66 ٪ من التونسيين يستخدمون موقع التواصل الاجتماعي الامريكي «فايسبوك» أغلبهم من الفئة العمرية ما بين 13 و34 سنة. ولا يخلو هذا الفضاء الافتراضي الذي فرض وجوده على التونسيين منذ العام 2011 من المخاطر لعلّ أبرزها تحوله الى فضاء لحرب شوارع حقيقية مسّت كل المجالات. تونس/الشروق احتل موقع فايسبوك الامريكي المرتبة الاولى من حيث عدد المستخدمين في تونس إذ لدى التونسيين 7 مليون و100 ألف حساب في هذا الموقع وهو ما يمثل 66 بالمائة من مجموع السكان 57 بالمائة منهم ذكور و43 بالمائة إناث وتمثّل الفئة العمرية 13 34 سنة الاكثر استخداما لهذا الموقع. علما وان هذه الارقام هي الى غاية ديسمبر 2017 وفقا لمؤسسة ديسكفري الرقمية أي قبل عامين ما يعني ربما زيادة في هذا العدد. ويحتل موقع انستغرام الموقع الثاني من حيث استخدام التونسيين ليبلغ عدد مستخدميه مليون و620 ألف تونسي أي ما يناهز 14 بالمائة من السكان وفقا لنفس المصدر أغلبهم ذكور وأقلهم اناث (48 بالمائة) وتتراوح اعمار الفئة العمرية الاكثر استخداما لهذا الموقع ايضا بين 13 34 سنة وفقا لكتاب الثنائي جوهر الجموسي وإشراق بن إسحاق «شبكات التواصل الاجتماعي: تحوّلات في المجتمع والسياسة والارهاب». فيما يمتلك التونسيون 150 ألف حساب شخصي في موقع تويتر أي ما يناهز 1.29 بالمائة. مخاطر هذا التغلغل التونسي صلب المواقع الاجتماعية وأساسا فايسبوك كانت له كلفته. فالفايسبوك الذي فرض نفسه على التونسييين منذ 2011 ومثّل إبّان الثورة القاطرة التي مرّت منها اخبار الاحتجاجات الاجتماعية في القصرين وسيدي بوزيد وكل المناطق الغاضبة إلى العالم في ظلّ حالة القمع والتسلّط التي كان يعيشها الاعلام. ثمّ لاحقا تحولت هذه القاطرة الى ساحة الجدل الواسع الذي مسّ الحياة السياسية والاجتماعية والامنية والثقافية ثمّ ساحة للعنف ولحرب حقيقية شنّها مجهولون ضدّ المستخدم التونسي من ذلك نشر فيديوهات مفبركة واخبار زائفة ونشر صور للقتل والذبح مثل نشر صورة الشهيد مبروك السلطاني الذي قطع ارهابيون رأسه وهي صور وفيديوهات «تبرز ضمنيا وباطنيا خطر هذه الشبكة على نفسية المجتمع من خلال تأثيرها في الرأي العام كما ان تكرار مثل هذه المشاهد وتداولها له أبعاد خطيرة على المجتمع فهو ينمّط الاذهان ويجعلها تعتاد على مثل تلك المشاهد الاجرامية واللانسانية» وفقا لكتاب الثنائي جوهر الجموسي وإشراق بن إسحاق. هكذا لم يعد أطفالنا إذن في مأمن حتّى وهم في غرفهم ممدون في أفرشتهم. فتلك الشاشات الصغيرة التي يدللهم بها أوليائهم فيقتنون لهم آخر الابتكارات في اللوحات الرقمية والهواتف الجوالة تفتح لهم أبواب الجحيم في كل لحظة. فهؤلاء يعيشون حالة حرب حقيقية في عالم مجهول يدعى «فايسبوك». وكانت إشراق بن إسحاق صاحبة الكتاب المذكورة والمختصة في العلوم الثقافية والاتصال قد أكّدت على وجوب تكثيف المراقبة الفئة العمرية 13 24 سنة باعتبارها الفئة المستهدفة من قبل شبكات التواصل الاجتماعي. كما دعت وكالة السلامة المعلوماتية الى تكثيف مراقبة المواقع بالاضافة الى أهمية المراقبة الابوية والاسرية. حرب شوارع يقرّ كتاب الثنائي جوهر الجموسي وإشراق بن إسحاق باهمية شبكات التواصل الاجتماعي في حياة الفرد وبسرعتها ونجاعتها في كل المجالات باعتبارها وفرت نقطة التواصل والتفاعل مع الآخر وضمنت التقاء افتراضيا ساهم في تشكّل الافكار وبناء التصورات وإحداث التحوّلات الاجتماعية والسياسية والجذرية في المجتمع التونسي وفي المجتمعات العربية وغيرها» لكنها في الآن نفسه ساهمت في نشاة شكل جديد من الارهاب هو الارهاب السيبرني او إرهاب الشبكات الاجتماعية». وقد مثّل الفايسبوك في تونس ساحة لاستقطاب عدد من الشباب للتنظيمات الارهابية وتسفيرهم الى بؤر التوتّر في العالم من ذلك مالي وسوريا وليبيا. ومثّل أيضا ساحة لتهديد الحياة الأسرية والاجتماعية وساحة للابتزاز والعنف فكم