أكّدت الزيارة التي أداها كل من وزير النقل ووزير الصحة مؤخرا إلى الصين أن الديبلوماسية الاقتصادية " الوزارية" تبدو أكثر نجاعة من الديبلوماسية الاقتصادية التقليدية لإضفاء مزيد من النجاعة على الشراكات الاقتصادية الدولية. فقد كشفت الزيارتان عن بوادر تعاون مستقبلي مثمر مع الجانب الصيني في مجال المشاريع الكبرى ببلادنا وخاصة في قطاعي النقل والصحة من خلال إبرام اتفاقيات مثمرة وحقيقية. وهو ما يؤكد الحاجة إلى تكثيف مثل هذه التحركات الديبلوماسية التي يقوم بها أعضاء الحكومة والخروج عن النمط التقليدي للدبلوماسية الاقتصادية الذي يقع الاكتفاء فيه عادة بتحركات محدودة على مستوى السفارات والقنصليات والبعثات الاقتصادية التي يقع تنظمها من حين إلى آخر.. وقد أثبتت الزيارتان أن الديبلوماسية الاقتصادية التقليدية التي جرت العادة ان يباشرها السفراء والقناصل والتمثيليات المختلفة لبعض الهياكل العمومية المعنية بالاستثمار الخارجي او بالتعاون الدولي لم تعد تكفي وحدها للتواصل مع الشركاء الأجانب ولتعزيز التعاون والشراكات مع الدّول بل أصبحت في حاجة إلى سقف أعلى من الديبلوماسية الاقتصادية يمارسه رئيس الحكومة والوزراء تحت إشراف رئيس الجمهورية. فالزيارة التي أداها رئيس الدولة في شهر ماي الماضي الى الصين مهدت الطريق لإنجاح زيارة وزيري النقل والصحة الأخيرتين بعد التوصل إلى عقد شراكات مهمة مع دولة الصين في مجالي النقل والصحة وفي مجال المشاريع الكبرى وغيرها.. وفي إطار توجه الدولة نحو تنويع الشركاء الاقتصاديين والماليين والاستفادة من كل فرص التعاون المتاحة في مختلف أرجاء العالم، تبدو الحاجة مُلحّة اليوم لتكثيف مثل هذا الشكل الجديد من الديبلوماسية الاقتصادية. فنزول كبار مسؤولي الدولة بكل ثقلهم إلى ميدان الديبلوماسية الاقتصادية، سواء في الداخل من خلال التواصل مع البعثات الديبلوماسية بتونس ومع المسؤولين الأجانب الذين يؤدون زيارات إلى بلادنا، او في الخارج من خلال الزيارات الرسمية إلى مختلف الدول الشريكة والصديقة، يبدو أكثر فاعلية ونجاعة. ومن الطبيعي أن التواصل الديبلوماسي الذي يمهّد له أعلى هرم السلطة الطريق في مرحلة أولى ثم يمارسه بشكل مباشر رئيس الحكومة وأعضاؤها – كل في مجاله - سيكون أكثر تأثيرا وستكون حظوظ نجاحه أوفر بالنظر إلى ما سيكون له من تأثير أعلى وأكثر موثوقية من الشكل التقليدي للدبلوماسية الاقتصادية العادية. ومثلما كانت الديبلوماسية الاقتصادية الوزارية ناجعة مع الصين، فإن هذا النجاح يجب أن يتكرر اليوم مع بقية الوزراء من خلال تحركات مماثلة نحو شركاء آخرين من بقية الدول الصديقة. وفي الواقع، تبدو أغلب القطاعات اليوم معنية بهذا التوجه خاصة في المجالات التي لم يتطور أداؤها بالشكل المطلوب أو شهد تراجعا منذ 2011 على غرار التعليم والاستثمار الخارجي والتنمية في الجهات الداخلية والمشاريع الكبرى والتصدير والرقمنة والطاقة الطاقات البديلة وكذلك الرياضة والثقافة والسياحة والفلاحة والصناعة.. فكل المجالات في حاجة اليوم إلى تحركات في إطار الديبلوماسية الاقتصادية "عُليا" يقوم بها الوزراء، كل في مجال عمل وزارته، نحو عدّة وجهات من العالم للبحث عن شركاء استراتيجيين في المجالين المالي والتقني للنهوض بهذه القطاعات وتطويرها.. فاضل الطياشي