فتحت الاندلس في شهر رمضان المبارك من السنة الثانية والتسعين للهجرة النبوية المباركة، على يد القائد البطل طارق بن زياد وموسى بن نصير رحمهما الله تعالى... وقد أقام المسلمون في تلك البلاد حضارة من أعظم الحضارات التي عرفتها الانسانية في تاريخها، امتدّ خيرها وعم نفعها بلادا كثيرة. وتبدأ قصة هذا الفتح العظيم فيما يذكر أهل التاريخ عندما علم طارق بن زياد رحمه الله وكان واليا على طنجة من بلاد المغرب بوقوع خلاف بين ملك الروم، وحاكم الجزيرة الخضراء وهي الجزء القريب لبلاد المغرب من بلاد الاندلس حيث خرج حاكم الجزيرة الخضراء بجيشه لقتال ملك الروم، وعندما علم طارق بن زياد بمسيره انطلق بجيشه عبر البحر، حتى نزل بالجزيرة الخضراء، وكان نزوله قبل الفجر فصلى بأصحابه الصبح، وبنى مسجدا، وعقد فيه الرايات فسمي مسجد الرايات ثم انطلق طارق بأصحابه ليفتح البلاد، فعلم به ملك طليطلة لذريق فخرج للقاء المسلمين، فحدثت بينهما معركة انتصر فيها المسلمون، ثم تتابعت الانتصارات وتوالت، حتى استطاع المسلمون ان يصلوا الى تخوم فرنسا في المعركة الشهيرة المسماة بلاط الشهداء. هذه هي قصة ذلك الفتح العظيم، الذي بسط المسلمون بسببه نفوذهم في بلاد الاندلس اسبانيا والبرتغال حاليا واستفادت اوروبا من نور العلم الذي نشره المسلمون هناك، بعد ان كانت غارقة في بحار الظلم والجهل، إلا أن الأمر لم يبق على حاله، بل دب الخلاف بين المسلمين حتى انحاز كل قوي بدويلة، وأصبح هم تلك الدويلة مقاتلة الاخرى، والاستيلاء على ملكها، فانشغلوا بانفسهم عن اعدائهم، وتسلط عليهم النصارى وساموهم أشد العذاب، وأجلوهم عن بلاد الاندلس، وصدق فيهم قول الحق سبحانه: «ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا ان الله مع الصابرين» (الانفال 46) انها سنة الله في الارض التي لا تحابي احدا.