تونس: خطة لتعديل أسعار اللحوم الحمراء عبر شراكة بين المؤسسات العمومية    نقل تونس: انطلاق بيع اشتراكات النقل المدرسية والجامعية الإثنين 25 أوت 2025    عاجل : حجز كميات ضخمة من المواد الغذائية'' الفاسدة' في عدة ولايات    مونديال الكرة الطائرة تحت 21 سنة: هزيمة المنتخب التونسي أمام نظيره الفرنسي 0 - 3    العاصمة: يعتدي على ضحاياه بطريقة وحشية ليسلبهم.. #خبر_عاجل    المروج: فيديو لشخص سقط بين المترو والرصيد يُثير جدلا واسعا    مدينة العلوم: ذكرى المولد النبوي الشريف يوم 4 سبتمبر فلكيا    موعد ذكرى المولد النبوي الشريف وفقا للحسابات الفلكية    المسرحية التونسية "روضة العشاق" في المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة للمسرح التجريبي    النادي الإفريقي: قائمة المدعوين لمواجهة الترجي الجرجيسي    أحلام: اعتمرتُ للفنانة التونسية ذكرى محمد    تعرف على ''البارفان'' النسائية الأفضل هذا الصيف!    وضعت زوجها في موقف محرج: سيرين عبد النور ترقص مع هذا الفنان    للمرة الأولى بعد حرب ال12 يوما.. إيران تختبر صواريخ جديدة بمناورات "الاقتدار المستدام"    الكرة الطائرة – مونديال أقل من 21 سنة : تونس تنهزم ضد فرنسا (فيديو)    مجلة "بصمات" تخصّص عددها الثالث لمداخلات الدورة التأسيسية لملتقى "لقاءات توزر"    اختفاء فتاة في منزل المهيري: العائلة توجّه هذا النداء.. #خبر_عاجل    مصر.. إعدام "سفاح الإسماعيلية"    عاجل - صفاقس: إيقاف ''المخربين'' بعد أعمال شغب بمحطة القطارات    تونس تمنع المكيّفات من الدرجات 4 إلى 7 لتفادي ضغط الكهرباء    محمد صلاح يكتب التاريخ: يتوّج للمرة الثالثة بجائزة أفضل لاعب في البريميرليغ    صفاقس: القبض على مجموعة متورطة في تخريب محطة القطار    المجموعة العالمية "جيبسي كينغ" تحل بتونس لأول مرة وتختتم مهرجان الجم لموسيقى العالم يوم 30 أوت    السيسي في زيارة رسمية الى السعودية..    شراكة بين QNB تونس و21 Century لتقديم تجربة حصرية للتمويل العقاري..    7 سبتمبر المقبل.. خسوف كلي للقمر في تونس    التكوين المهني في تونس: هذه الاختصاصات الأكثر طلبا في سوق الشغل    الضوء الأزرق والشاشات... كيف يدمر نوم المسنين في تونس!    الرابطة الأولى: تشكيلة النجم الساحلي في مواجهة إتحاد بن قردان    المروج: شخص يعلق بين عربات المترو والرصيف بمحطة "ميامي" (فيديو)    فتح باب التسجيل بالمركّب الاجتماعي والتربوي للأطفال المصابين باضطرابات طيف التوحد للسنة التربوية 2025-2026    مختصة في أمراض الشيخوخة تحذّر من تداعيات الاستعمال المفرط للانترنت من قبل كبار السن    الرابطة الأولى: تشكيلة الملعب التونسي في مواجهة مستقبل سليمان    عاجل- تسهيلات جديدة للعمرة: تنجّم تسجّل وحدك دون وسيط !    قيس سعيد : المُهمّش لم يولد مهمّشا بل هو ضحيّة سياسات قامت على الإقصاء والتفقير    وفاة "القاضي الرحيم" كابريو بعد أيام من ظهوره في فيديو مؤثر    تهشيم وتخريب بمحطة القطار بصفاقس يثير الغضب على مواقع التواصل    أبرز ما جاء في لقاء رئيس الدولة بوزير التجهيز..    