من شخص سقط ضحية للعنف والابتزاز في الفايسبوك من ذلك تهديد متزوجات بنشر صورهنّ على اساس انهنّ يخدعن ازواجهنّ ما لم تسلّم لهؤلاء المهددين أموالا. وكم من مراهقة سقطت ضحيّة اغتصاب على يد صديقها الذي تعرفت اليه في موقع فايسبوك وعند اول لقاء يتم تحويل وجهاتهنّ من ذلك حالة الطفلة سلمى، (اسم مستعار) البالغة من العمر 15 سنة والتي احتجزها صديقها (في العقد الثالث من العمر) الذي عرفته عبر فايسبوك في بناية مهجورة في جهة سيدي حسين لمدة ثلاثة ايام وتولّى الاعتداء عليها جنسيا واغتصابها فقط لانها اعجبته بشدة حين التقاها ولان علاقتهما الافتراضية سهّلت عليه اغتصابها وانتهى الامر الى تزويجها منه في العام 2016. الفايسبوك اصبح اليوم مجال كل المخاطر في تونس فاستخدامه لا يتوقف عند سن 13 سنة بل إنّ ما دون هذه السن هم ايضا من مستخدمي فايسبوك أمام «إعجاب» و«فخر» من والديهم ب«نباهة» و«شدّة ذكاء» ابنائهم والحال ان الصغار يتواجدون في فضاء تُفتح فيه حرب شوارع مستمرة بين مجهولين ولغايات مختلفة فهو مجال للعنف والتحيّل ومجال غير خاضع لايّ تنّظم. فإنّ كان لفايسبوك مزاياه فإنه ايضا فتح ابواب الجحيم على جيل برمّته ويهدّد بولادة جيل من صناعة الاخبار الزائفة والفيديوهات المفبركة وحرب الشوارع التي لا تنتهي. فارس زين العابدين (باحث) مخاطر على الأطفال والمراهقين تونس/الشروق قراءة أسماء سحبون قال الدكتور فارس زين العابدين في دراسة اعدها حول تأثيرات مواقع التواصل الاجتماعي على الأطفال والفتيات إن عدد مستخدمي هذه المواقع من الأطفال والمراهقين زاد بشكل مخيف خلال الخمس سنوات الأخيرة وان 22 بالمائة من المراهقين يدخلون على مواقعهم الاجتماعية المفضلة اكثر من عشر مرات في اليوم واكثر من نصف المراهقين يدخلون هذه المواقع اكثر من مرة في اليوم هذا بالإضافة الى تزايد نسبة المراهقين الذين يمتلكون هواتف جوالة. كما قال الباحث الجزائري إنّه «بسبب امكانياتهم المحدودة فإن الأطفال والمراهقين معرضون لبعض الخطر عند استعمالهم مواقع التواصل الاجتماعي حيث أظهرت الأبحاث ان الكثير من الانطباعات على الانترنات هي انعكاسات للسلوكات خارج الانترنات كالتسلط وتشكيل الجماعات والممارسة الجنسية والتي أدت الى ظهور التهديد والتسلط عبر الانترنات ومشاكل متعلقة بخصوصية المعلومات وارسال الرسائل الجنسية إضافة الى مشاكل أخرى يجب الانتباه لها كإدمان استعمال الانترنات المتزامن مع الحرمان من النوم». وأشار الى ان التكنولوجيا أصبحت من المشاكل الجديدة من التنشئة الاجتماعية التي أصبحت مدمجة في حياة الأطفال وبسبب جهل بعض الآباء وعدم مواكبتهم لهذه التطورات يتشكّل هذا الفراغ الكبير بين الآباء والابناء فيما يتعلّق بالمعارف والمهارات التقنية مما يؤدّي الى خلل في طريقة استعمالهم للانترنات. وقد يشكل استعمال مزاقع التواصل الاجتماعي خطرا اكبر مما يظن الكثير من الراشدين على حد قول الباحث وتتمحور هذه الأفكار حول أمور من بينها: الند للند والمحتويات غير اللائقة وعدم الإحاطة بالمسائل المتعلقة بحماية المعطيات الشخصية على الانترنات والتاثيرات الخارجية من طرف اشخاص مجهولين يتعمدون التهديد عبر الانترنات وذلك من خلال إشاعة معلومات كاذبة ومحرجة او عدائية تتعلق باشخاص آخرين وهذا من اكبر المخاطر المنتشرة على الانترنات بالنسبة للمراهقين وهو خطر من ند الى ند. واعتبر الباحث ان دور أطباء الأطفال مهم من حيث تثقيف العائلات حول تعقيدات العالم الرقمي والتحديات الاجتماعية والصحية التي يتعرض لها الشباب على الانترنات وذلك من خلال تشجيع العائلات على مواجهة القضايا الجوهرية كمسائل التطور الجنسي والتسلط والاكتئاب والقلق الاجتماعي حيث يمكنهم مساعدتهم على فهم ما يحدث على الانترنات وحث الآباء على التحاور مع الأطفال والمراهقين فيما يخص استعمال النات والقضايا التي يواجهها الأطفال على الشبكة.