الشعب التونسي رغم عدده القليل مقارنة بكثير من الشعوب وهو كله ب12مليون نسمة يمكن ان يكون ولاية في القاهرة أو حيّا في الصين. و رغم صغر مساحة البلاد التي يعيش عليها الا انه كان تاريخيا صانع الحدث ومؤثر في التاريخ منذ عهد عليسة مرورا بإفريقية ثم الحضارة العربية .ثم في مقاومة الاستعمار و تحصله على استقلاله قبل دول كثيرة . ومنذ 2011 و الشعب التونسي يصنع الحدث تلو الاخر فهو كان المبادر بإطلاق شرارة ما سمي بالربيع العربي و التي اطاحت بأربع رؤساء لتشكل الاستثناء الديمقراطي بين العرب و يتوج بجائزة نوبل للسلام لنجاحه في ادارة الخلاف السياسي بعيدا عن الاقتتال كما حدث في سوريا و اليمن و ليبيا و حتى مصر . ولقد حصد الشعب التونسي الاعجاب و بدأ اسم تونس مقترن بالحرية و التحرر و الديمقراطية و التعايش السلمي بين الفرقاء .ورغم السنوات العشر العجاف اقتصاديا و اجتماعيا فان البلاد نجحت في ضمان مكان لها ضمن الدول الديمقراطية بالتداول السلمي على السلطة و بقبول الاختلاف و حسن ادارة الخلافات داخل مؤسسات الدولة. و من عجب الشعب التونسي أن نرى مظاهرة تنظم لمؤازرة الحكومة و اخرى لمناصرة الرئيس كما حدث في اواخر حكم المشيشي .أما العجب العجاب فما حدث في مظاهرة يوم السبت الفارط حيث التقى أنصار الرئيس المساندين لقرارات 25جويلية و أنصار المنظومة القديمة المناهضين للانقلاب وفق رؤيتهم و قد رفعوا شعارات مسيئة للرئيس مطالبين اياه التراجع على الانقلاب غير مدركين ان الانقلاب و المنقلب أول ما يقوم به هو قمع مظاهرة كهذه و اغلاق المؤسسات الاعلامية التي تنتقد الرئيس و تصف ما قام به بالانقلاب . ومن العجب أيضا ان المتظاهرين نادوا بإسقاط النظام الذي هو ساقط أصلا و هو نظام احزابهم و حكومتهم السابقة وهم يتصورون أن الرئيس أسس لنظام و لابد من اسقاطه وهو ما لم يحدث الى اليوم . في حين اتهم انصار الرئيس الطرف المقابل بالإرهاب و الفساد و تخريب الدولة . حدث كل هذا في مساحة ضيقة دون حدوث صدامات فالكل عبّر كما شاء و غادر المكان دون ايقافات و لا اصابات .وهي اشارة واضحة أن الامن محايد و يقوم بدوره الجمهوري في حماية المتظاهرين السلميين . انه شعب عجيب ..هكذا يتحدث عنه الاخرون بكثير من الاعجاب فلا نبخس انفسنا و لا نجلد ذواتنا فنحن نمارس الديمقراطية و نتنفس الحرية ..و شعب عجيب مثل شعبنا لا خوف عليه من عجائب الدهر.