في الأيام الأخيرة بدأت تظهر بوادر تحركات يمكن تصنيفها ضمن خانة تنشيط الدبلوماسية الاقتصادية التي تحتاجها بلادنا اليوم أكثر من أي وقت مضى. وهو ما كشفته لقاءات رئيس الجمهورية بممثل البنك العالمي في تونس وبسفراء دول أجنبية. وقد أبدوا جميعا تعهّدا بالوقوف إلى جانب تونس في هذه الفترة الصعبة التي تمر بها. كما كشفه أيضا إعلان السلطات السويسرية تحويل مبلغ مالي الى تونس في إطار استرجاع الأموال المنهوبة بعد مساع من الدولة التونسية. وجاءت الزيارة التي أداها رئيس الجمهورية قيس سعيّد إلى ليبيا لتؤكد أيضا مدى أهمية التحرك الديبلوماسي والجهود التي يجب بذلها خاصة في مجال الدبلوماسية الاقتصادية. حيث وُصفت الزيارة بالناجحة في ظل ما سيترتب عنها من فوائد اقتصادية وماليةلتونس من خلال تشريكها في إعادة إعمار ليبيا عبر المؤسّسات واليد العاملة، وفي ظل ما وقع التوافق عليه بين الطرفين من تعهدات بمزيد تنشيط الحركية الاقتصادية والتجارية وعبور الأشخاص بين البلدين. اليوم لم يعد الظرف الاقتصادي والمالي الصعب الذي تمر به البلاد يسمح بمزيد الانكماش والانطواء الديبلوماسي. بل يستوجب مضاعفة مثل هذه التحركات في كل الاتجاهات، خارجيا عبر تكثيف زيارات رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة الى الدول الشقيقة والصديقة وتنشيط أداء البعثات الديبلوماسية التونسية في الخارج وحثها على مزيد التحرك والاجتهاد، وداخليا عبر تكثيف اللقاءات مع مختلف ممثلي البعثات الدبلوماسية الأجنبية في بلادنا. اليوم تحتاج بلادنا أكثر من أي وقت مضى الى التمويلات والقروض. لكن بشروط مُيسّرة يقع توجيهها حصريا نحو التنمية والاستثمار... وتحتاج الى استقطاب أكثر ما يمكن من مستثمرين أجانب ليبعثوا مشاريع كبرى في مختلف الجهات و يوفروا مواطن شغل... وتحتاج الى مزيد استقطاب السّياح من مختلف أنحاء العالم وعدم الاقتصار فقط على الأسواق التقليدية... وتحتاج كذلك الى مزيد تنشيط الصادرات والبحث عن أسواق جديدة لوارداتنا بأقل التكاليف... هذه المؤشرات المُطمئنة نسبيا حول بوادر تحريك وتنشيط الدبلوماسية الاقتصادية يجب أن تستمر بنسق أكثر وأسرع من مختلف الأطراف الفاعلة في البلاد خاصة من رئاسة الجمهورية باعتبارها المسؤولة عن السياسة الخارجية والدبلوماسية والحكومة بوصفها المسؤولة عن تنفيذ ما يقع التوافق حوله، غير أن ذلك يتطلب أكثر ما يمكن من التنسيق والتوافق بين هذه الأطراف. وهو ما يصعب تحقيقه في ظل تواصل العلاقة المُتقلبة بين هذه الأطراف وغياب التنسيق بينها. ويؤكد كل ذلك أن تحقيق الفائدة المرجوة من الديبلوماسية الاقتصادية لا يمكن أن ينجح دون تنقية الأجواء الداخلية والاستقرار السياسي. فالرأي العام الدولي يتابع هذه الأيام تقلب العلاقة بين مكونات السلطة. والثابت أن الأطراف الدولية المعنية بالتعاون مع بلادنا في إطار الديبلوماسية الاقتصادية لن تُقدم أية التزامات أو تعهدات مالية أو غيرها لفائدة تونس دون أن تتأكد من استقرار الوضع الداخلي ومن اتضاح الرؤية حول وجود تنسيق وتوافق بين مختلف السلطات في تونس. فاضل الطياشي