سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
نوّاب من التجمع والمعارضة متفائلون بمستقبل التجربة التعددية والسياسية في البلاد: المداخلات أتت على جل المشاغل الوطنية والوزراء أجهدوا أنفسهم لتقديم البيانات والتوضيحات
انتهاء المداولات الخاصة بميزانية الدولة يقترن باستمرار ببعض القراءات والتأويلات على اعتبار ما تتيحه مناقشة فصول وأبواب الميزانية كل سنة من استعراض لأهم المشاغل الوطنية واستشراف لمستقبل الحياة السياسية والقطاعية على امتداد السنة الموالية. «الشروق» بحثت مع عدد من النواب تفاعلهم مع ما شهده مجلس النواب على امتداد الاسبوعين الفارطين من نقاشات ومطارحات. ثراء أكد النائب هشام الحاجي (الوحدة الشعبية) ان النقاشات الثرية التي دارت في رحاب مجلس النواب لا يمكن ان تعزل عن مسار التجربة الديمقراطية في البلاد. وأضاف ان الممارسة الديمقراطية ما انفكت تتدعم وتترسخ وهو ما يعكسه بصفة خاصة التفاعل بين النواب بشكل ايجابي بالرغم من ان لكل واحد منهم منطلقاته واطروحاته، ولاحظ العضو بالمكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية ان أداء الاحزاب داخل البرلمان عرف تطوّرا نوعيا وكميا وان كل المؤشرات تؤكد ان الأيام القادمة ستشهد المزيد من التطوّر وهو ما يمكن اعتباره خطوة صحيحة في طريق تعميق الاصلاح السياسي. وعن ردود الوزراء واعضاء الحكومة قال الحاجي ان اهم الردود هي التي اتت في المجال السياسي وخاصة ما ورد على لسان الوزير الاول والوزير الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية من تأكيد على ان الانجازات لا يمكن ان تحجب النقائص الموجودة وان الطريق مايزال طويلا لتحقيق رقي سياسي وديمقراطي كبيرة في البلاد. مشاغل وبرغم ان النائب عن الوحدة الشعبية يرى صعوبة الاتيان على كل الملفات والمشاغل فقد اكد وجود رغبة قوية لدى النواب من مختلف الاحزاب السياسية من اجل التعبير عن مشاغل المواطنين وأشار الى ان تطوير اداء وسائل الاعلام بنقل النقاشات البرلمانية وجلسات الاستماع مع الحكومة كفيل باعطاء حركية اضافية ودعم للصلة بين النائب والمواطن. اختلاف وإجماع من جهته اشار النائب صالح الطبرقي (التجمع الدستوري الديمقراطي) الى ان النقاش الذي جرى في مجلس النواب يكرّس التعددية والديمقراطية على ارض الواقع وقال ان ذلك النهج نابع من الإرادة الثابتة للرئيس زين العابدين بن علي وأكد النائب التجمعي (رئيس اللجنة البرلمانية الاولى: الشؤون السياسية والعلاقات الخارجية) ان النقاشات وبالرغم من انها كانت فرصة لإبراز التصوّرات المختلفة حول جل المواضيع بين نواب حزب الاغلبية وبقية الاحزاب الوطنية فهو قد كان فرصة لتأكيد اجماع على الحساسيات والاحزاب الوطنية الممثلة في البرلمان حول شخصية الرئيس بن علي والتفافهم جميعا من اجل انجاح برنامجه المستقبلي. نقاش ثري وأوضح السيد الطبرقي ان النقاش على اختلافه كان نقاشا بنّاء وثريا يستشف منه ولاء الجميع لتونس والتمشي المرحلي في البناء السياسي والاقتصادي والاجتماعي وقال النائب التجمعي انه بالرغم من الاختلاف بين النواب حول بعض المواضيع فإنه لم يكن حادا ودلّ على اعتدال في التناول والطرح. وأشار المتحدث الى ان المشهد السياسي سيتحسن على الساحة الوطنية شريطة وعي الجميع بأهمية المرحلة والتحديات التي تنتظر البلاد واضاف ان المستقبل سيكون بالتأكيد افضل انطلاقا من ان الاجماع حول الثوابت والخيارات الوطنية الكبرى التي كرّسها الاصلاح الجوهري للدستور كفيل بدعم التعددية والديمقراطية وتطوير المجتمع في جميع مجالاته عبر ثلاثية التآزر والتضامن والتسامح. انفتاح الصدور ويرى النائب ثامر ادريس (حركة التجديد) انه كان لابدّ ان يشهد النقاش انفتاح صدور الجميع للآراء المختلفة والمتباينة احيانا على اعتبار ان ميزانية الدولة تعكس سياسة الدولة والسياسة من ثم ليست