تطورت القروض العقارية لاقتناء المساكن وبنائها في تونس بشكل معتدل في السنوات الأخيرة. ففي ديسمبر 2022، بلغ قائمها المستحق على حرفاء البنوك من فئة الاسر 12,466 مليار دينار، ليرتفع الرقم إلى حدود 12,869 مليار دينار في ديسمبر 2023، بزيادة تقدر بحوالي 3.2٪. ويعكس هذا التطور استقرارا نسبيا في سوق العقار، لكنه يسلط الضوء أيضا على شبه ركود أصبح ملموسا ابتداء من الثلاثي الأول من عام 2024، حيث بلغ القائم المستحق على الحرفاء نحو 12,873 مليار دينار في مارس الفارط. وفي السياق نفسه، أظهرت أحدث الاحصائيات الصادرة عن البنك المركزي الصادرة، في هذا الخصوص، تسجيل استقرار نسبي لقائم قروض تحسين المساكن وإن كان أقل وضوحا. وارتفع المبلغ المستحق من 10,573 مليار دينار في ديسمبر 2022 إلى 10,674 مليار دينار في نهاية عام 2023، قبل أن ينخفض بشكل طفيف إلى 10,610 مليون دينار في مارس 2024. وقد يشير هذا الانخفاض إلى انخفاض في الطلب أو انكماش في المعروض من التمويلات لتحسين المساكن. عموما، لا يزال التمويل العقاري في تونس موضوعا يحظى باهتمام متزايد للمشترين والباعثين العقاريين على حد سواء. وفي الوقت الذي يفتح فيه هذا التمويل المهم العديد من الفرص لملكية العقار، إلا أنه يمثل أيضا تحديات كبيرة للمقترضين. في هذا الإطار، تعد إمكانية النفاذ الى التمويل العقاري متاحة لفئات واسعة من التونسيين من خلال توفير إمكانية سداد القرض على مدى عدة سنوات، غالبا ما تصل إلى 25 عاما، كما يسمح للمشترين بعدم استخدام كافة مدخراتهم في شكل تمويل ذاتي لشراء العقار. تساعد هذه المرونة في جعل الشراء متاحا أكثر وبأسعار معقولة مع الحفاظ على بعض مدخرات المقترضين لاستثمارات أخرى. ومع ذلك، فإن هذه الاوضاع تتصل بعدة تحديات أهمها تكلفة الفائدة، على سبيل المثال، حيث يمكن أن تتسبب في تضاعف السعر النهائي للعقار، وذلك باحتساب الفوائد المتراكمة. بالإضافة إلى ذلك، غالبا ما تكون شروط الحصول على القروض صارمة، مع متطلبات تمويل ذاتي يمثل من 20٪ إلى 30٪ من قيمة العقار إلى جانب قدرة سداد لأقساط التمويل في حدود 40٪ من صافي الدخل. وأخيرا، فإن تعقد عملية طلب التمويل في عدة حالات وخطر الإفراط في المديونية هما عاملان حاسمان يتطلبان إعدادا دقيقا وتقييما واقعيا لقدرة المقترضين على السداد. وتُنشأ سنويا 74 ألف وحدة سكنية في البلاد، من بينهما 11 ألف وحدة من قبل الباعثين العقاريين في القطاع الخاص والحكوميين، أي ما يمثل 14% فقط من الاحتياجات. بينما تظهر التقديرات الرسمية أن ربع الأسر من بين ثلاثة ملايين عائلة لا تملك مسكن، أي ما يعادل 750 ألف أسرة، ما يدفع السلطات إلى التفكير في إصلاح شامل للقطاع. ومنذ عام 1977، أحدث أول صندوق للنهوض بالمسكن لفائدة الأجراء، حيث مكنت هذه الآلية حينها من تمويل ما يقارب 60 ألف مسكن عن طريق قروض ميسرة لتمويل اقتناء مساكن أو بناء ذاتي. كذلك، طرحت الدولة عام 2012 برنامجاً للسكن الاجتماعي، وهو برنامج موجه للفئات الضعيفة ومحدودة الدخل، كما جرى عام 2017 تدشين برنامج المسكن الأول الذي أُحدث لتمكين الأفراد والعائلات متوسطة الدخل من تمويل اقتناء مساكن منجزة من قبل المطورين العقاريين بقروض ميسرة لتغطية مبالغ التمويل الذاتي بنسبة فائدة لا تتجاوز 2٪. الأولى