الحماية المدنية : 533 تدخلا للنجدة والإسعاف خلال ال 24 ساعة الماضية    عاجل: إصابات في ''عركة'' بين تلاميذ في بنزرت    عالم عربي يكتب التاريخ... يفوز بالنوبل 2025    النساء أم الرجال.. من الأكثر عرضة للإكتئاب؟    بورتريه: إمانويل ماكرون.. قدر فرنسا    عاجل: وزارة التربية تنهي مهام هذا المسؤول !    تونس: حجز أكثر من 370 كلغ لحم العلّوش    عاجل: تونس تسدّد كل ديونها الخارجية لسنة 2025    بأسعار تفاضلية: الشروع في بيع لحم العلوش المورّد بأسعار تفاضليّة    موش كل شهادة تعليم عالي تخوّلك لقب ''مهندس''..اعرف الحقائق    الذهب للمرة الأولى فوق 4000 دولار: شنوة السبب؟    تذاكر مباراة كرة اليد بين الترجي و قصور الساف...شوف الأسعار    الاتحاد الرياضي ببن قردان يغير مدربه المساعد    تحوّل غير متوقّع في مسيرة صلاح... وهذا الفريق يدخل على الخط    تحب تحصل على عداد كهرباء جديد؟ هذي الوثائق اللي لازمة!    شنوة السر باش تكون الدار عامرة بالبركة والخير؟    إيقاف 9 أشخاص بحوزتهم "ضبع" لاستغلاله في أعمال الشعوذة والكنوز ..#خبر_عاجل    عاجل: علاج مبتكر قد يخفف معاناة مرضى حصى الكلى    عاجل: تحذير من الأطباء .. القهوة قد تبطل مفعول بعض الأدوية عند تناولها معها..كيفاش؟    علامات المراهقة قد تمتدّ حتى سنّ 25: مختصة نفسية تكشف هذه الأسرار    الرابطة الثانية: زياد الدربالي مدربا جديدا للنسر الرياضي بجلمة    بطولة كرة السلة: نتائج الدفعة الأولى لمنافسات الجولة الرابعة ذهابا.. وبرنامج مواجهات اليوم    عاجل/ مجددا..بن غفير يقتحم المسجد الأقصى..    عاجل/ مناظرة هامة بهذه الوزارة لانتداب 73 عونا..    حادث مروّع في برج الوزير الزهراء: سيارة تصطدم بأربعة مواطنين    الدورة الرابعة المعرض الوطني للزربية والمنسوجات التقليدية من 19 الى 28 ديسمبر 2025 بقصر المعارض بالكرم    محامو "عدالة": لا تهم جنائية ضد معتقلي أسطول الصمود    "شلل تام".. الإغلاق الحكومي الأمريكي يدخل أسبوعه الثاني ويحرج إدارة ترامب    في سابقة أولى: مدرب تونسي يتعاقد مع 3 فرق في 3 أيام    الرابطة الثانية: أولمبيك سيدي بوزيد يفك الارتباط مع المدرب جمال بالهادي    خطير: هذا ما تفعله المشروبات الغازية في كبدك..    ليلى حداد تكشف تفاصيل الإفراج عن صابر شوشان: العفو الرئاسي أوقف صدمة قضائية هزّت الرأي العام    طقس اليوم : الحرارة في ارتفاع طفيف    اعتداء تلميذ على أستاذه بساطور وإقدام آخر على قطع شرايين زميله... ناقوس خطر يتصاعد داخل المؤسسات التربوية    النادي الافريقي يعلن رسميا تاهيل لاعبه الليبي أسامة الشريمي    اختطاف علي كنيس المتطوع التونسي في أسطول الحرية من قبل جيش الاحتلال    عاجل/ النائبة فاطمة المسدي تفتح النار على أسطول الصمود وتفجرها..    مبعوثا ترامب كوشنير وويتكوف يصلان مصر    تونس: صيف 2025 يُسجّل ضمن الأشد حرارة منذ 70 عامًا    تطورات حادثة الاعتداء على أستاذ في سليانة: بطاقة إيداع بالسجن في حق التلميذ    الحمامات تحتضن مهرجان أوسكار شمال إفريقيا للجمال 7 دول تتألق في حدث يجمع الجمال والإبداع    توزر: انطلاق الموسم السياحي الشتوي وسط مؤشرات ومستجدات إيجابية أبرزها إعادة فتح نزل مغلقة    ندوة فكرية في بيت الحكمة حول "قراءة النص المسرحي"    «نجوم الكرامة»: الفنّ الرقمي يزرع الأمل في المناطق الريفية    الدورة السادسة للمهرجان الوطني لسينما المرأة الريفية من 21 الى 25 ديسمبر المقبل بولاية زغوان    عاجل/ بالأرقام: البنك الدولي يتوقع ارتفاع نسبة النمو في تونس    مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب مفتي الجمهورية    عاجل/ بعد الضجة التي اثارها: دار الإفتاء المصرية تحسمها بخصوص شرعية "زواج النفحة"..    