سامي الطاهري لرفيق عبد السلام " لا نتشرف بمساندتك"    ارتفاع انتاج "الزقوقو"..وهذا حجم المخزون..    وزارة الثقافة تنعى مدير التصوير والمخرج أحمد بنيس    تونس: جريمة بشعة تهزّ الرأي العام... اغتصاب كلبة والاعتداء عليها بسكّين!    عاجل/ بسبب إسرائيل: أمريكا تعاقب 4 قضاة بالمحكمة الجنائية الدولية..    عاجل/ الاعتداء على محطة القطار بهذه الجهة..أضرار مادية كبيرة..وفتح تحقيق..    زلزال بقوة 5.6 درجات يضرب هذه السواحل..#خبر_عاجل    الملتقى الدولي لالعاب القوى للنخبة بالمانيا - عبد السلام العيوني يحرز المركز الثالث لسباق 800م ويحطم الرقم القياسي الوطني    مروى بوزياني تضمن ترشحها الى نهائي الدوري الماسي لالعاب القوى في سباق 3000م موانع    لدى لقائه محافظ البنك المركزي: رئيس الدولة يؤكد أن التعويل على الذات أثبت جدواه    طقس اليوم: الحرارة تتراوح بين 38 و 43 درجة    رئيسة الحكومة: تونس تعتز بانتمائها الافريقي، ورفعت شعارها عاليا بان تكون افريقيا للأفارقة    لبنان.. إصابة سبعة أشخاص جراء غارة إسرائيلية على بلدة الحوش    آخر تطورات إختفاء فتاة ال 15 سنة بالقيروان.. بطاقتا إيداع بالسجن ضد شقيقها وجارتها    ليبيا.. مفاجأة قوية بانتظار "صاحب مزحة الأسد" مع عامل مصري    تاريخ الخيانات السياسية (52) .. الوزير ابن مقلة    وزير الصحة يبحث مع سفير الأردن بتونس تعزيز تبادل الخبرات في صناعة الأدوية واللقاحات    ابتكار جهاز من الماس لتتبع الخلايا السرطانية دون الحاجة إلى مواد مشعة    حسب الحسابات الفلكية.. هذا موعد المولد النبوي الشريف في تونس    احلام تغنّي ''تُراث تونسي'' في مهرجان قرطاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مَرَاكِبُ الإنْقَاذ: العَمَلُ عَنْ بُعْد
نشر في الشروق يوم 02 - 01 - 2021

تحتاجُ الأعمال في بعض الأوقات إلى التكيُّفِ من خلال العمل عن بعد، وربطها بالتقنيات اللازمة لحسن إنجازها. فما الهدف الذي يتجلّى من خلال العمل عن بعد، وما هي ضماناته، ومؤشرات نجاحه؟
الهدف الرئيس الذي تصبو إليه المؤسسات في ظل الحاجة للعمل عن بعد هو الإبقاء على حاجاتنا الأساسية قائمة أثناء هذه الفترة كما كانت قبلها، وأن نستمرّ في نجاحاتنا. نحن نعيش في سوق "الذكاء الاصطناعي"، وعلى كل فرد أن يقيس مقدار أمّيته من خلال مدى معرفته للغة الذّكاء الاصطناعي التي تتطور كل دقيقة! كما أنّ عليه أنْ يُنقذَ ما يتقنه؛ إذ لا نعلم إلى أين تجري بنا مقادير التّقنيّة العالميّة، وإلى أي مدى يمكن أن يتغير مفهوم الأمية في المستقبل المنظور!
"من المؤكد أن عدد الناس الذين يعملون من المنزل ارتفع بشكل كبير في أنحاء العالم هذه الأيام. لقد أوصت شركة "ألفابت"، المؤسسة الأم لشركة "جوجل"، بأن يعمل موظفوها جميعهم في أمريكا الشمالية وأوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط من منازلهم حتى 10 أبريل/نيسان، كما أعلمت "أمازون" موظفيها جميعهم على مستوى العالم القادرين على العمل من المنزل للقيام بذلك حتى نهاية مارس. وقد طلبت شركات تقنية أخرى، بما في ذلك "تويتر" و"مايكروسوفت" و"آبل"، من موظفيها العمل من منازلهم، وكذلك عشرات الشركات الصّغرى الأخرى.
