شكلت زيارة رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة الى تونس يوم أمس حدثا مهما وعاديا للبلدين. فهو حدث مهم جاء ليطوي سريعا صفحة التوتر بين البلدين الذي كاد يتحول الى ازمة سياسية كانت ستضر كثيرا بالشعبين الشقيقين. وهو حدث عادي بحكم طبيعة العلاقة الاخوية فهذه الزيارة عبارة على جلسة مصالحة عادية بين أخوين اذ ان العلاقات التونسية الليبية لايمكن النظر اليها من زاوية المصالح الاقتصادية والسياسية فقط انما الجوانب الاجتماعية والقرابة الاكثر أهمية فيها حيث ان اختلاط الانساب والالقاب والمصاهرة من اهم ما يميزها. ومنذ 25جويلية حاول البعض في الجهتين توتير هذه العلاقة ونسفها ببث الاشاعات والادلاء بتصريحات عدائية أثرت على رئيس الحكومة الليبية الذي ردّ بتصريح عدّ مسيئا لتونس سرعان ما تراجع عنه. و للتذكير ليست هذه المرة الاولى التي تشهد فيها العلاقات توترا فقد حدث أكبر من ذلك في اواخر السبعينات و أواخر الثمانينات و كانت علاقتنا بالأشقاء الليبيين تخرج أكثر متانة و عمقا بعد كل أزمة . اليوم و بعد الاجتماع بين سعيد و الدبيبة من المنتظر أن تشهد العلاقة انطلاقة جديدة مهمة للبلدين و لاعزاء للصائدين في الماء العكر من الذين يقتاتون من توتر هذه العلاقة و الذين يخوضون حربا بالوكالة على كل من ليبيا وتونس . وقد وردت مفردات مهمة في بيان الرئاسة التونسية بخصوص هذا اللقاء حيث جاء فيه انه تم تجديد التأكيد على وحدة المصير وتلازم التنمية والاستقرار والأمن في البلدين، وضرورة النأي بالعلاقات الثنائية عن كل محاولات التشويش من أجل مستقبل أفضل للشعبين الشقيقين وفق تصور جديد. والاهم من ذلك ما تم الاتفاق بخصوصه وهو تكثيف التنسيق وتبادل المعلومات لتأمين الحدود ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والتصدي لكل محاولات استهداف وحدة واستقرار البلدين والمنطقة.. كذلك تم الاتفاق على استحثاث الهياكل المعنية في البلدين لخطاها من أجل بلوغ حلول مشتركة لبعض المسائل والصعوبات المتعلّقة بالصحّة وحركة تنقل الأشخاص والبضائع في المعابر والديون المتخلدة ومساهمة المؤسسات التونسية في جهود إعادة الإعمار في ليبيا هي اذن ليست زيارة ودية لطي التوتر فقط وانما هي زيارة عمل مثمرة لكلي البلدين وجاءت في وقت يعاني فيه الاقتصاد التونسي من أزمة غير مسبوقة من شأن هذه الزيارة و ما سيعقبها ان تعطي نفسا جديدا للشعبين الشقيقين.
