تونس - الشروق تتواصل التفاعلات حول غياب اجراءات حكومية لمساعدة الصحافة الورقية، التي تعيش ازمة خانقة بسبب توقفها عن الصدور ،التزاما بقرار الحجر الصحي والتوقف عن الصدور، مما جعل مؤسسات الصحافة الورقية تفقد مداخيل المبيعات والاشهار. هذا الملف تفاعل معه سياسيون ومنظمات وطنية وجمعيات... وطالبوا بضرورة دعم هذه المؤسسات لتجاوز أزمتها ،قبل أن تعود الصدور مجددا ،و دعا الدكتور لطفي المرايحي، أمين عام حزب الاتحاد الشعبي الجمهوري إلى ضرورة وقوف الجميع إلى جانب الصحافة المكتوبة عموما والورقية على وجه الخصوص في هذه الفترة الصعبة التي يمر فيها القطاع بأزمة خانقة. وقال المرايحي في تصريح ل»الشروق» إن الصحافة الورقية تأثرت في السنوات الأخيرة سواء في تونس او في بقية الدول بالتحولات الرقمية ولم تعد تساير الوسائط الحديثة من حيث نقل الخبر.. لكن رغم ذلك فقد حافظت على مكانة محترمة في دول متقدمة وديمقراطية وتفوق تونس عشرات المرات من حيث تطور وتعدد الوسائط الحديثة ومازالت تلقى رواجا هاما ويُعتد بها أكثر من غيرها .. والسبب في ذلك حسب المرايحي هو تواصل الإيمان في تلك الدول بهذا الصنف من الصحافة التي توصف ب»صحافة الزمن الطويل» عكس ما تقوم به الوسائط الحديثة وهو «صحافة الزمن القصير» التي تُنجز في وقت قصير وتُستهلك أيضا في إبانها لأنها لا تحمل سوى خبرا سريعا.. أما الصحافة الورقية فهي صحافة العمق لانها تُنجز في زمن أطول وتُنتج مادة تدوم أكثر في الزمن باعتبارها صحافة الفكر والتعليق والاستقصاء والمواضيع العميقة والثابتة والمفيدة أكثر للقارئ وباعتبار ما تحمله من جدية وتعمق في تناول المواضيع. وبالنظر إلى كل هذه الاعتبارات قال الدكتور لطفي المرايحي انه لا يجب التساهل في معالجة أزمة الصحافة الورقية في تونس حتى تحافظ على المكانة نفسها التي مازالت تحظى بها في بقية الدول.. فهي محتاجة أولا إلى دعم من الدولة يكون ماديا - على الاقل في هذه الفترة - ويكون ايضا بمساعدتها على مزيد تطوير نفسها على عدة أصعدة. كما تكون هذه المساعدة أيضا من خلال مزيد تنظيم الاشهار العمومي وفقا لمبدأ المساواة (وليس التساوي) أي وفق ما للصحيفة من انتشار. وعلى صعيد آخر يجب ان يكون الدعم ايضا حسب د. المرايحي من المجتمع وذلك من خلال الوعي أكثر بأهمية القراءة والاقبال على الصحافة العميقة والاستقصائية وصحافة الفكر والرأي الحر والتثقيف.. وشدد المتحدث أيضا على أهمية تعويل الصحف الورقية على أصحاب الأقلام الجيدة التي تشد القارئ وعلى مادة صحفية عميقة وعدم التعويل كثيرا على صحافة نقل الخبر. دور محوري للشروق اما عماد بن عبدالله السديري الخبير في المجال التربوي والتنموي فقال «لا أحد يستطيع أن ينفي الدور المحوري الذي لعبته جريدة الشروق في تأثيث المشهد الإعلامي وإثراء الفكر التونسي في أكثر من مجال حيوي منذ سنوات وعقود طويلة. فالشروق ليست الأكثر انتشارا في تونس فحسب، بل لقد كانت ولا زالت إلى اليوم ملاذا للعديد من المفكرين والمبدعين والخبراء التونسيين الذين يحلمون بغد أفضل وأرقى لتونس وشعبها. شخصيا، لقد كانت لي مساهمات كثيرة في جريدة الشروق، وبخاصة في الشأنين التربوي والتنموي؛ وللتاريخ فإني لم أجد إلا النزاهة والمصداقية والجدية في التعامل مع جميع الأفكار التي طرحتها أو الحقائق التي كشفتها، رغم إن بعضها قد كان صادما ومزعجا في نظر بعض الأطراف «. وأضاف عماد السديري انه في الواقع، لا أحد منا يستطيع أن يتصور تونس بدون جريدة الشروق وبعض الصحف الورقية الأخرى التي تمثل جزءا لا يتجزأ من الهوية الفكرية التونسية؛ وهي هوية لا بد على الدولة أن تعي قيمتها وألا تتردد في حمايتها والوقوف إلى جانبها في مثل هذه الأوقات الصعبة التي فرضت توقيف إصدار وترويج الصحف الورقية في تونس. وقال السديري «إن بلادنا اليوم في حاجة ماسة إلى إعلام محترف تكون له الخبرة اللازمة للمساهمة الإيجابية في إرساء دعائم دولة بديلة تكون أكثر ذكاء وقدرة على فهم الواقع واستشراف المستقبل والتوعية بتحدياته. وبناء هذه الدولة الحلم يقتضي قطعا الحفاظ على رصيدنا الإعلامي المكتوب والاستثمار فيه دون تردد حتى يسهم بكل قوة في تحقيق ما يطمح إليه جميع التونسيين والتونسيات في السنوات والعقود القادمة..» من أكثر القطاعات تضررا اما رئيس ودادية قدماء البرلمانيين لزهر الضيفي فقال» دون شك فان قطاع الصحافة المكتوبة من بين أكثر القطاعات تضررا من جائحة كورونا، ذلك أن الحجر الصحي يمنع توزيعها ويقللها من مواردها المتأتية اساسا من الشراءات والمساهمات وادعو رئيس الحكومة الى اجراات مستعجلة لدعم الصحافة المكتوبة ومرافقتها في هذه الازمة.» وأضاف لزهر الضيفي أن قطاع الصحافة المكتوبة يشغل العديد من الصحفيين والتقنيين الذين تهددهم البطالة جراء الصعوبات المالية لمؤسساتهم وهو ما يستوجب التفكير في هذه الفئة ، كما أن ملف الصحافة المكتوبة ليس ملفا اجتماعيا فحسب بل هو ملف حضاري فعلاوة على التوثيق والتفسير والتحليل تلعب الصحافة المكتوبة ادورا متقدمة في المجتمع.