تعددت أدوارها المركبة من «البكوشة» في «عصفور سطح» إلى «صمت القصور» ف»الكأس» ف»عرب» وأخيرا «باب العرش» الذي فتح لزهيرة فتوجها الجمهور الذي أحبّ شخصياتها في المسرح والتلفزة من خلال دور علياء وخديجة وثمّن جهدها في البحث عن التميّز. تلك هي زهيرة بن عمار، امرأة مسكونة بهاجس الابداع تسعى إليه من خلال تقديم فنّ راق تدلي فيه بموقفها من بعض القضايا الانسانية. - مسرحية «تركتك» هي ثاني تجربة مسرحية في صلب شركتك الخاصة، بعد المسرحية الأولى «سنديانة» ما هو توجه الشركة المسرحي من خلال هذين العملين؟ أسعى لأن أعيش حلمي في هذه الشركة بعد ان شاركت في أحلام الآخرين. والعملان هما «نفس الشخص» الذي هو أنا، أي أنك تجد فيه نفس النظرة ونفس الموقف من العالم وكل تجربة مسرحية هي نتيجة تراكم خبرات وأحداث سابقة فلولا «سنديانة» لما ظهرت «تركتك» ولولا «عرب» ما ظهرت «كوميديا»، كل محطة تقود بنا إلى محطة أخرى، هو نفس البنيان لكنه يتصاعد تدريجيا مع نفس المواقف ونفس المبادئ. - هذه القضايا الانسانية هل تنضوي على علاقة قرب مع زهيرة؟ مسرحيتي «تركتك» تطرح قضية غياب الأب والزوج والقائد وهي صرخة في وجه الرجل الذي بدأ يفقد مساحته، رجل الغد هو طفل اليوم الذي تسيطر عليه أمه، ثم عندما يكبر تطرح مسألة المسؤولية التي تنتظره. أنا لا يمكن أن أقدّم مسرحا من نوع «عمتي عيشة كلاتها القطوسة» ولا يمكن أن أتحدث عن «المانيكيير والصبيغة في مسرحياتي» أنا أحمل منطقا وخطابا فأنا على نفس المنهج منذ مسرح المثلث لم أتغيّر كل شخصية قدّمتها تحملكم إلى رؤية أخرى لهذا العالم وأسعى دائما لأن تكون مسرحياتي حاملة لقضايا جوهرية مثل مسرحية سنديانة أيضا التي طرحت فيها قضية الفقر الذهني ووحدة الروح. - هل توافقينا الرأي على أن أوج اشعاعك وتميزك المسرحي قد عشته من خلال أدوار الفاضل الجعايبي؟ هناك فرق لا أقول أحسن أعمال قدمتها مع الفاضل الجعايبي بل هي أطول فترة زمنية من عمري المسرحي والتجربة كانت ثرية ولازالت متواصلة لكي أفتخر أيضا بتجربتي مع الحبيب شبيل في مسرح «المثلث» الراقي مع كمال التواتي وفتحي الهداوي وطارق بن عبد اللّه. أعمالي مع هؤلاء هي التي صقلت موهبتي وقدمتني لجمهور المسرح. - يرجع المشاهدون نجاح سلسلة «عند عزيز» لاعتماد المخرج على ممثلين مسرحيين، هل أصبح الأداء المسرحي ورقة رابحة بعد ان كان مرفوضا في التلفزة لطبيعة الأداء المبالغ فيه؟ إذا كان الممثل محترفا وله القدرة على التمييز بين الأداء الخاص بالسينما والأداء الخاص بالتلفزة والأداء الخاص بالمسرح ودرجة التفاعل مع كل دور في مختلف هذه الفنون فإن النتيجة تكون ناجحة ويلقى أداؤه الاستحسان، فأصعب شيء هو «الدّوزاج» لأن كل ميدان له أبجدياته وحركاته ودرجة الانفعال الخاصة به حتى ان الأداء يختلف في نفس الميدان بين عمل وآخر وبين شخصية وأخرى. - هل تسعى زهيرة بن عمار لتكون ذات بصمة في الأدوار المركبة التي تميزت بها في المسلسلات الأخيرة؟ أنا بكل تواضع لا يمكن أن أستبله المشاهد بأن أكون كالببغاء فمسؤوليتي تجاه هذه المهنة تفرض عليّ أن لا أدخل فارغة الوعاء للدور فالفن ليس «روبرتاج» أي نقل الشخصيات كما هي على النص، هناك عنصر الاضافة التي يقدمها الفنان من خلال خلق الشخصية. مثلا شخصية «علياء» في مسلسل «اضحك للدنيا» هي شخصية لها بطاقة تعريف خاصة. كذلك شخصية خديجة في «عند عزيز» لها أيضا بطاقة تعريف، فأنا أحاول أن أخلق الشخصية بمميزاتها كما لو كانت حقيقية فاسأل نفسي ما الذي يمكن أن تحبه وما الذي يمكن أن تكرهه هذه الشخصية، كيف تلبس؟ كيف تتحرّك؟ ما هو مرجعها الاجتماعي الذي يؤثر على طريقة حديثها واستعمالها لألفاظ معينة وهذا ما أقصد من خلال كلمة بطاقة تعريف خاصة بكل دور. كما ان هذه الشخصيات لا تشبهني وليس بالضرورة أيضا ان تكون ظروف الشخصيات التي قدمتها قد عشتها في الواقع لأنجح في أدائها، فالفنان يحمل سنوات معايشة ومعاينة للواقع وللشخصيات فيتبناها ويضيف لها من روحه رؤيته الخاصة حتى يخيّل لك انه قد عاشها فعلا ولكنها حدثت لغيره مثل شخصية الأم التي أقدّمها في مسرحيتي الأخيرة. - استأثر المسرح بأكثر من خمسة وعشرين سنة من حياة زهيرة لأجل هذا تأخر بروزك التلفزي؟ قدمت من قبل بعض الأعمال التلفزية عندما كنت أمارس المسرح الهاوي، لكني أحسست أني سأحنّط في أدوار معينة ليست لي القدرة ولا الخبرة للخروج منها وعندما أحسست أنه لم يعد لي ما أضيفه في أدواري التلفزية انسحبت، فمن السّخف أن أقدم دورا لا يضيف لي شيئا، الآن وفي الفترة الأخيرة عندما تمّ اقتراح أعمال تلفزية عليّ تقدمت بكل ثقة في النفس فلديّ الخبرة والتجربة التي تمكنني من التطور وتنويع أشكال الشخصيات. - رفضت اجراء حوار لفائدة منوعة تلفزية أثناء تصوير السلسلة لماذا كل هذا التشدّد مع الصحافة؟ هو ليس رفضا بل هو موقف من بعض الصحفيين فأنا لا أقبل ان يحاورني شخص لم يشاهد ولو عملا واحدا من أعمالي فبأي فكرة عنّي يأتي ليطرح أسئلة لا علاقة لها بمبادئي أو تجربتي.. وأعرف عديد الصحفيين الثقاة وهم أصدقائي الذين لا أخشى معهم تحريف كلامي وتأويله عكس ما أقصد.