حقيقة لا يوجد شيء اسمه مجتمع دولي. بل هو مجتمع غربي استعماري أسس لنفسه بعد نهاية الحرب العالمية الثانية منظمات و هيئات تشرّع له التحكم في موارد العالم و مصائر الشعوب بما يخدم مصلحة القوى الاستعمارية المنتصرة في الحرب العالمية الثانية و القوى الاستعمارية الغربية التي انهزمت و التي وقع تدجينها لتعود الى حضيرة الغرب الاستعماري. إنّ الاستمرار في التعويل على المجتمع الدولي من أجل الدفاع عن قضايا عادلة هو استمرار في اللهث وراء وهم السراب. ففي كل المحطات و الأزمات الدولية وقف الغرب الاستعماري موقفا موحّدا وصوّت لصالح حماية رأس الحربة الكيان الصهيوني. وهو لن يتخلى مستقبلا عن هذه السياسة و لن يتردد في ارتكاب المزيد من الجرائم ضد أي شعب من شعوب العالم بذات الذرائع. إنّ هذا الغرب الاستعماري هو الذي قاد الحربين الكونيتين وهو الذي قتل ملايين الأبرياء. و استغل ثرواتهم و أغلق أمام من بقي حيا سبّل الحياة و التنقل الحرّ. و هذا الغرب الاستعماري هو الذي يرفض إلى الآن الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية الخاصة بمنع التسلح و انتشار الأسلحة النووية و الكيميائية. و هو الذي يدفع مفكّروه المتطرفون نحو نظريات الصدام الحضاري فيختلقون -في كل حين- عدوّا لتشريع حروبهم. نحن لا نستغرب المنطق الاستعلائي الذي يتحدث به الرئيس الأمريكي أو منطق التمييز العنصري الفاضح عند المقارنة بين المواطن الفلسطيني الأعزل و بين الجندي الصهيوني المدجج بكافة أنواع الأسلحة، أو بين الحديث عما يحدث في إيران وما يحدث في الكيان الصهيوني. و لا نستغرب أيضا أن تهرع وسائل إعلامه الدعائية التي لم تتخلّ عن موروثها النازي في الكيل بمكيالين، لأن الأمر بسيط و شديد الوضوح. و هو أنّ تلك المواقف هي التعبير الحقيقي عن هذه الشخصية الاستعمارية المتطرّفة و المتكبّرة، السائدة في الغرب منذ ما يعرف بعصر النهضة إلى يومنا هذا. هذا هو الغرب الاستعماري يتجلى مرة أخرى في أزمة العدوان الصهيوني على إيران. تلك هي الصورة الحقيقية لما يسمى المجتمع الدولي الذي يهيمن عليه الغرب الأوروبي و الأمريكي زائد بعض التوابع الأخرى الذليلة. ولم يعد هناك أي مبرر لبقية الشعوب للبقاء ضمن هذه المنظومة الاستعمارية. ومن واجب الشعوب التي تنشد الحرّية الحقيقية و الاستقلال التام البدء في صياغة مجتمع دولي جديد لعزل المجتمع الغربي الاستعماري، وبناء قدراتها الذاتية التي تفرض بها العدل. إذ قال شاعر تونس و الإنسانية الكبير أبو القاسم الشابي " لا عدل إلا ان تعادلت القوى وتصادم الارهاب بالإرهاب". كمال بالهادي