انه لم ينتظر سقوط جدار برلين لارساء مجتمع قائم على الحرية... ولم ينتظر حدوث الهزات التي شهدتها بعض التجارب لكي يتولى اقامة نموذج للتنمية مبني على أسس التضامن والاندماج الاجتماعي... ولم ينتظر صيحات الفزع ضد التطرف والتعصب العنصري والديني للمبادرة بالعمل على احياء ثقافة التفتح والاعتدال والتسامح... ذلك ما أكده سيادته بعد عقد من تحول السابع من نوفمبر المجيد عندما كانت تونس تتهيأ لدخول القرن الحادي والعشرين بكل ثقة واقتدار وقد تحقق لها من الانجازات ما يؤهلها لكسب رهانات الحاضر والمستقبل وذلك بفضل الاصلاحات الجريئة المنبثقة عن ارادة سياسية قوية نابعة من ايمان راسخ بقيم العمل والانجاز واشاعة مبادئ الديمقراطية وحقوق الانسان والتضامن والعدالة والوسطية، وقد تجاوبت مختلف شرائح المجتمع مع هذه الاصلاحات التي تواصلت على مدى السنوات الماضية لتتوج بالاصلاح الدستوري الذي عرض على الاستفتاء ليحظى بالاجماع وليشكل علامة اخرى مضيئة تكرس ارادة الشعب الواعية في تكريس مصيره على أرض الواقع. وجاء البرنامج الانتخابي الذي أعلن عنه سيادته يوم الاحد قبل الماضي مؤكدا ارادة الرئيس بن علي على مواصلة العمل من أجل مزيد الاصلاح وارساء الديمقراطية وبناء تونس الغد، فهو برنامج يؤسس لمرحلة جديدة ويفتح آفاقا ارحب لتونس الغد... برنامج عقلاني متوازن توجهاته وخياراته نابعة من روح الاصلاح والتحديث ودستور البلاد، فهي امتداد موضوعي لبرنامج خيار المستقبل الذي أوفى بوعوده كامة غير منقوصة وحقق اهدافه في ابانها وقبل ابّانها، وارتقى بتونسالجديدة الى طور متقدم من الرقي والازدهار والحداثة في ظل مناخ من الوئام والامن والاستقرار وهي الشروط الضرورية لمواصلة البناء وللابداع بجميع اشكاله وتحقيق الامتياز. لقد استطاع بن علي ان يحقق المعادلة الصعبة في زمن عمت فيه التناقضات وسادت الاضطربات وتقاطعت المصالح والغايات وتتلخص هذه المعادلة في ان تونس امكن لها خلال سنوات التحول المبارك ان تسجل نسبة نمو بمعدل 5.7 سنويا وان يرتفع مستوى دخل الفرد سنويا الى 3355 دينارا سنة 2004 بعد ان كان لا يتجاوز 960 دينارا وسيرتفع هذا المعدل ليبلغ 5000 دينار سنويا سنة 2009. ومن تجليات هذه المعجزة زوال الاكواخ وانحسار مناطق الظل وتعميم شبكات الماء والاضاءة وتعصير البنية التحتية ومد الطرقات السيارة والسريعة واقامة الجسور العملاقة ونشر الكليات والمعاهدالعليا والارتفاع المتزايد لاعداد الطلبة وازدهار حركة التصدير الى غير ذلك من النجاحات التي يعترف بها القاصي والداني ونالت اعجاب الجميع... ولان الثقافة سند للتغيير فقد حظيت بنصيب وافر من الدعم المادي والمعنوي تجلى في عديد الاجراءات المتعلقة خاصة بقطاعات نشر الكتاب وترويجه وحقوق التأليف والانتاج السينمائي والمسرحي والفنون التشكيلية والنشر الالكتروني الى جانب العناية بالمثقفين والمبدعين ورعايتهم، وقريبا سنرى قلعة الثقافة شامخة لتعزز ما تحقق من انجازات ثقافية على الصعيدين الجهوي والوطني. لكل هذا... ولغيره سأنتخب الرجل الذي أوفى بوعوده دائما وأعاد للانسان كرامته وانسانيته وللطبيعة بهاءها وللبيئة صفاءها... سأنتخبه لانه الاجدر بقيادة تونس والاكثر قدرة على ضمان رقيها وازدهارها وسنكون معه اليوم وغدا لمواصلة البناء والانجاز بروح طموحة الى الارقى والأمثل... سأنتخبه بصدق لاننا بفضل حكمته وصواب خياراته سنكسب جميع رهاناتنا ونعلن صروح جمهورية الغد ونرتقي الى مدارات الدول المتقدمة...