إنطلاق أشغال الجلسة العامة المشتركة بين المجلس الوطني للجهات والأقاليم ومجلس نواب الشعب المنعقدة للتصويت على مشروع قانون المالية لسنة 2026    فتح باب الترشح لتظاهرة "رمضانيات القصر السعيد" لسنة 2026    البحر ورهانات الكتابة محور ملتقى صالون الهادي نعمان للإبداع الأدبي    اتحاد بن قردان يجري تربصا تحضيريا من 20 الى 30 ديسمبر الجاري بسوسة    كاس افريقيا لكرة السلة 3x3 (رجال): المنتتخب التونسي يفوز على نظيره الاوغندي 21-16    بطولة النخبة الوطنية لكرة اليد – برنامج الجولة 17 من المرحلة الأولى    معبر رأس جدير: احباط محاولة تهريب مبلغ كبير من العملة الأجنبية وأكثر من 14 كلغ من الذهب    قفصة: حجز 6000 لتر من مادة مسكرة خطيرة في ضيعة فلاحية!    وزارة الشؤون الإجتماعية تطلق المنصة الرقمية إسناد بطاقة الإعاقة    ترافل اند تور وورلد" تصنف تونس ضمن أفضل الوجهات لقضاء" عطلة رأس السنة الميلادية الجديدة    "الطاهر الحدّاد، مصلحا اجتماعيّا ونصيرا للمرأة التونسيّة"، عنوان ندوة بالكريديف احياء للذكرى 90 لرحيل الحداد    تظاهرة "أليف سليانة": مسار جديد لإحياء الثقافة وترسيخ دورها في التنمية    بعد منعه لأكثر من عام: فيلم "المُلحد" في قاعات السينما..    عاجل: صادم...حكم بالسجن ضد المرأة إلّي حرقت القطاطس..وهذه العقوبة!    Titre    الملعب التونسي: تربص مغلق بسوسة.. و5 مباريات ودية في البرنامج    عاجل/ السفارة الأمريكية بتونس تعلن عن هذا القرار..    المرصد التونسي الاجتماعي يسجل ارتفاعا في عدد التحركات الاجتماعية إلى غاية شهر نوفمبر الماضي    حندوبة: أكثر من مليون و 400 ألف سائح جزائري توافدوا على الجهة    لطيفة العرفاوي تصدر كليب"نتفكر"    غدوة اخر نهار للأيام البيض.. اكمل صيامك واغتنم الثواب    وزارة الشؤون الدينية الجزائرية: الأضرحة والزوايا جزء من هويتنا    عبير موسي امام القضاء مجددا    40% من التوانسة يستخدمون الخدمات الرقمية    انطلاق توزيع المساعدات المخصصة لمجابهة موجة البرد لفائدة 900 عائلة معوزة بهذه الجهة..#خبر_عاجل    أرعبهم ب"البراكاجات": السجن 20 سنة لمروع سواق "التاكسي"..    الحجز المبكر: الترويج الرقمي خيار إستراتيجي    عاجل: هذا هو موعد الإضراب العام في البلاد    عاجل/ وسط ظروف غامضة..العثور على جثة شاب داخل منزله..    جلسة عمل بوزارة الصحة مع وفد من كلية الطب بجامعة هارفارد الأمريكية حول تعزيز التكوين الطبي والتعاون الثنائي    عاجل: تعرف على تصريحات الطرابلسي بعد مباراة تونس وفلسطين    لذاكرة حادة.. 10 أغذية تحافظ على قوة دماغك..احرص عليها..    كأس العرب: مواجهة حاسمة بين عُمان والمغرب في المجموعة الثانية    كأس العرب: تقييم لاعبي المنتخب الوطني في مواجهة فلسطين    شويا ثوم وطماطم وبرشا بصل...وصفة من دكتورة تونسية    تظاهرة علمية لتسليط الضوء حول التحديات الحالية وآفاق مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية في تونس    عام سجناً مع تأجيل التنفيذ لفتاة تواصلت مع خطيبها المنتمي لتنظيم داعش الإرهابي    عاجل: ماشي 'للحج'' في 2026..رّد بالك تعمل الحاجة هذه    حلا شيحة: "القرآن هو السبيل الوحيد للنجاة"    المنسنتير: المؤتمر الدولي الثاني للتغذية الدقيقة في هذا الموعد    بشرى سارة للحوامل المصابات بالسكري.. تقنية جديدة تعيد الأمل..    