وهو تدبير مؤقت بالطبع، اعتمادًا على انتهاء صلاحية كورونا. ولكن هل يمكن أن يصبح مستمرًا بعد أن تدرك هذه الشركات المزايا الهائلة في نقل الموظفين من المكاتب والطلاب من المدارس والجامعات في المدن المزدحمة إلى العالم الرّقميّ في هدوء منازلهم، وترشيد الوقت والمال، وإيقاف الفساد، والتوفير على جميع المواطنين الذين يقودون سياراتهم إلى المكاتب الحكومية ويقفون صفوفًا لإنهاء معاملاتهم؟ نعم، يمكن، من خلال نشر "إنترنت الأشياء" في جميع المواقع الحكومية والمدارس والشركات.
هنا يبرز السؤال الكبير: هل لا بد للقيام بذلك من تدخل العنصر البشريّ؟ ماذا عن الامتحانات المدرسية التي تتطلب التّدقيق لضمان نزاهة الاختبار ولتتحقق من مُعامل صدقها؟ أو الاجتماعات المباشرة للشركات لتحديد القرارات الرئيسة؟ أو عددٍ لا يُحصى من المتطلبات ذات الصّلة؟ هنا تأتي "Spatial".
شركة البرمجيات هذه، تقوم بتطوير نظام يتمّ بموجبه عقد الاجتماعات من خلال الصّور المجسّمة التي توفر صورًا ثلاثية الأبعاد. سواء أكان الاجتماع في مدينة معينة أو بين عدة مدن في العالم، فستُظهر الصّور المجسمة ثلاثية الأبعاد للمشاركين في الغرفة نفسها ما يمكنهم من التفاعل عبر سمّاعة "الواقع المعزّز"، وما سيوفر المشاركة الكاملة أثناء مؤتمرات الفيديو ويسمح للأعضاء برؤية الأشياء بطريقة أكثر واقعية ومن زوايا متعددة. عدة شركات تتنافس حاليًّا لتطوير هذا النظام بما في ذلك "Google Classroom"، الذي يساعد المعلمين على إعداد وإدارة الدورات التدريسية.
وربما تُظهر لنا الكورونا في الوقت نفسه صعوبة تحمّل العمل عن بعد عندما يتعلق الأمر بالبلدان المتخلفة وغير المؤهلة رقميًّا، وبخاصة شرائح المجتمعات الفقيرة التي لا تملك حتى جهاز كمبيوتر، ناهيك عن الاتصال بالإنترنت. البعض منهم يستخدم حاليًّا شاشة التلفزيون الوطني لتوفير حصص التدريس عن بعد. لكنّ العمل جارٍ في أنحاء العالم لتعزيز الوسائل الرقمية: فالحكومات الرقمية لا يمكن أن تعمل إلا مع المواطنين الموجّهين رقميًّا والمؤهلين فعلًا للعمل عن بعد."
وعندما تُستكمل هذه التجهيزات عالميًّا، يأتي دور برمجة الأعمال عن بعد لاختراق المألوف والمعتاد بين التوقيت والاختيار وترتيب الأولويات. وستكون هذه المهمة الأصعب والأكثر عبئًا من الأعمال التي ما كان لها أن تتمظهر أو تترتب أو تكون ذات أولوية لولا الحاجة لإجراءات العمل عن بعد. وتتعدد توجهاتنا في ظل هذا العمل حيث يمكن حصرها في اتجاهين: الحاجة (التّواصليّة)، والحاجة (الخدماتية)، فالأولى تتوفر بما نملكه من أجهزة الذّكاء الاصطناعي مثل أجهزة الحاسوب المحمول والألواح الذكية، أما الثانية فبما يضمن استمرارية الحياة من غذاء ودواء وأمن. والاثنان لا ينفصلان!
