تعاني تونس من مشكلة تزود في المياه تطفو على السطح بين الفينة والأخرى حسب حجم الكميات المستهلة، والسبب يعود إلى تواضع الموارد المائية للبلاد.. و يتخوف التونسيون من تبعات الوقوع في الفقر المائي ، خاصة و أن السنوات الأخيرة لم تكن يسيرة في ظل ما عانته من شح في الموارد المائية و هو ما أثر على الموسم الفلاحي و بالتالي على الاقتصاد ، فضلا عن المعاناة اليومية التي يعيشها متساكنو عدد من المناطق بسبب الانقطاع المتواصل للمياه الصالحة للشرب .. ولعلّ الأمطار الأخيرة اتي شهدتها البلاد في مختلف جهاتها مثّلت قشّة النجاة فيما يتعلق بمخزون االبلاد من المياه. وفي خضم هذا الشأن، أفادت وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري أنه بلغت كميات الأمطار خلال الفترة من 4 إلى 7 أوت 2018 والتي شملت خاصة جهات الشمال والوسط، أقصاها بالشابة في ولاية المهدية ب114 مليمتر، وبقرنبالية في ولاية نابل ب93 مليمتر وكذلك مدينة باجة ب90 مليتمتر. وبخصوص تأثير الأمطار الأخيرة على مخزون السدود، أضافت الوزارة أن الإيرادات الجملية لهذا الموسم إلى تاريخ 7 أوت 2018، مثلت بكافة السدود حوالي 63 في المائة من معدل الإيرادات، وتقدر ب 1028 مليون م3، في حين أن معدل الإيرادات في نفس هذه الفترة هو 1641 مليون م3. وقالت إن مخزون كافة السدود يقدر يوم 7 اوت 2018، ب 860 مليون م3. كما كشفت الوزارة أن الأمطار الأخيرة أحدثت ارتفاع المنسوب بعديد الأودية، إذ وقع تسجيل بعض الإيرادات على مستوى بعض سدود الشمال والوسط والوطن القبلي. كما تم تسجيل تطور نسبي في المخزون المائي بالبحيرات الجبلية قدر ب 1.4 مليون م3. وحول التزود بالمياه، أفادت الوزارة في بلاغها أن الطلب على المياه سجل ارتفاًعا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة تزامنًا مع نقص الموارد المائية. وأشارت أن موسم 2017/2018 سجل نقصًا في الأمطار إذ لم تتجاوز نسبة التساقطات المطرية لهذه السنة 85 في المائة في الشمال و 62 في المائة في الوسط الغربي و 80 في المائة في الوسط الشرقي من المعدلات السنوية باعتبار الأمطار الأخيرة. كما تم تسجيل انخفاض هامّ بمنسوب المائدة المائية على غرار موائد ولايات الكاف وزغوان، بالتوازي مع ضعف إيرادات السدود حيث تراوحت هذه الإيرادات بين 40 و 63 في المائة من المعدل السنوي خلال الثلاثة مواسم الأخيرة. وقالت الوزارة إنها أعدت خطة متكاملة لتدعيم الموارد المائية لتأمين التزود بمياه الشرب بحفر الآبار العميقة وربطها بالمنظومات المائية التي شهدت اضطرابات في التزود. وشملت هذه الخطة المناطق الريفية المزودة عن طريق مصالح الهندسة الريفية، وكذلك المناطق المزودة عن طريق الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه التي أشارت أنها وضعت برنامجًا استعجاليًا لتخفيف وطأة الاضطرابات تمثل أساسًا في حفر آبار عميقة ومد قنوات جلب وتوزيع وتجديد تجهيزات بكلفة جملية تناهز 39 مليون دينار. وقد تم، وفق بلاغ الوزارة، إلى موفى جويلية 2018 تسجيل دخول 66 مشروعًا حيز الاستغلال فيما يوجد 18 مشروع معطل لأسباب عقارية أو لاعتراض بعض المتساكنين على استغلال الموارد المائية أو صعوبات تشهدها المقاولات المكلفة بالإنجاز. و قد مكنت هذه الخطة حسب الوزارة من التقليص من المناطق المضطربة بالوسط الحضري من 224 منطقة سنة 2016 إلى 98 منطقة سنة 2018. أما بالوسط الريفي فقد تقلص عدد المنظومات المضطربة والمتوقفة من 202 في موفى سنة 2016 إلى 96 خلال سنة 2018. يذكر أن وزارة الفلاحة كانت قد نشرت في منتصف شهر ماي الماضي بلاغا أكدت فيه ان تونس تعاني عجزا في الموارد المائية بالسدود بلغ 164 مليون متر مكعب مع منتصف شهر ماي الجاري في ظاهرة تستمر للعام الثالث على التوالي. وتعيش تونس التي تمر غالبا بفترات جفاف على وقع مشاكل تزدادد شيئا فشيئا تتعلق بالتزويد بالمياه خاصة بالعاصمة وبالخصوص خلال الفترة الصيفية. وتونس من بين بلدان العالم التي ترزح تحت عتبة الفقر المائي بمعدل 450 لترا من المياه للفرد الواحد، ومن المنتظر أن يبلغ المعدل 350 لترا خلال 2035. وتقدر النسبة العالمية ب1000 لتر للفرد الواحد. يذكر انه للمرة الأولى في تاريخها اضطرت تونس في 2017 إلى استعمال جزء من مخزونها الاستراتيجي من المياه لمواجهة النقص الحاد في الموارد المائية بفعل موجة الجفاف التي تعيش على وقعها البلاد منذ أكثر من سنتين، مما ينذر بالخطر المحدق الذي يهددها. ويقارب حجم الموارد المائية الجوفية في تونس حجم المياه السطحية، فنسبة 80 بالمئة من المياه السطحية تقع في الهضاب الجبلية الشمالية الغربية، بينما توجد 91 بالمئة من الحاجيات للمياه في الشريط الساحلي للبلاد حيث تتجمع المدن والمناطق الصناعية والنشاط السياحي الكثيف، مما يجعل الإقبال مرتفعا جدا على استهلاك المياه.