تواصل البحث عن البحارة المفقودين..ساسي علية يوجه هذا النداء..#خبر_عاجل    عاجل: اليوم.. 18 ولاية تحت اليقظة الصفراء... أمطار، رعد ورياح قوية    قد تتسبّب في فيضان الأودية: قائمة الولايات المعنية بالأمطار اليوم    رحيل ساحر "مورتال كومبات"    سعيد يفجرها: "البعض ما زال يتوهّم أنّه بإمكانه زرع اعوانه في كل مكان، كلهم مكشوفون.."    قرعة كأس العالم 2026: متى تُقام؟ وكيف يمكن متابعتها؟    مصر.. مرشح يفوز في انتخابات النواب رغم وفاته    من بعد إيقاف الهجرة من 19 دولة... قرار جديد يشدّد أكثر على المهاجرين    بعد إهانات ترامب.. اعتقال صوماليين في "حملة مينيابوليس"    تحسّن العجز الجاري إلى 1،6 بالمائة من الناتج الداخلي الخام في 2024    خليفة "أبو شباب": سترى حماس الوجوه الحقيقية التي كان يجب أن تراها منذ وقت طويل    فانس يتهم الاتحاد الأوروبي ب"مهاجمة حرية التعبير" بسبب غرامة على "إكس"    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    خطبة الجمعة .. التاجر الصدوق تحت ظل العرش يوم القيامة    تفاصيل برنامج الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية..    اليوم وغدا: أمطار غزيرة مع تساقط البرد بهذه الولايات    قابس: البحث عن 3 بحارة غرق مركبهم بالصخيرة بعد ان انطلق من قابس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مع الشروق : صناعة الوعي وإنهاء مجتمع الفوضى بالقانون
نشر في الشروق يوم 28 - 08 - 2025

منذ أيّام قضت المحكمة الابتدائية بسوسة بسجن مواطن مدة ثلاثة أشهر بعد إدانته بالاعتداء على كلب بآلة حادة (بالة) وقتله.كذلك، أوّل أمس تمكّن أعوان مركز الأمن بالملاسين، من الكشف عن هوية امرأة ظهرت في مقاطع فيديو على شبكات التواصل الاجتماعي ، وهي تسكب البنزين على قطط متجمّعة قرب حاوية فضلات أضرمت فيها النّار في هدوء ثمّ انصرفت .
الوقوف عند هذين الخبرين، يعكس بشاعة التجرّؤ على الحيوان بوحشيّة وبلوغ بعض التونسيين أقصى درجات الانفلات ، وفي نفس الوقت يوكّد أننا في دولة القانون ولسنا في غابة ممّا جعل القضاء يتفاعل مع الجريمتين معنويّا على قدر تجريم الفعل المرتكب في حقّ الإنسان .
فالمسألة لا يمكن حصرها فقط في جمعية تولت مقاضاة مواطن متهوّر أباد كلبا بآلة حادة وانتصرت عليه ، أو في مواطن وثّق في فيديو جريمة امرأة تُجمّع القطط حول الطعام ثمّ تُخاتلها بالحرق ، إنّ الأمر أعمق من ذلك ، إنّها الدّولة عندما تكون حاضرة بقوّة وأجهزتها مُعافاة من الوهَن وقوانينها جاهزة للتّنفيذ بدل أن تكون حبرا على ورق.
وعلينا أن نؤكد أنّ تطبيق القانون على كلّ متجاوز ، والكيل بنفس المكيال عند إيذاء شجرة أو حيوانا أو العبث بالملك العمومي، يفرض علوية هذا القانون فوق الجميع، ويضع كلّ مواطن أمام حدوده في هذه الرقعة المشتركة للعيش ،ويلزمه عند حدّه . ولا يمكن بلوغ هذا المستوى المحترم من الانضباط واحترام الآخر ، أيّا كان هذا الآخر، إلا بالرّدع والضرب على أيادي المتمرّدين والمتجاوزين تجاوزا صارخا لسلطة القانون، و سعيهم بشتّى الممارسات والسلوكيات إلى تبخيس سلطة الدّولة وكأنّهم يعيشون في القبائل البدائية .
