كفى تفكيرا في الماضي ... إنتفاضة 2021 أتت في وقتها... عبّرت عما إختزن في القلوب على مدى عشر سنوات ... و رحب الشعب بها ... كانت الإنتفاضة تؤدي إلى فوضى عارمة ... ربما حتى إلى عنف خطير ... لو لم يتلقفها رئيس الجمهورية بسرعة و كأنه كان متهيئا لها ... و جنب البلاد مآسي جديدة ... و انحدارا قاتلا ... أعاد رئيس الجمهورية للتونسيين أملا كانوا يعتقدون انه انتهى و لن يعود ... لذا أصبحت مسؤوليته اكبر ... فهو لم يعد مطالبا بوقف الانحرافات و انما أيضا بفتح آفاق جديدة كبرى ... ما كان بالامكان تغيير المنظومة من الداخل في إطار مؤسساتها و بتطبيق إجراءاتها ... اللجوء إلى الفصل 80 كان الأقل ضررا ... السكوت كان قاتلا ... لخبطة الاختصاصات اوقف الدولة... و الحوار أصبح مستحيلا ... الدستور غلق المنافذ .. اعتقد صانعوه انهم بهكذا توزيع للسلطات و هكذا تصلب في الإجراءات يتربّعون على العرش ... وكما قال صديقي أمين محفوظ "من حفر دستورا لأخيه وقع فيه "... لا فائدة الان في تقدير الشرعية و في الحديث عن مدى احترام الدستور ... ألم تحصل إنتفاضة 2011 دون أن يهتم احد بمدى احترام دستور 1959 !... ليس هناك عيب في هذا ... فالانتفاضات تعني رفض الموجود و اعتباره معيبا لا يتوجب التقيد به ... من يبحث الان في احترام شروط الفصل 80 هو كمن يتمسك بترتيب المكتبة و بيته يحترق ... الأهم ليس هذا ... الأهم هو ألاّ نعيد أخطاء 2011 ... ألاّ نبقى حبيسي الماضي ... ألاّ يتملكنا الحقد و أن نمعن في التتبعات ... التونسيون الان يريدون الخروج من الازمة ... يريدون الاضواء مسلطة على المستقبل ... يريدون استقرارا و سلما ... يريدون عدلا و مساواة أمام القانون... يريدون مدارس افضل لاطفالهم ، و مستشفيات افضل ، و اسعارا افضل ... التونسيون يريدون مناخا سليما للنمو ... و أدوات لتدارك ما فات ... التونسيون الان يريدون نظاما سياسيا يحول دون التأزم من جديد ... لا يعيد الانفراد بالسلطة و ما تتضمنه من انحراف ... و لا يعيد تشتيت السلطة و ما يتضمنه من تعطيل للدولة و ارتباك في القرار ... الديمقراطية ضرورية ، لكن تلك التي تخلق الأفكار و تمكن من أفضل القيادات ... الحرية ضرورية ، لكن تلك التي تكون مسؤولة ولا تؤدى إلى التعديات و الفوضى ... دستور الغنيمة يجب أن يعدل ... الانتخابات التي تفضي إلى التشتت يجب أن تصحح ... نصيحة لكل التونسيين و التونسيات : لا تبقوا حبيسي الماضي ... فكروا في الجديد ... فكروا في المستقبل... كفى ما اضعنا وقتا و نحن ننبش الماضي...