هام/ تسميات جديدة في وزارة التجهيز..    بطاحات جزيرة جربة تاستأنف نشاطها بعد توقف الليلة الماضية    نجيب الدزيري لاسامة محمد " انتي قواد للقروي والزنايدي يحب العكري" وبسيس يقطع البث    وزيرة الإقتصاد في مهمة ترويجية " لمنتدى تونس للإستثمار"    عاجل/ مُحام يتعرّض للطعن بسكين أثناء خروجه من قاعة الجلسة بهذه المحكمة..    حملة أمنية في نابل تسفر عن ايقاف 141 شخصا    الأعلى انتاجا.. إطلاق أول محطة توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية    الندوة الوطنية لتقييم نتائج التدقيق الطاقي الوطني للبلديات تبدأ أشغالها    سيارة Chery Arrizo 5 الجديدة تصل إلى تونس    البطولة العربية لالعاب القوى للشباب - التونسي ريان الشارني يتوج بذهبية سباق 10 الاف متر مشي    التونسي أيمن الصفاقسي يحرز سادس أهدافه في البطولة الكويتية    أبطال أوروبا: الليلة القمة الأهم بين ريال مدريد وبايرن ميونيخ    ما السر وراء اختفاء عصام الشوالي خلال مواجهة باريس ودورتموند ؟    انطلاق اختبارات 'البكالوريا البيضاء' بداية من اليوم الى غاية 15 ماي 2024    حجز كمية مخدّرات كانت ستُروّج بالمدارس والمعاهد بحي التضامن..    يُوهم الفلاحين بالبحث عن أرض لكرائها ويترصّد مواشيهم ثم يعود ليلا لسرقتها..    الحماية المدنية: 12 حالة وفاة خلال ال24 ساعة الماضية    عاجل : قضية ضد صحفية و نقيب الموسقيين ماهر الهمامي    أريانة :خرجة الفراشية القلعية يوم 10 ماي الجاري    قصر العبدلية ينظم الدورة الثانية لتظاهرة "معلم... وأطفال" يومي 11 و12 ماي بقصر السعادة بالمرسى    دورة جديدة لمهرجان الطفولة بجرجيس تحتفي بالتراث    عاجل/يصعب إيقافها: سلالة جديدة من كورونا تثير القلق..    رسميا: الأولمبي التونسي "أيوب الحفناوي" يغيب عن منافسات أولمبياد "باريس 2024"    قوات الاحتلال الصهيوني تعتقل 8640 فلسطينيا بالضفة الغربية منذ 7 أكتوبر الماضي..    بطولة مصر : الأهلي يفوز على الاتحاد السكندري 41    سياحة : نحو 30 بالمائة من النزل التونسية مازالت مُغلقة    جرحى في حادث اصطدام بين سيارتين بهذه الجهة..    كأس تونس: قائمة لاعبي الترجي الرياضي المدعوين لمواجهة نادي محيط قرقنة    اتحاد الفلاحة: ''علّوش'' العيد تجاوز المليون منذ سنوات    عاجل : دولة عربية تلاحق عصابة ''تيكتوكرز'' تغتصب الأطفال بالخارج    قبل لقاء الأهلي والترجي: السلطات المصرية تعلن الترفيع في عدد الجماهير    حوادث : مقتل 12 شخصا وإصابة 445 آخرين خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الاربعاء 8 ماي 2024    الاقتصاد في العالم    عاجل/ فضيحة تطيح بمسؤولة بأحد البرامج في قناة الحوار التونسي..    بأسعار تفاضلية: معرض للمواد الغذائية بالعاصمة    تراجع عدد أضاحي العيد ب13 بالمئة مقارنة بالسنة الماضية    أخبار المال والأعمال    مدعوما بتحسن الإيرادات الخارجية: ميزان المدفوعات يستعيد توازنه    إلى حدود 6 ماي تصدير 8500 طن من القوارص منها 7700 طن نحو فرنسا    هزة أرضية بقوة 4.7 درجات تضرب هذه المنطقة..    "دور المسرح في مواجهة العنف" ضمن حوارات ثقافية يوم السبت 11 ماي    ومن الحب ما قتل.. شاب ينهي حياة خطيبته ويلقي بنفسه من الدور الخامس    جيش الاحتلال يشن غارات على أهداف لحزب الله في 6 مناطق جنوب لبنان    اعتبارًا من هذا التاريخ: تطبيق عقوبة مخالفة تعليمات الحج من دون تصريح    لأجل غير مسمى.. إرجاء محاكمة ترامب بقضية "الوثائق السرية"    محرز الغنوشي: رجعت الشتوية..    سحب لقاح "أسترازينيكا" من جميع أنحاء العالم    رئيس جمعية مالوف تونس بباريس أحمد رضا عباس ل«الشروق» أقصونا من المهرجانات التونسية ومحرومون من دار تونس بباريس    مصر: تعرض رجال أعمال كندي لإطلاق نار في الإسكندرية    بعض مناضلي ودعاة الحرية مصالحهم المادية قبل المصلحة الوطنية …فتحي الجموسي    المهديّة :ايقاف امام خطيب بسبب تلفظه بكلمة بذيئة    اتصالات تونس تنخرط في مبادرة "سينما تدور" (فيديو)    تونس : 6% من البالغين مصابون ''بالربو''    متى موعد عيد الأضحى ؟ وكم عدد أيام العطل في الدول الإسلامية؟    رئيسة قسم أمراض صدرية: 10% من الأطفال في تونس مصابون بالربو    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    العمل شرف وعبادة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حول تنظيم الفهم وترتيب العقل السياسي الوطني
نشر في الشروق يوم 03 - 04 - 2021

علينا قبل أي تغيير جاد وفعلي ويعول عليه للمنظومة وللنظام أن نعيد النظر في إعادة إنتاج نظام العقل الذي يبنى عليه فكرنا وواقعنا ومنظومة العقل التي تحمله وتديره وتحكم به حتى لا يكون العقل مرة أخرى ضحية استخدامه وادعاء السياسة باسمه وحتى لا نضحي كما العادة بتضحيات شعبنا وبمستقبل وطننا.
إن العائق الذي يحول دون التقدم الوطني في الانتصار لقضايا الشعب واحداث التغيير المطلوب يعود للفوضى التنظيمية من جهة وانعدام التنظم من جهة أخرى في الدولة وفي المجتمع وفي قواه السياسية لا سيما وان ذلك يدمر عقائد وقناعات الناس في التغيير وفي الثقة بقوة وطنية سيادية وبناء عائلة وطنية سيادية انطلاقا من شتات نواة التيار الوطني المقاوم المبثوث بين نضالات التونسيين الجزئية والمحدودة والمتواصلة وعلى مدار عقود، ناهيك عن كون هذه الفوضى تصبح دوما بعد التخاذل والعجز جريمة نكراء لن تنفع أحدا.
لا شك، على سبيل المثال، ان مؤسسات الحكم والطبقة السياسية الحاكمة لا تخصص أي جهد فعلي مؤسساتي ومنظم لمقاومة التبعية ولمقاومة التطبيع، وهي تتعمد ذلك وهذه هي سياستها الرسمية. وهي تغطي هذا التهاون الكبير بخطابات خشبية وأطر صورية لا تقاوم الإرهاب من جذوره ولا تقاوم الفساد من أصوله. وهنا، لا العمل الأمني رغم تضحياته الجليلة يحل المشكل تماما ولا الشعارات الشعبوية في ملاحقة المفسدين تحل المشكل، بل تعمقه ليصبح سياسة دمقرطة للفساد لها بنيتها وأركانها وتقاذف للأدوار وتبادل للمواقع بين الحكم والمعارضة، بشكل عام طبعا. أما عن الإرهاب فنحن نرى منذ سنوات انه عامل استراتيجي وليس مجرد ظاهرة وانه سياسة استعمارية ممنهجة وظيفية وليس مجرد أحداث وايديولوجيا تختلق اختلاقا وتصنع تصنيعا من وقت إلى آخر وعبر العشريات ويتم تحضير المناخات المناسبة لها، وانه استراتيجية تخريب وفوضى منظمة ومركبة وله وظائف سياسية وأمنية واقتصادية وانتخابية وثقافية وخارجية.
