تفقد السدود كل سنة حوالي 22 مليون متر مكعب من قدرتها التخزينية بسبب الترسبات وضعف الصيانة وخاصة السدود التي تقوم بتزويد المياه الصالحة للشرب مثل سد سيدي البراق. وردت هذه البيانات، في مذكرة أصدرها مؤخرا المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية حول الوضع المائي في البلاد، قدر فيها، في نفس السياق، نسبة المياه المهدورة داخل شبكات الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه بأكثر من 24 بالمائة وتصل في بعض المناطق الى 22 بالمائة نظرا لتقادم الشبكة واهترائها بالإضافة الى ارتفاع نسبة الترسبات. وأوضحت المذكرة انه إذا تم أيضا احتساب الربط العشوائي وسرقة المياه والتي تصل أحيانا الى 8 بالمائة، فإن ثلث المياه ضائع في تونس بسبب تراجع طاقة استيعاب السدود والمياه المهدورة في الشبكة. في جانب اخر، تكشف المعطيات الإحصائية ان تونس شهدت تراجعا كبيرا في نسبة التساقطات في السنوات الخمس الأخيرة حيث تراجعت من 208.6 مم خلال الموسم 2018-2019 الى 165.7 في موسم 2022-2023. كما صنف سبتمبر 2023 الشهر الأكثر جفافا منذ سنة 1970 والثاني بعد سبتمبر 1964 (15.3 مليمترا) حيث قدر الجموع الإجمالي للأمطار في 27 محطة رئيسة لشهر سبتمبر 35.5 مم فقط وهو ما يمثل 3.5 بالمائة فقط من المعدل المرجعي للشهر (1006 مم). هذا وسجل استغلال الموارد الباطنية العميقة ارتفاعا مهما وذلك على مستوى الابار المرخصة وخاصة الابار العشوائية التي يفوق عددها عدد الابار القانونية وهي تشهد ارتفاعا متواصلا يهدد الموارد المائية. وتتصدر ولاية قبلي باقي الولايات من حيث عدد الابار العشوائية ب 9712 بئر، تليها سيدي بوزيد ب 4855 بئر والقيروان ب 4671 بئر. وأصبح منذ مدة نزول الأمطار حدثا وطنيا، خاصة بسبب تراجع منسوب مياه السدود والبحيرات بسبب قلة التساقطات في تونس، لثلاث مواسم على التوالي تقريبا، مما اضطر وزارة الفلاحة لاعتماد نظام حصص ظرفي لتوزيع مياه الشرب، وتحجير بعض استعمالات المياه بسبب الوضعية المائية الحرجة للبلاد. بالإضافة إلى أن وضع الموسم الفلاحي في تونس مرتبط بشكل كبير بنزول الأمطار خلال هذه الفترة من السنة. وتشير المعطيات الكمية ان البلاد مقدمة بشكل او باخر هذا العام على مجابهة موسم يطغى عليه نقص الأمطار ما يعني مزيد من الانقطاعات في المياه الصالحة للشرب بالنسبة للمواطنين في المنازل، ومياه الري بالنسبة للفلاحين، علاوة على إشكالات أخرى تتمثل في ضرورة توريد كميات أكبر من الحبوب، ومن المواد الأساسية، وارتفاع الأسعار. على هذا الصعيد، يبين عدة مختصون أنه لا يمكن حل إشكال الماء بمعزل عن الطاقة والغذاء سيما ان الاشكال في تونس يرتبط بالمياه الجوفية، فمياه السدود والأودية لا تُمثّل سوى 1 بالمائة من مياه البلاد. كما يؤكدون أنه يلزم سنوات من التساقطات المتتالية لتعود المائدة المائية في تونس. ويرى في المقابل، خبراء آخرون ان التعاضديات هي الحل لتنظيم استغلال المياه في تونس وان حل الفلاحة في التداول الزراعي، ولكن معظم الفلاحين لا يعتمدونه. كما أنه لا يمكن الحديث، عن الاكتفاء الذاتي في الحبوب دون أراضي الجنوب. غير أنه قبل الحديث عن التساقطات، يجب، وفقا لعدة دراسات، تحسين جودة التربة ومراجعة العلاقة بين الدولة والفلاح، خاصة منظومة دعم الماء علما انه من المرجح تواصل العمل بنظام حصص توزيع مياه الشرب، في ظل ضرورة تغيير العادات مع الماء باعتبار ان نسبة امتلاء السدود في تونس لا تتجاوز ال 33 بالمائة، والوضعية هشة. كما انه لا سبيل لمزيد من حفر الآبار العشوائية، في ظل 6 سنوات على 7 جفاف في تونس. الأخبار