شهدت تونس في السنوات القليلة الماضية محاولات جادة للنهوض بقطاع الاختراعات من خلال الاجراءات الحكومية أو بفضل المبادرات التي تقوم بها الجمعيات، والمنظمات المختصة مثل جمعية الشبان والعلم، والجمعية التونسية للمخترعين. وكانت السنة التي توشك على نهايتها حبلى بالمشاريع والاختراعات التونسية المشجعة أبرزها الاختراعات الفائزة مؤخرا بالجوائز الأولى في المسابقة الوطنية للاختراع، والتجديد، وكذلك الأعمال والمشاريع التي أشرفت عليها مجموعة من النوادي مثل نادي أطفال سيدي فرج بباجة ونادي الشبان والعلم بالمنستير. **اضافات وبعيدا عن لغة الأرقام دعونا نقوم بجولة في أهم هذه الاختراعات مع تسليط الأضواء على مميزاتها وخصائصها. ففي المسابقة الوطنية الأخيرة للاختراع، والتجديد تم تتويج مشروع رائد يتمثل في جهاز لتصفية الدم بامضاء الدكتور نوفل بوعكاز، وهو جهاز قادر على إبعاد شبح تخثر الدم أثناء تصفية الدم لدى مرضى الكلى المعرضين لنزيف دموي حاد. أما المشروع الثاني فكان بمبادرة من السيد أحمد الخلفي الذي أنجز فرنا متعدد الاختصاصات مستوحى من «الطابونة» كما برزت في المسابقة عدة أعمال أخرى تخص تطوير المحركات، والسيارات مثل «التوتينغ» وهي سيارة مطورة، ومضاف إليها عدة اكسسوارات عملية وناجعة. **مجالات حيوية وساهمت عدة مؤسسات صناعية في ادخال تحسينات كثيرة على الآلات المستعملة، وقامت أيضا باجراء العديد من الاختراعات، وعمليات التجديد في إطار المنافسة مع الشركات المحلية والعالمية. وتعلقت هذه التحسينات بمجالات حيوية مثل الطاقات المتجددة، وكيفية التحكم في الطاقة، إلى جانب أساليب جديدة لتطوير أنظمة الأمان بطرق تقنية عالية الجودة. ولا تقل مساهمات النوادي الشبابية والعلمية أهمية عما ذكر آنفا، فقد دأب نادي أطفال سيدي فرج بنادي الشبان والعلم بباجة منذ سنوات على إعداد مجموعة من الاختراعات تحت اشراف الأستاذ الشاذلي القيزاني وبمشاركة شبان يتقدون حماسا وحيوية. ومن أهم هذه الاختراعات: النظام الالكتروني للوقاية من الحرائق باستعمال الهاتف الجوال والهاتف العادي وموجة «أف.أم» الطريقة العلمية لاستغلال مياه الأمطار وتوظيفها للاستخدام المنزلي مع مشروع الحنفية الناطقة وحاوية الفضلات الناطقة، وينوي النادي تنفيذ اختراعات جديدة في العام القادم منها محطة للرصد الجوي، النظام الالكتروني للوقاية من سرقة السيارات، والمحلات العمومية والخاصة باستعمال الهاتف الجوال والهاتف العادي وموجة «أف.أم». أما في المنستير فإن نادي الشبان والعلم هناك اهتدى إلى اختراع مجموعة متطورة من أنظمة الروبوتيك شارك بها في أغلب المسابقات داخل تونس وخارجها، وكانت جمعية الشبان والعلم أيضا في طليعة المشجعين على الاختراعات سواء من خلال نواديها المذكورة، أو عبر تشريك منظوريها في المسابقات الدولية مثل المعرض العلمي الدولي. ومن بين الاختراعات التي سجلت حضورها بقوة في هذه التظاهرات أنظمة للوقاية من الحرائق، وترشيد استهلاك التنوير العمومي. **التشجيع أولا ورغم أهمية هذه الاختراعات إلا أنها لا تزال غير قادرة على منافسة ما تنتجه كبريات الشركات، والمؤسسات، والجهات المختصة في العالم المتقدم. وهذا عادي باعتبار اختلاف الظروف والتباين الكبير في الامكانيات المادية، والاقتصادية لكن هذا لا ينفي اثارة العديد من التساؤلات أهمها: لماذا لا يعامل المخترعون كما يعامل الفنانون والرياضيون الذين يحظون بدعم مادي كبير؟ ولماذا لا يقع تكليف جهة مختصة تشرف على المخترعين، وتدعم الدور الذي تقوم به الجمعيات والمنظمات المذكورة آنفا؟ ورغم الترفيع المتواصل في ميزانية البحث العلمي في بلادنا إلا أن المخترعين أنفسهم يشتكون دوما من ضعف التأطير، وقلة الامكانيات المخصصة لقطاع الاختراع الذي يتطلب استثمارات ضخمة. ولفهم البون الشاسع بيننا وبين الدول الكبرى مثل اليابان وأمريكا وألمانيا لابد من الاشارة إلى أن نصيب العالم الثالث من براءات الاختراعات لا يتعدى 3 النسبة الأكبر منها تنفرد بها كوريا الشمالية.