يتهرب نظام الحكم الحالي في الحقيقة وفي الواقع من حقيقة معينة ويراوغ حتى لا يواجه جوهر وأصل جريمة تدمير الوطن والشعب وتنعكس فهما مقلوبا في عقول غالبية الناس ترسخه وسائل الإعلام والنخب. هذه الحقيقة هي كما يلي:
ارتباط كل ملفات الإرهاب والفساد بالتبعية والعمالة للأجنبي وهيمنة الاستعمار عبر وكلاء محليين وارتباط سياسة التبعية هذه بسياسة التطبيع مع العدو الصهيوني. دققوا جيدا وحللوا جيدا واستنتجوا، وسوف تجدون ان التبعية المشروطة بموالاة العدو الصهيوني في كل التفاصيل هي العامل المهيمن والمشترك والثابت في كل الجرائم المتعلقة بلوبيات الإرهاب والفساد والتجويع والتخريب.
ولذا فإن التوصيف الأقرب إلى الحقيقة والتشخيص الأكثر واقعية ووضوحا هو الذي يضع اليد على الحظر الأكبر وهو فرض الاحباط واليأس على غالبية الشعب تحت ضغط الصدمات المتلاحقة والطعن والغدر والظلم المتلاحق والمتفاقم دون أثر واقعي في المحاسبة. وتحت فوضى الكم الهائل من الوقائع والحقائق المفزعة وتحت وابل من القضايا في وقت واحد بحيث تفقد الغالبية القدرة على تركيز العمل على الحلقات الأقوى التي بإسقاطها وتفكيكها ومعاقبتها تسقط الحلقات الأصغر وتبنى الأوطان بمنوال المنطق الملائم وبنمط العقلانية المتناسبة وتبدع النموذج الاستراتيجي الوطني الضروري. وهذا ما يفسر تهافت ما يسمى المجتمع المدنى وأغلبه مكلف بمهام وما يسمى المجتمع السياسي الذي يطول الحديث حوله.
تتملك غالبية الناس قناعة بأن الخيانة معممة ومنتشرة على نطاق واسع وان الغالبية شركاء فيها وانه لا يوجد تنظيم للعمل المقاوم لهذه الجرائم الكبرى لا على مستوى مؤسسات الدولة ولا على مستوى بقية القوى وان حياة هذه الغالبية مهددة إذا اهتمت بالمبدأ ولم تبحث عن نصيبها داخل هذا المستنقع الكبير. ولا أخطر وأشد عدوانا من هدر القيمة الأساسية لأي وطن وأي حضارة وهي طاقة أحراره وشرفاءه وإن كانوا أقلية. هكذا يمكن أن نتبين ونرى الحلول أو على الأقل كيفية بناء الرؤية الناجعة وذات المصداقية.
إن الارتباط الوثيق بين التبعية والتطبيع والإرهاب والفساد الذي ينتظم كله في سياسة واحدة لها رعاتها في الخارج ولها أدواتها في الداخل يفرض كما كنا ننادي دائما ومنذ وقت ليس بقصير تقسيم العمل المقاوم وتنظيمه في أربعة فروع وفي الدولة وفي المجتمع في نفس الوقت:
1- مقاومة عوامل التبعية
2- مقاومة عوامل التطبيع
3- مقاومة عوامل الإرهاب
4- مقاومة عوامل الفساد
عبر ذلك يتم تحصيل الشروط لفرض تنفيذ سياسات وطنية سيادية واصلاحية وطنية بديلة ومعمقة تعالج كل ما سبق وتحفظ أمن البلاد والعباد وحياة كل الناس وعيشهم الكريم عبر خطط ونضالات وبرامج تنفيذية لطالما كررنا الحديث عنها سابقا، وهي ليست هدف هذا الرأي الذي ننشره الآن.
هذا هو المفتاح الاستراتيجي لكل ذلك قبلا وبعدا:
اسقاط منظومة العقل السياسي حكما ومعارضة واستبدالها بمنظومة عقل وطني مقاوم وحدوي وسيادي وانساني وهو شرط وجود حركة شعبية مقاومة تحقق الأهداف ودولة شعب سيدة ومقتدرة أو دولة حق ومستقبل قادرة وفاعلة.
إن عدم ترتيب منظومة العقل السياسي المقاوم ترتيبا صحيحا هي التي تعطل وتعصف وتشوه وتفشل حتى الآن كل شيء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.