خفّض البنك الدولي في جوان الجاري، توقعات النمو الاقتصادي التي كان راهن عليها في جانفي الماضي، لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مستحضراً تخفيضات إنتاج النفط وتداعيات الوضع الجيوسياسي. ويسجل البنك في تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية، في الجزء المتعلق بآخر التطورات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تصاعد التوترات الجیوسیاسیة، وعدم الیقین بشأن السیاسات في المنطقة، مؤكدا على معاناة إنسانیة هائلة، وتدمیر لرأس المال المادي بسبب الصراعات والتوترات. ويضيف أن الهجمات على سفن الشحن في البحر الأحمر أفضت إلى تراجع حركة العبور عبر قناة السویس، وتعطیل التجارة الدولیة، وزیادة حالة عدم الیقین بشأن السیاسات، لا سیما في البلدان المجاورة. وأكد أن نشاط كل من البلدان المصدرة والمستوردة للنفط في المنطقة ظل ضعیفاً حتى منتصف عام 2024. فقد سجل ركود النشاط النفطي في دول مجلس التعاون الخليجي، حیث جرى تمدید تخفیضات إنتاج النفط في جوان 2024 حتى نھایة عام 2025، وجرى الاتفاق على الإبقاء على التعدیلات الإضافیة الطوعیة في الإنتاج حتى نھایة سبتمبر 2024، قبل إلغائھا التدریجي بداية من أكتوبر، ملاحظاً انتعاش النشاط في البلدان المصدرة للنفط من خارج مجلس التعاون الخلیجي التي كانت معفاة من اتفاقیات خفض الإنتاج. وذهب إلى أن البلدان المستوردة للنفط تعاني من ضعف نشاط القطاع الخاص، في ظل ارتفاع معدلات التضخم. وتوقع أن يتباطأ النمو في مصر في السنة المالية 2023/ 2024 في ظل انخفاض حركة الشحن عبر قناة السویس وضعف تعافي قطاع السیاحة، بسبب الصراع الدائر في المنطقة، مسجلاً انكماش الإنتاج الفلاحي في المغرب في أوائل العام الحالي. ويترقب البنك عند تناول الآفاق المستقبلية أن ينتعش النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفریقیا لیصل إلى 2.8% في عام 2024 و4.2% في عام 2025. ویرجع ذلك أساساً إلى الزیادة التدریجیة في إنتاج النفط وتحسن النشاط منذ الربع الأخیر لعام 2024، معتبراً أن التوقعات لعام 2024 مقارنةً بما كان متوقعاً في جانفي، لتعكس أثر تمدید تخفیضات إنتاج النفط والصراع الدائر في المنطقة. وكان البنك الدولي قد توقع في جانفي أن ينمو اقتصاد المنطقة بنسبة 3.5% في العام الحالي، بعدما حقق 1.9% في العام الماضي. وتوقع في تقريره الجديد أن يرتفع معدل النمو في دول مجلس التعاون الخليجي ليصل إلى 2.8% في العام الحالي و4.7% في العام المقبل. ففي السعودیة، من المتوقع أن تدعم الأنشطة غیر النفطیة معدلات النمو في عام 2024، كما من المتوقع أن یؤدي الاستئناف التدریجي للنشاط النفطي إلى زیادة النمو في عام 2025. وفیما بین البلدان المصدرة للنفط من خارج مجلس التعاون الخلیجي، سیساعد الانتعاش المتوقع في قطاع النفط في عام 2025 على تعزیز النمو في الجزائر والعراق. ويرتقب أن يزيد النمو في البلدان المستوردة للنفط في العام الحالي إلى 2.9% ثم إلى 4% في العامين المقبلين. ففي مصر من المتوقع أن یزید معدل النمو بسبب نمو الاستثمار الذي حفزه جزئیا الصفقة الكبرى التي تم إبرامھا مع الإمارات. ومن المتوقع أن یظل النمو مستقراً في الأردن بالرغم من أن الأنشطة المرتبطة بالسیاحة ستعاني في الأمد القصیر. وفي تونس، من المتوقع أن ینتعش النمو الاقتصادي، لكن من المرتقب أن یتراجع النشاط في جیبوتي والمغرب في عام 2024. وفي سورية والیمن، تبدو الآفاق، حسب البنك الدولي، غیر مبشرة ویكتنفھا عدم الیقین بسبب الصراع الدائر وأحداث العنف والاضطرابات الداخلیة والتوترات في البحر الأحمر. وستشھد البلدان التي تعاني من ارتفاع الدیون الحكومیة زیادة في أعباء خدمة الدیون، بسبب ارتفاع تكالیف الاقتراض، وارتفاع مخاطر عدم الاستقرار المالي. ولا تزال الظواهر المناخیة الشدیدة الناجمة عن تغیر المناخ، فضلاً عن الأنواع الأخرى من الكوارث الطبيعية تشكّل، حسب المؤسسة المالية الدولية، مخاطر كبيرة في المنطقة. الأخبار