علما صحيحا وهو ما افترض ان يكون البرلمان تعدديا بصفة فعلية وليس بالشعار تقويما لاختيارات الحكومة وتعبيرا عن المشغلة العامة. واضاف النائب ادريس ان التقدّم في البناء الديمقراطي يفترض القطع النهائي مع خطاب الرضا عن النفس وقال ان وجود المكاسب لا يعني السكوت عن بيان ما يجب علينا فعله في المستقبل . وأضاف: لابد لنا من فتح مرحلة جديدة نكف فيها جميعا عن الممارسات القديمة والتي لا تضمن التقدّم بالبلاد على العكس قد تضرّ بها.. وقال ان خطاب الوزير الاول في البرلمان الذي كان خطابا عقلانيا وواقعيا والتنوّع والاختلاف الذي بدا بين النواب والاحزاب كفيلان بدعم المسار الديمقراطي والمضي اشواطا اخرى في مسيرة الاصلاح السياسي. اقناع برغم تأكيده على ان التوقيت الذي خصص لمداخلات النواب (3 دقائق) وردود اعضاء الحكومة (20 دقيقة) لم يكن كافيا لتقديم تحاليل ضافية او اجابات دقيقة وإجمالية فإن النائب العروسي النالوتي (حركة الديمقراطيين الاشتراكيين). قد ابرز ما اتاحته مداولات الميزانية من طرح مستفيض لحل الاشكاليات سواء السياسة او القطاعية وقال وجدنا في المداخلات صدى للمشاغل الوطنية ورأينا في اجابات الحكومة سعيا للاقناع وحتى الوزراء الذين لم يتسنّ لهم تقديم كل الاجابات اشاروا بأنهم سوف يقومون بالردّ الكتابي على ما بقى من الاسئلة. وقال النالوتي ان الميزانية فترة محددة زمنيا وان السؤال المهم الآن هو كيف تكون الصورة في المستقبل؟ وكيف يقع تكثيف جلسات الحوار مع الحكومة ومزيد تشجيع الاعلام وخاصة المرئي والمكتوب من اجل القيام بدوره عبر تغطية العمل النيابي واطلاع الرأي العام على ما يدور فيه من جهة واضطلاعه بمهمته في ربط الصلة بين البرلمان والمواطنين وقال ان كل هذه المطامح تفترض مراجعة كاملة وصيغة جديدة للتواصل مع البوادر الايجابية الحاصلة. تقدّم وقال النائب احمد الغندور (الاتحادك الديمقراطي الوحدوي) انه بالرغم من ان الحكومة والبرلمان فيهما عناصر جديدة فإن النقاش مع بداية هذه السنة التشريعية كان ثريا جدا وأشار الى ان نسق النقاشات يتصاعد مع التقدّم في المدن النيابية، واكد الغندور ان اهم ميزة برزت في النقاش البرلمان هي الحرص على الجدية في تناول الملفات وقال ان النواب قد اعطوا دفعا قويا وان المعارضة كانت حاضرة في كل الجلسات وقدّمت عدة تصوّرات ومقترحات ولم يكتف بالنقاش فقط. حرية وتحدث النائب عن الوحدوي الديمقراطي عن النفس الديمقراطي الموجود داخل البرلمان وبالحرية الموجودة في اثارة المواضيع وهو يعتقد ان الثراء الذي تم التعبير عنه بصفة مسؤولة من قبل كل الاحزاب بما فيها الحزب الحاكم واعضاء الحكومة هو خير دليل على ان البلاد سائرة بصفة فعلية ودونما رجعة في المسار التعددي والديمقراطي الصحيح ويؤكد الغندور ان مزيد انفتاح الاعلام على روح الاختلاف والتنوّّع والموجودة في البلاد وبين النخبة السياسة والثقافية سيكون دعامة اضافية لتحقيق المزيد من المكاسب. مسؤولية من جهته عبّر النائب المنجي الخماسي (الحزب الاجتماعي التحرري) عن رضاه عما شاهده من نقاش مسؤول وبناء في مجلس النواب وقال ان تجسيد المسار التعددي في البلاد ودعم الانفتاح الاعلامي والسياسي يمرّ حتما عبر المؤسسة التشريعية التي تبقى الفضاء الأهم للتعبير عن الاختلافات الموجودة في البلاد وتحقيق التواصل والحوار بين نواب الشعب وبقية السلط وخاصة السلطة التنفيذية. ويرى الخماسي ان احزاب المعارضة مدعوة الى المواصلة في عملها وفي تقديم تصوّرات ومقترحات وعدم الاكتفاء بانتظار ما تنجزه الحكومة حتى تقوم بالردّ عليه، لابد ان يتواصل ما شاهدناه في النقاشات البرلمانية من طرح لبدائل وافكار فيها الكثير من التباين مع تصوّرات الحزب الحاكم وهذا التنوع اذا حافظ على نفس روح المسؤولية فهو سيكون عماد المرحلة الجديدة من الاصلاح السياسي والديمقراطي التي وعد بها رئيس الدولة.