عاجل/ يهم ترويج زيت الزيتون: رئيس الدولة يسدي هذه التعليمات..    هام/ هذه المؤسسة تنتدب..    وفاة أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر    والدة لؤي الشارني: ''هذا اش قالي ولدي كيف كلمني ''    التوقعات الجوية لهذا اليوم..أمطار ضعيفة بهذه المناطق..#خبر_عاجل    العربي بن بوهالي: لماذا تشعر الأسرة التونسية بأن التضخم أعلى بكثير من 5 بالمائة؟    قرار قضائي ضد محمد رمضان بسبب أغنية    بعد النجاح الساحق لأغانيه الأخيرة..فضل شاكر يسلّم نفسه للجيش اللبناني    حلّ الخلافات قبل النوم.. بين الحكمة الشائعة والخطر الصامت على العلاقة الزوجية    نهار اليوم ادخل للمتاحف والمواقع الأثرية التونسية ببلاش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بورتريه: إمانويل ماكرون.. قدر فرنسا
نشر في الشروق يوم 08 - 10 - 2025

يجسد الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون حالة إنفصام رهيب في الشخصية بخطابه المشدود إلى عظمة الإمبراطورية وأفعاله التي قذفت بالفرنسيين إلى حضيض العالم الثالث.
هو بكل المقاييس مصيبة فرنسا وقدرها المحتوم بعد أن أكل خمس حكومات في عام واحد وحلّ الجمعية الوطنية (البرلمان)في مناسبتين لمجرد أن يبقى رئيسا يتحصن بقصر الإليزي فيما الساحة السياسية تغرق في العكاظيات مثلما غرقت فرنسا في الديون التي تجاوزت عتبة 3300 مليار يورو مرغمة الحكومات على مطاردة معادلة مستحيلة بعد أن تصحرت الصناعة وأغلقت إفريقيا أبوابها أمام فرنسا وصارت خدمة الدين قاسية على الطبقة الوسطى المرغمة على الإكتفاء بوجبة يتيمة في اليوم مغمّسة بالمرارة ومشتعلة بنار الحيرة والقلق والشك فالأفق صار أضيق من خرم إبرة.
فرنسا تحتاج على الفور من يتعهد بإقراضها تريليون يورو على خمس سنوات (200 مليار يورو كل عام) حتى تتمكن من سداد أقساط القروض وتتفادى دوامة «نادي باريس» لجدولة الديون فيما الشارع الفرنسي صار متيقنا أن العام القادم سيكون قطعا «عام الجوع».
لكن ماكرون لا يعبأ بكل هذا السخط والألم فالرجل قابع على كرسيه في قلب حدائق الإليزيه يضرب أخماله في أسداسه كيف يدفع بالحياة السياسية إلى حافة الإنحصار تلو الإنحصار حتى يكسب مزيدا من الوقت أو يلهي شعبه المصدوم بافتعال العظمة عبر إقحام أنفه في صراعات وقضايا أكبر بكثير من قدرات فرنسا التي لم تعد تملك لا القوة العسكرية ولا المال حتى تردع الدب الروسي أو تكسر شوكة الجزائر أو تزعج حتى دول الساحل الإفريقي التي تعمدت إذلال فرنسا بطرد جيوشها.
وفي الواقع تحصد فرنسا ما زرعته من أحقاد في مستعمراتها السابقة زاد في إشعالها الرئيس إمانويل ماكرون بإمعانه في المثابرة ومصارعة عجلة التاريخ التي لا ترحم لأنه عالق في شراك «آل روتشيلد» الذين استخدموه موظفا في أحد بنوكهم قبل أن يعطوه رقاب الفرنسيين الذين قهرهم بشتى أساليب الإستبداد الناعم المسنود بخراطيم المياه الساخنة والغاز المسيل للدموع.
