تلعب منطقة شمال إفريقيا، الغنية بموارد الطاقة، دورا حاسما في سوق الطاقة العالمية. فالجزائر، الرائدة في هذا المجال، معروفة باحتياطياتها الوفيرة من الغاز الطبيعي والنفط، مما يجعلها واحدة من أكبر موردي الغاز لأوروبا. وتشهد حقول الغاز الضخمة والبنية التحتية المتطورة، مثل خط أنابيب الغاز عبر البحر الأبيض المتوسط، على مكانتها كدولة رائدة في مجال الطاقة في المنطقة. ومن ناحية أخرى، تعمل مصر، بفضل اكتشافاتها الكبرى الأخيرة في مجال الغاز الطبيعي، ولا سيما حقل ظهر في البحر الأبيض المتوسط، على تعزيز مكانتها كلاعب رئيسي في مجال الطاقة في شمال إفريقيا. إلى جانب هذه البلدان، شرعت موريتانيا في استغلال احتياطيات الغاز الخاصة بها وصارت تطمح إلى لعب دور استراتيجي في أمن الطاقة الإقليمي والعالمي. يتوقع خبراء أنّ موريتانيا، البلد الذي لا يتجاوز عدد سكانه 5 ملايين نسمة، على وشك إحداث ثورة في اقتصادها ومكانتها على مسرح الطاقة العالمي بفضل اكتشاف احتياطيات هائلة من الغاز الطبيعي في حقلين رئيسيين للغاز وتستعد للارتقاء في مصاف منتجي الغاز في القارة. ويقع الحقل الأول "بئر الله"، على بعد حوالي مائة كيلومتر من ساحل البلاد وحوالي 60 كيلومترا شمال حقل السلحفاة الكبرى أحميم. ويمثل مخزون هذا الحقل، الذي تقدر احتياطياته ما بين 80 و110 مليار قدم مكعب من الغاز، ثروة وطنية توجد حصرا في المياه الإقليمية الموريتانية. ومن المقرر أن يكون القرار الاستثماري النهائي في هذا المجال عام 2025، مما يبشر بمستقبل مشرق لقطاع الطاقة في البلاد. وفي الوقت نفسه، يعد حقل السلحفاة الكبرى أحميم، المشترك مع السنغال والواقع على الحدود البحرية بين البلدين، ركيزة أخرى لهذا الصعود. وتقدر احتياطيات هذا الحقل بنحو 25 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي. ومن المتوقع أن يؤدي الإنتاج من هذا الحقل، المقرر أن يبدأ في 2024، إلى انضمام موريتانيا إلى نادي مصدري الغاز، بحجم 2.5 مليون طن من الغاز المسال سنويا. وتدل الشراكة بين موريتانياوالسنغال، فضلا عن مشاركة شركات الطاقة الكبرى مثل بي بي وكوسموس، على الأهمية الاستراتيجية لهذه الاكتشافات. هذه الاحتياطيات مجتمعة، التي تقدر بأكثر من 3.1 تريليون متر مكعب من الغاز، ستضع موريتانيا خلف عمالقة مثل نيجيريا وموزمبيق والجزائر، متجاوزة دولا مثل مصر وليبيا. وبعيدًا عن هذه الأرقام الهامة، فإن التأثير على الاقتصاد الموريتاني سيكون فارقا. ومع بدء صادرات الغاز المقررة في منتصف عام 2024، تنطلق موريتانيا على مسار لن يعزز اقتصادها فحسب، بل يدعم أيضًا دورة من النمو والتنمية المستدامة. الأخبار