يبدأ الرئيس الأمريكي جورج بوش اليوم زيارة دولة الى بريطانيا، في ضيافة «حليفه» الوفي طوني بلير، وسيكون العراق ، الموضوع الرئيسي لمباحثات هذه الزيارة، في جلسات «مجلس حرب» تذكّر «بمجلس حرب» سابق، عقد في جزيرة «الازور» البرتغالية بين بوش وبلير وأزنار، غير أن «مجلس الحرب» هذا لن يعلن حربا أو يضع اللمسات الأخيرة في عدوان بوش، بل إنه سيكون مناسبة يحاول فيها بوش وبلير أن ينقذا ما يمكن إنقاذه في وضعهما بالعراق. هذه الزيارة تأتي في ظرف تتأزم فيه أوضاع التحالف الذي يقودانه في العراق، حيث تصاعدت أعمال المقاومة العراقية وتكّثفت، مكبّدة قوات التحالف خسائر هامة جدا، سواء في الجنود أو في العتاد، بعد أن أسقطت المقاومة، مروحيات عديدة، وحصدت مجموعات بأكملها من العسكريين الأمريكيين وغيرهم، وإن بدا بلير أفضل حظّا من «صديقه» بوش في هذا المجال حيث لم تواجه قواته حتى الآن، عمليات نوعية للمقاومة العراقية، بسبب تمركزها في المناطق الجنوبية الشيعية التي لا ترى حتى الآن ما يثير في تواجد الاحتلال الأمريكي البريطاني بها.. وإضافة إلى هذه المشاكل الميدانية بعد تورّط القوات الأمريكية والبريطانية في العراق، يواجه بوش وبلير تراجع شعبيتهما في صفوف رأي عام بلديهما، وهي مسألة عكستها عمليات سبر الآراء. وسوف يكون على بوش أن يواجه خلال هذه الزيارة عشرات الآلاف من المتظاهرين الرافضين للحرب ولانخراط واشنطنولندن في حرب مشبوهة، وغير مقنعة بالمرة. وفي حقيقة الأمر، فإن كل المنطق الذي بنى عليه الرجلان عدوانهما، انهار، فلا همها تمكّنا من الكشف عن أسلحة الدمار الشامل، التي ادعيا أن العراق يمتلكها، وبرّرا بها عدوانهما، ولا استقبلت وقواتهما في العراق بالورود والترحيب، كما كانا يعدان بذلك قبل الحرب، بل ان تورّطهما في العراق، كشف اضافة الى هشاشة المبرّرات التي قدّماهما، عقما في تصور وتخطيط مرحلة ما بعد الحرب، الأمر الذي انعكس تخبّطا في القرارات وعلى الميدان، وقتلى بالجملة في صفوف جنود التحالف، وعزلة على المستوى الدولي، بعد أن بدأ أقرب الحلفاء اليهما بالتردّد إزاء ارسال قوات للمشاركة الى جانب الأمريكيين والبريطانيين وبقية القوات الحليفة، وبعد ان استعادت قيادات معسكر السلام الثقة في خياراتها، وعبّرت عن ذلك داعية، معسكر الحرب، الى ايجاد فرصة الخروج المشرّف من المأزق الذي أوقعوا فيه أنفسهم. وإضافة الى كل ذلك، يواجه طوني بلير صعوبات مضاعفة، إزاء الرأي العام البريطاني، الذي يتهمه بالتبعية الى الولاياتالمتحدةالأمريكية، وبأن حجم القرار البريطاني في العراق، لا يوازي حجم الانخراط الميداني العسكري لهذا البلد هناك، وحتى الشركات البريطانية، فإنها لم تبدأ بعد الاستفادة من «إعادة إعمار» العراق الى جانب الشركات الأمريكية التي ذهبت شوطا بعيدا في هذا الأمر. ولذلك من المتوقّع ألاّ يخرج «الحليف» البريطاني خلال قمّة لندن عن الدور الذي لعبه طوال الأزمة والحرب، مجرّد شريك تابع، بعيدا عن المساهمة في اتخاذ القرارات المصيرية في الأزمة، كما كان بعيدا عن القرارات الأساسية التي اتخذت، بعد أن زيّن أمر الحرب لبوش، ولذلك لن يكون أمام بلير إلا أن يواصل التحريض، مجاملة لصديقه المحارب، أو أن يواسيه إزاء سوء الطالع الذي يلازم قواته في العراق، أو أن يصطحبه إلى أقرب «قارئ فنجان» من «10 داونينغ ستريت»، يستكشف لهما الطريق نحو إعادة الانتخاب مجدّدا!