اقرب الى ائتلاف السلطة ،ارتباطا ببراغماتية حركة النهضة في التعاطي السياسي ،المنصب مقابل أصوات نواب حركة تحيا تونس . قُرب يوسف الشاهد من الرئيس قيس سعيد ،دفع الى بروز بعض المقاربات التي تؤكد ان الشاهد يمكن ان يكون وزيرا للخارجية في الحكومة المقبلة وعلاقته بسعيّد تأتي في سياق ما لسعيّد من صلاحيات في علاقة بمنصب وزير الخارجية ،حيث ينص الدستور على ان تعيين وزير الخارجية يكون بالتشاور بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية . التصويت ضد الغنوشي إمكانية حصول يوسف الشاهد على موقع في التشكيلة الحكومية المقبلة ،كان مرتبطا بتصويت نواب حركة تحيا تونس لصالح راشد الغنوشي في منصب رئيس للبرلمان . وتؤكّد اطراف من داخل النهضة أنه الى حدود الساعات الأخيرة قبل التصويت للمرشحين لهذا المنصب كان هناك تسليم بتصويت نواب تحيا تونس لراشد الغنوشي . المفاجأة كانت بدخول حركة تحيا تونس الى سباق رئاسة البرلمان وترشيح النائب مروان فلفال ، وهو ما جعل الحركة تعيد حساباتها في علاقة بتحيا تونس ويمكن القول ان هذا السلوك جعل النهضة تأخذ مسافة من هذا الحزب بعد ان كانا في انسجام مطلق ،سواء في فترة تشكل كتلة الائتلاف الوطني ،او في فترة تأسيس حركة تحيا تونس . بن أحمد وفلفال هذا في ما يتعلق بالمعطى الخارجي وعلاقة تحيا تونس بالنهضة اما داخل الحركة فلم يكن الامر محسوما منذ البداية ،حيث ان ترشيح مروان فلفال كان محل خلاف بين النواب ،خاصة ان النائب مصطفى بن احمد قرر هو أيضا الترشح لهذا المنصب . هذا الملف تم حسمه بالتصويت وتحصل مروان فلفال على 8 أصوات في حين تحصل مصطفى بن احمد على 6 أصوات فقط ، وهو شرخ اخر يُضاف الى الخلافات الحاصلة داخل تحيا تونس ،يضاف الى ما يحدث داخل تحيا تونس منذ تأسيسه من خلافات تسببت في تجميد عشرات القيادات إما لمناصرتهم لمرشح اخر غير يوسف الشاهد في الانتخابات الرئاسية او لترشحهم على قائمات أخرى ،غير قائمات تحيا تونس في الانتخابات التشريعية الماضية . القرب من النهضة او القطع معها من المنتظر أن تتعمّق هذه الإشكالات ، في الأيام القليلة القادمة بسبب تحديد موقف واضح من دعم حكومة الحبيب الجملي او التصويت ضدها. فبالرغم من المواقف الرسمية التي شددت على ان تحيا تونس سيكون في المعارضة الا ان بعض قيادات الحركة تدفع في سياق دعم الحكومة. وتشير الى ان تحيا تونس ،حزب حكم. وسيفقد هويته ان بقي في المعارضة ، في حين تدفع قيادات أخرى في سياق البقاء في المعارضة ،مشددين على ان الحزب تضرر كثيرا من علاقة التوافق مع النهضة . تحمل الفترة القادمة أصعب التحديات التي ستخوضها حركة تحيا تونس. ففترة تشكيل الحكومة والتصويت على منحها الثقة ، يخضعان للكثير من الاغراءات والضغوطات ، وبقاء كتلة تحيا تونس متماسكة ودون انقسامات ،وهي في صف المعارضة اختبار حقيقي سيكشف مدى صلابة الحركة او هشاشتها . خلافات تحيا تونس اكثر من خلافات النداء قال الناشط السياسي فوزي اللومي ،إن الصراعات داخل حزب "تحيا تونس" تفوق الصراعات التي كانت داخل نداء تونس، وأضاف ان حزب تحيا تونس لديه فلسفة «اللي موش معانا راهو ضدنا» كما قال اللومي إنه «تم إسقاط قائمة منتخبة في الإنتخابات المحلية والجهوية لحزب تحيا تونس في ولاية مدنين نظرا لأنها لم تعجب بعض القيادات» ، على حد تعبيره.