أقامت الجمعية التونسية للاتصال مساء أول أمس الجمعة لقاء مع الاستاذ زهير المظفّر المدير العام للمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية بمناسبة صدور كتابه من الحزب الواحد الى حزب الاغلبية (التجربة التونسية). وقد قدم الاستاذ المظفّر أهم المفاصل التي انبنى عليه تأليفه الجديد الذي اعتبره العديدون سابقة في تاريخ الكتابات السياسية التونسية من حيث كونه اجتاز عددا كبيرا من المحرّمات وبحث بصفة دقيقة ومفصلة في طبيعة الميكانيزمات التي حكمت حركة الانتقال والتحوّل في مسيرة التجمع الدستوري الديمقراطي منذ انبعاثه في العشرينات من القرن الماضي الى التحوّل الجوهري الذي يعيشه منذ 7 نوفمبر 1987. ولم تكن لقراءة الاستاذ المظفر بحسب عدد من الملاحظين أية حواجز إذ عالجت جل الملفات المطروحة في علاقة بالاسباب التي جعلت الرئيس بن علي يراهن على الحزب الاشتراكي الدستوري ويأتمنه على التغيير ويرفض فكرة إحداث حزب جديد، ثم الكيفية التي توصل فيها التجمع الى القطع مع عقلية الحزب الواحد والطريقة التي أمكن لها عمليا إنقاذ الحزب الحاكم برغم حالة الوهن الكبيرة التي آل اليها أواخر الحكم البوريبي. وأشار الدكتور المظفّر في كتابه الى أن أربعة عوامل ساهمت في تعزيز مكانة التجمع أولها مراهنة الرئيس بن علي عليه ومصالحة الحزب مع تاريخه الذي يؤكد حقيقة البعد الوطني والطبيعة الجماهيرية للحزب بالاضافة الى التجديد في مضامين الخطاب السياسي التي تواصلت طيلة السنوات الاخيرة عبر كل المؤتمرات واللقاءات والاستشارات، مع ما أضافته منهجية التفتح على الكفاءات والنخب والشباب والمرأة من دفع للبعد الجماهيري وتطوير الهياكل. المستقبل وقد أنجز الاستاذ المظفر كل ذلك في كتابه كما في التقديم الذي أجراه في مقر الجمعية التونسية للاتصال دون أن يُغفل رصد مستقبل الحزب الحاكم في تونس والطرائق التي عليه أن يتفاعل معها إذا رغب في أن يظل حزبا للاغلبية خاصة في ظل الظرفية الاقليمية والدولية المهتزة في عدة أرجاء، وعدّد المؤلف المحاضر خمسة قُدرات هامة مطروحة على التجمع الدستوري الديمقراطي لاجل تحقيق تلك المهام والمحافظة على الريادة والجماهيرية ومواصلة الاضطلاع بأعباء ومسؤوليات الحكم في البلاد، وهذه القدرات هي: القدرة على التجدد والقدرة على النقد الذاتي والقدرة على مزيد تفعيل دور النخب والشباب والقدرة على تطوير الديمقراطية المحلية والقدرة على أن يكون قدوة للاحزاب الاخرى الموجودة على الساحة السياسية الوطنية. التجمع والمعارضة وفي رده على عدد من الاستفسارات التي تقدمت بها «الشروق» حول النظام الانتخابي المعتمد حاليا في تونس وصلته بمتانة وصلابة الحزب الحاكم وعلاقته بالمشاكل التي تعرفها أحزاب المعارضة، أشار الاستاذ زهير المظفر الى أن التجربة السياسية في تونس تجربة رائدة من حيث اعتمادها التدرّج وبثبات في تحقيق الديمقراطية وأن ذلك التمشي ساهم في تجنيب البلاد الهزات وحقق لها قدرا كبيرا من التواصل وأفاد الاستاذ المظفر أن الرئيس بن علي قد توفّق الى وضع نظام انتخابي سمح بتحقيق التنمية السياسية في البلاد ومكّن أحزاب المعارضة من ثمّ من تجسيم التعددية. وقال المظفر: «إن الرئيس بن علي قد فكّ عقدة الترشح للانتخابات الرئاسية التي كثيرا ما شغلت الرأي العام وكانت في فترة ما من المحرمات والمحظورات التي لا يمكن الحديث حولها في ظل انغراس فكرة الاحادية والفردانية والحزب الواحد». وأكد الاستاذ المظفر أن التعديلات التي أجريت على مستوى المجلة الانتخابية والقوانين الدستورية ساهمت في تنمية الحياة السياسية وذلك مهم من حيث إبراز دور القاعدة القانونية في تنمية الحياة السياسية وتعزيز روابطها وتدعيم أسسها في اتجاه تحقيق المزيد من الحريات والمزيد من الديمقراطية. وعن علاقة التجمع بأحزاب المعارضة قال الاستاذ المظفر ان قوة التجمع الدستوري الديمقراطي هي في قوة أحزاب المعارضة وأضاف: «بقدر ما تكون المعارضة قوية بقدر ما يكون التجمع قويا ومن ثم فلا توجد أية مصلحة للتجمع في وجود أحزاب معارضة ضعيفة». وأفاد المتحدث أن دخول المعارضة للبرلمان وللمجالس البلدية والجهوية قد حفّز النواب التجمعيين وخلق لديهم ديناميكية وحركية إضافة الى أن مشروع التحوّل أساسه التعددية والديمقراطية. وأن النظام الحاكم قد استفاد كثيرا من تواجد المعارضة داخل البرلمان على قاعدة الاستئناس برأي الاقلية وأن دخول المعارضة للبرلمان قد أحدث تحوّلا كبيرا إذ أصبحنا في تونس نتحدث عن معارضة وعن أغلبية في البرلمان وليس عن رأي واحد أو فكرة واحدة. محطة بارزة وفي علاقة بانتخابات 24 أكتوبر أكد الاستاذ زهير المظفر أنها ستكون محطة بارزة في تكريس الديمقراطية داخل البلاد وكذلك داخل التجمع الدستوري الديمقراطي انطلاقا من الخيار الذي اعتمدته قيادة الحزب في عدم ترشيح أعضاء الحكومة في القائمات التشريعية والذي جاء استجابة لرغبة من القواعد التي تريد أن يكون ممثلوهم في البرلمان من الجهات، وأكد المتحدث أن ذلك يعدّ نقلة في صلب التجمع وأن نسق التحولات سيتواصل حتما في تونس وأشار الاستاذ المظفر الى أن التجمع (الحزب الحاكم) قد قبل في فترات سابقة وحاليا تواجد أعضاء في الحكومة (وزراء وكتّاب دولة) مستقلين ومن غير المنتمين اليه وذلك في اتجاه الايمان بالانفتاح ورفض فكرة الحزب الواحد. وأضاف المتحدث أن الاختيار الانتخابي الجديد للتجمع قد فرضته كذلك كثافة النخب التي لم تعد متواجدة فقط في العاصمة بل توزعت وانتشرت عبر الجهات الداخلية مما افترض إتاحة الفرصة أمامها للتواجد في البرلمان والتعبير عن مشاغل وآراء المواطنين والمناضلين في الجهات وقال: «من الافضل أن يكون النواب هم الذين يحضرون ويناقشون ويصوّتون وذلك تمش حكيم وقرار صائب وسّع دائرة المشاركة وأعطى الثقة في النخبة الجهوية والمحلية... وأبرز المتحدث المكانة التي يحتلها النقد الذاتي والتقييم في ضمان المسيرة الموفقة والاستمرارية وتأكيد النجاحات التي تحققت ومزيد تركيزها وتثبيتها.