بفضل العناية به على امتداد قرون، بقي سور صفاقس صامدا شامخا، لكنه اليوم يتآكل من الداخل ويتهاوى، وقد ارتفعت الأصوات التي تنادي بالمحافظة على هذا المعلم الأثري البارز بالمدينة.. مكتب صفاقس (الشروق) من يزور صفاقس، لا يمكنه أن يمرّ دون الوقوف أمام سور المدينة يستحضر التاريخ ويتصفح ورقات من الماضي دونت أحداثا مفصلية في تاريخ عاصمة عربية إسلامية أبى سورها إلا وان يقف عاليا شامخا يضم منازل ومساجد ودكاكين كانت تعج بأبناء المنطقة. سور صفاقس لعب دورا تاريخيا نضاليا دفاعا عن أبناء المدينة وعاداتهم وتقاليدهم ودينهم ..، السور وحسب المصادر التاريخية، هو الأقدم في منطقة المغرب العربي، وقد وبني خلال فترة حكم الأمير أبي العباس محمد بن الأغلب، على يد القاضي علي بن سلم البكري بين 849 - 851 ميلادية. وجدد في عهد الأمير أبي إبراهيم أحمد بن الأغلب. هندسته عربية إسلامية، وجدرانه شاهقة تحمي من الأخطار الخارجية، وترقب الجامع الأعظم الذي تحيط به شبكة منازل وأزقة ضيقة كانت فيما مضى تتصل بالعالم الخارجي ببابين رئيسيين هما الجبلي والديوان، تعلوهما منقوشات حجرية وقد بلغ وعدد الأبواب اليوم 12 بابا.وأقدم أبواب صفاقس المفتوحة من السور الجبلي والديوان، وبقيت المدينة قرونا ببابين فقط حتى أواخر القرن التاسع عشر ميلادي إثر الاحتلال الفرنسي، حيث فتحت الأخرى لتكاثر عدد السكان وإنشاء أحياء خارج السور، واستقرار الناس وسط البساتين والجنائن. وبعد أن كانت مدينة صفاقس ذات بابين فقط صار بها الآن 12 بابا، أي 10 أبواب جديدة آخرها الباب الشرقي. شيّد السور على مقربة من شاطئ البحر الذي يبدأ من مقام سيدي جبلة ويلتصق بالسور جنوبا، حيث القصبة وقصر الوالي القديم يبتعد عن السور كلما اتجه إلى الشرق حتى محطة الأرتال، حيث كانت المرسى الشرقية وشارع الحبيب بورقيبة وهو مكان الشاطئ الأول. وتشير بعض المصادر، أنه نظرا لأهمية السور في حماية المدينة التي تسمى اليوم بالمدينة العتيقة أو البلاد العربي، ارتفعت جدرانه عاليا، وكانت صيانته دائمة وترميمه يتجدد وهو ما يتطلب أموالا طائلة، لذا جعلت له أوقافا كثيرة يشرف عليها ناظر خاص يصرف المداخيل لإصلاح السور وتدعيمه. وبعيدا عن الجانب النفعي في الحماية، يتميز سور صفاقس بهندسة معمارية عالية فهو من أجمل الأسوار الإسلامية من حيث الهندسة والتصميم والبناء، ..وهو الأقدم وانفرد بالبقاء بشكله وصورته التامة إلى اليوم رغم الترميمات العديدة التي حظي بها على مرّ السنوات، وقد تم استعمال الحجارة المستعملة في بنائه ما عدا بعض الأجزاء والحصون، بنيت بحجارة ضخمة ومنقوشة، مربّعة أو مستطيلة الشكل، وأسفله عريض بنحو مترين ونصف المتر ويتصاعد مسندا فيقل عرض جداره، حيث لا يتجاوز في نهايته الخمسين سنتيمترا. هذا السور الذي كانت له أوقافا لترميمه، يتداعى اليوم من الداخل بعد أن تصدّعت جدرانه وتشققت، وقد ارتفعت عديد الأصوات التي تنادي بالعناية به ليبقى شامخا كما كان يستحضر فصول الماضي ويبعث الحياة في مدينة عتيقة تآكلت أزقتها ودكاكينها هي الأخرى من الداخل ..