لا شك أن الثورة الطلابية الأمريكية والغربية الداعمة لغزة ، والآخذة في التوسع يوما بعد آخر رغم القمع والعنف ، تشكل صفعة جديدة بوجه الكيان الصهيوني ، لا تقل أهمية عن صفعة معركة طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي ، عندما باغتت المقاومة الفلسطينية هذا الكيان المحتل ومرّغت أنفه في التراب وكست شوكة جيشه النازي . هذه الاحتجاجات الداعمة للحق الفلسطيني والمنددة بممارسات النظام الصهيوني المجرم في غزة كانت أيضا سببا في تعرية طبيعة الأنظمة الداعمة للاحتلال الاسرائيلي وزيف القيم التي ترفعها هذه الحكومات الأمريكية والغربية وتخوض الحروب من أجلها ، فالنظام الأمريكي الذي يدّعي قيم حرية التعبير والعدل وحقوق الانسان هو نفسه من واجه هذه الاحتجاجات الطلابية بالعنف والاعتقالات والهراوات والقنابل المسيلة للدموع فضلا عن تهديد الطلبة بالفصل وايقاف بعضهم عن الدراسة في سبيل وضع حد لهذا الغضب المشتعل. فهل يعقل ان الولاياتالمتحدةالامريكية التي تدعي انها معقل الحرية والديمقراطية والقيم الكونية تجابه الطلبة الذين يتظاهرون بشكل سلمي وحضاري بالعنف والقوة في الوقت الذي تشارك فيه إدارة بايدن في حرب إبادة الشعب الفلسطيني ؟ وهل يعقل أن هذا النظام الأمريكي لم يتسع صدره لوجهات النظر الرافضة للعدوان الصهيوني على غزة ؟ والسؤال الأهم بعد ذلك هو هل يحق للأمريكان والدول الغربية الذين دمروا ليبيا والعراق وسوريا تحت شعار حرية التعبير أن ينتقدوا الدول المستبدة في المستقبل أو أن يتدخلوا في شؤونهم أو أن يفرضوا عليهم عقوبات بسبب حرية التعبير وانتهاكات حقوق الانسان ؟ . كل هذه الاسئلة الحارقة تكشف في حقيقة الامر نفاق السياسات الغربية وازدواجية المعايير حيث يتم وصف الاحتجاجات الطلابية المنتصرة للحق والانسانية بأنها معادية للسامية في حين أنها رافضة للمجازر ومعادية للصهيونية . فتصرفات الإدارة الأمريكية الحالية التي صدمت العالم سواء من خلال مشاركتها في حرب إبادة غزة عبر توفير الأسلحة أو من خلال كمّ أفواه الطلبة الداعين الى وقف الحرب لم تتوقف عند هذا الحد ، بل تجاوزت كل الخطوط الحمراء بعد إقرار مجلس النواب الأمريكي خلال الساعات الماضية لمشروع قانون مكافحة معاداة السامية في خطوة تصعيدية تهدف إلى الالتفاف على الثورة الطلابية تحت ذريعة مخالفة القوانين ، وهو ما يظهر مرة أخرى زيف الديمقراطية التي يتم تكييفها حسب الطلب لخدمة المصالح السياسية الامريكية وضمان أمن اسرائيل . لكن رغم كل هذه المحاولات الامريكية والصهيونية لوقف الاحتجاجات الا أن هذه الثورة الطلابية لم ولن تتوقف وستصنع جيلا أمريكيا متحرّرا من اسطوانة الكذب الصهيونية ورافضا للممارسات الاستعمارية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. كما ستشكل هذه الثورة الطلابية منعرجا حاسما لفضح الممارسات النازية في غزة من قبل الدولة التي كانت تدّعي في السابق أنها ضحية للنازية . ما يحصل في جامعات أمريكا وبعض الدول الغربية فضح الممارسات الصهيونية وسيكون بداية لانكسار السردية الاسرائيلية وربما سيقود الى بداية نهاية هذه الدويلة المارقة والمجرمة وسيقود حتما الى تشكيل رأي عام دولي مغاير لما كان سائدا وسيحقق نتائجه مثلما حققت الاحتجاجات نتائجها بوقف حرب فيتنام في ستينات وسبعينات القرن الماضي . ناجح بن جدو