وبالنتيجة تجسد حقبة ماكرون التي لا يبدو أنها ستنتهي بسلام ذروة التصادم بين «فرنسا الفرنسية» وفرنسا المتصهينة إلى الدفاع التي تورطت أكثر من اللزوم في مشروع «الصهيونية العالمية» الذي أصبح العدو المشترك للبشرية قاطبة بعد أن ذابت مساحيقه وتكشفت عقيدته المتوحشة المستعدية للقيم الإنسانية الأصيلة والقائمة على ثنائية « الدم بلا حساب والمال بأي شكل» وذلك تحت ضغط الصمود الإعجازي للشعب الفلسطيني الذي صاغ بدماء أبنائه الزكية معالم الطريق إلى عالم مختلف سيعيد للحضارة الإنسانية بريقها وقدرتها على صون قواعد العيش المشترك مثلما سيقذف إلى محرقة التاريخ بكل الكيانات التي لم تقدر على إلتقاط رسائل التاريخ.
وعلى هذا الأساس لم يستوعب إمانويل ماكرون كل الورقات الصفراء التي صادفها في طريقه مجسدا صورة «الحمار الذي يحمل أسفارا» فقد أجلسه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في طرف طاولة عملاقة مثلما نبهه الرئيس قيس سعيد في آخر قمة إفريقية فرنسية أن «الشعوب الصغيرة لم تعد صغيرة» لعله يدرك أن مصالح شعبه تفرض تفادي التصادم مع قطار العالم الجديد الماضي في طريقه بثبات معبرا عن توق إنساني جارف لتحطيم أغلال العبودية وفسخ كل التداعيات المدمرة لطبيعة البشر وأسس التوازن على كوكب الأرض التي أفرزها بناء المشروع الصهيوني بالخداع والترهيب على امتداد خمسة قرون من الزمن.
ومن هذه الزاوية بالذات يمكن فهم جذور وأبعاد الأزمة الفرنسية التي تتجاوز بكثير مجرد وفاق سياسي صعب المنال لتعبر عن مأزق حضاري وشرخ ثقافي عميق يعودان بالأساس إلى تآكل أسس الهوية الوطنية بسبب تفشي الفيروس الصهيوني الذي تعود جذوره إلى حقبة «بونبارت» الذي كان أول من يطلق الوعد بإقامة الدولة اليهودية على أرض فلسطين منذ نهاية القرن الثامن عشر والإبادة الجماعية التي مارستها الجمهورية الرابعة في الجزائر بلد المليون شهيد فالإبادة الجماعية تشكل القاسم المشترك الأول للكيانات التي تزعمت بناء «الصهوينة العالمية» وهي كل من فرنسا وألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة إلى جانب رأس الحربة إسرائيل.
ومن ثمة كان دخول ماكرون إلى قصر الإليزي تتويجا لمسار كامل من الصهينة سرعان ما دخل في تصادم حتمي مع عجلة التاريخ أو بالأحرى مع سياق تصحيح التاريخ الذي سيجرف حتما كل الكيانات التي تورطت أكثر من اللزوم في الإرث الدموي الرهيب للمشروع الصهيوني الذي قدر عليه أن يستخدم كل البيادق التي اشتراها بالمال مثل ماكرون في فرنسا وترامب في الولايات المتحدة مجرد حطب في صراعه اليائس من أجل صد رياح التحرر العاتية التي تدور حول القدس بالذات.
وبناء على هذه المعادلة الواضحة وضوح الشمس كان رئيس أركان الجيوش أول من قدم استقالته عندما صعد ماكرون إلى سدة الرئاسة في عهدته الأولى معللا ذلك بقولته الشهيرة «هذا الرجل سيدمر فرنسا...» .
وبالفعل فلم تكد تمر بضعة أعوام حتى لاحت فرنسا مجرد صورة للإبمراطورية فاقدة لكل عناصر القوة بعد أن تأكلت قدراتها العسكرية وفرغت خزائنها ليتسارع العد العكسي الذي سينتهي حتما بإنفجار داخلي قد يصعب التكهن بشكله أو مداه فيما يتعاظم السؤال من سيشتري فرنسا عندما يفتح المزاد. ؟
الأخبار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.