المؤكد أنّ الفصل 317 من المجلة الجزائية يجرّم الاعتداء على الحيوانات سواء بقتلها أو إيذائها أو سوء معاملتها، وهو السند القانوني الذي كان سببا في التتبع القضائي في الحادثيتين الأخيرتين، غير أنّ بعض نوّاب مجلس الشّعب كانوا قد اقترحوا خلال شهر أوت الجاري مشروع قانون يجرّم سوء معاملة الحيوانات ، لتكون الجريمة أكثر دقة ويكون القانون المقترح ملزما بتتبع كلّ من يتجرّأ على الإساءة أو إيذاء أو إلحاق عاهة بها.
مثل هذه النصوص الردعية في المجتمعات المُنفلتة باتت ضرورية ، وقد شهد المجتمع التونسي أقصى حالات التهوّر والهستيريا ما بعد الثّورة بممارسة العنف غير المبرر، والثلب والتّشهير، والتطاول ، وتخريب الملك العمومي ، ونشر الإشاعة وصناعة الخوف والارتياب، و تلويث المحيط، و إغراق الشّوارع في الفضلات و تهوّر الطريق و غيرها من السّلوكيات المريضة .
ومن الطبيعي أنّ ما يعجز عن تحقيقه الحوار والتّحسيس والتوعية يُفلح في ضبطه الرّدع بتسليط عقوبات موجعة ماديا تجعل مرتكبها حريصا على عدم الوقوع مرة أخرى في الفخ، ويكون بذلك عبرة لغيره ، ويدرك معنى الاعتراف بوجود الحدود في التعامل مع الآخرين والتّعايش معهم على قدر من الاحترام والانضباط والنضج الاجتماعيّ.
ومن يبلغ هذه الحدود الواعية في التعامل مع الآخر ، سيكتسب تلقائيا مناعة ضدّ التسيّب ويلزم حدوده أيضا مع الطبيعة والحيوان والحجر والشّجر والطريق ، ويرتقي إلى مرتبة المواطن الفاعل ،أو المواطن الإيجابي القادر على تقاسم العيش مع محيطه المادي والاجتماعي دون أن يبلغ معه مرحلة الإيذاء، ودون اللّجوء إلى قانون يضبط سلوكه الانفلاتيّ ، أو دون اللجوء إلى عدسات سرية توثّق خروقاته وتجاوزاته لفضحها على شبكات التواصل الاجتماعي.
إنّ هذه الشبكات اليوم على سلبياتها الكثيرة عند إساءة استعمالها وتوظيفها ، إلا أنّها في مواقف كثيرة أصبحت ضرورية ، تلعب دور المواطن الرّقيب لكشف المستور وتوثيق تصرفات العديد من المارقين لسلطة المجتمع والقانون والأعراف ، و تمثّل وثيقة إثبات وشهادة حيّة تُحْرج المسؤول وتدفعه إلى التّسريع بالتدخّل حتّى لا يكون مُخلاّ أو لامباليا أو متواطئا.
ونحن اليوم نشهد محاكمات بعنوان إيذاء الحيوان، نحتاج أيضا قوانين تجرّم التطاول على رموز الوطن وروّاده و أعلامه، ويكفي أن نذكر في هذا المجال بالتطاول أوّل أمس على نصب الطاهر الحدّاد بحامة ڨابس للمرة الثالثة بعد سنة 2015 و2018،
لندرك أنّ ثقافة التّخريب وعقلية الهدْم تبدأ بقتل كلب وقط وحرق شجرة وتنتهي بقتل رموز البلاد، ويكبر جهلهم وحقدهم الأعمى إلى اغتيال...الوطن !!!! ، ولا حلّ أمام هذه الفوضى غير صناعة الوعي بفرض القانون ...وبصرامة.
وحيدة المي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.