"الوجه الآخر للعمل الرقمي البعيد هو أن الشاشات تنأى بالناس عن بعضهم البعض. هذا هو الفارق بين التفاعل وجهًا لوجه والتفاعل عبر الإنترنت. الناس سوف يتوقون دائما إلى تقاسم لحظة في الزمان والمكان مع شخص ما، هل تعتاد "أدمغتنا القديمة" على هذا الواقع الجديد من التفرّد؟ على المدى الطويل، يفضّل العاملون عن بعد عدم البقاء في المنزل بمفردهم طوال اليوم على الرغم من أنهم يشعرون بالراحة في التّعامل التّجاري وهم بملابسهم الخفيفة. ومع ذلك، يمكن التعويض عن هذا بالاستمتاع بأمسيات استرخاء مع الأصدقاء الخُلَّص في المقهى القريب. كما يمكن أن يقابَل روتين العمل عن بعد بعطلة نهاية أسبوع جيدة في المنتجعات يموّلها ما يوفرونه من وقود ووسائل الراحة الأخرى خلال الأسبوع، بعيدًا عن أجهزة الكمبيوتر، وقريبًا من الطبيعة."
نجاحنا في العمل عن بعد يتمظهر في مجموعة مؤشرات هي: عشق العمل، ومهارة التأقلم، وقدرة التمييز، والاختيار، والترتيب، والتنظيم داخل هرم الأعمال، حيث تُعِيْن البرامج التّقنيّة الجاهزة والمُعدّة حسب الحاجات العملية بتشكيل خلايا (من زملاء العمل) تعمل بدراية وفهم وقدرة على ربط المكتوب بالمقروء وتمييز القابل للترجمة على أرض الواقع مع المفروض تخيّله ورصد المتوقع إنجازه، وغير ذلك مما يفرضه العمل ساعة بساعة.
ورغم أن العمل عن بعد لا يرتبط بزمان آلي يقيس ساعات عمل محددة، ولا بمكان يحيط بالعاملين وأدواتهم وحاجيّاتهم، إلا أن التدرّب على صنع خليّة مُتابعة للعاملين عن بعد سيضمن استمرارية الإنجاز، ويتجاوز عقبات عدم التّواصل الوجاهيّ، وعقبات المتابعة الدقيقة لأوقات العمل داخل محيط المكان أو خارجه. عبر هذا النجاح في العمل عن بعد يمكننا تجاوُز معظم العقبات وتحقيق ضمانات ما كان لها أن تتحقق بدونه، بل إنه بممارستنا للعمل عن بعد سنكتشف أسلوبًا مثاليًّا وأنموذجًا قادرًا على ضمان استمرارية النجاح، ونتجاوز إهمالًا طالما مارسناه فيما مضى للعمل وفق هذا الأنموذج الذي ربما سيكون هو النّهج المستقبليّ لإدارة أعمال السّنوات القادمة.
العمل عن بعد عمل صامت لا يستدعي في الغالب تخصيص ساعات صباحية أو مسائية، لكنه عمل ممنهج ومنظم خاصة في حالة عملنا لمؤسسة تستدعي اجتماعات تقييم وتخطيط وبرمجة، كما يضمن بناء القدرات، ويساهم في صناعة جيلٍ يملك ما يؤهّله إلى إعالة نفسه وأسرته؛ بما سيمتلكه من مقومات مهاريّة ومعرفيّة. هذا هو مركب الإنقاذ نحو المستقبل في هذا القرن، وهو لن ينتظرنا لنُجهّز أمتعتنا وأدواتنا أو لنُقدّم حُجَجَنا في عدم جاهزيتنا، فذلك كلّه سيذهب هباء! ولن يُصدقنا أحدٌ إذا قلنا إننا لم نكن ندري بوصوله؛ لأنه يُطلق الأبواق، الآن وسينشر شِراعَ الإبْحَار قَريبًا.
العمل عن بعد لم يَعُد نِظامًا وِقائيًّا أو اسْتثنائيًّا، بل أساسيّ وواقعي، ومن لم يُقبِل عليه الآن فسيسبقه آخرون، ولن يتصدرَ القائمةَ مهما بَلَغَ جهْده.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.