هل يشكو المخترع التونسي من قلة التشجيع؟! المخترعون : التمويل أصعب مشكلة تواجهنا الجمعيات : التأطير مهمتنا الأساسية وزارة الاشراف : تشجيعات مالية وأقطاب تكنولوجية للنهوض بالبحث العلمي إعداد: الهادي الجويني تونس (الشروق): نغمة وحيدة تتردد على لسان عشاق الاختراعات والمبدعين في مجال الابتكار اسمها غياب التشجيع والتأطير، والحكايات التي يرويها هؤلاء عن التمويلات الذاتية الضخمة والاعتماد على القدرات الشخصية ماديا وتقنيا دون دعم حقيقي من أحد تجعل السؤال الآتي مشروعا ومنطقيا: هل صحيح أن الاختراعات والابتكارات ما كانت لترى النور لولا الاجتهاد الشخصي لاصحابها؟ ويؤدي السؤال نفسه الى طرح إشكاليات أخرى مثل دور الجمعيات والمنظمات في تأطير المخترعين والمبتكرين، وحجم الاعتمادات وطبيعة البرامج التي وضعتها الدولة للتشجيع على الاختراع التونسي لحما ودما. صعوبات في لقاءات سابقة مع مخترعين تفوقوا في المناظرة الاخيرة للاختراع والتجديد سمعنا عدة روايات وحكايات تعطي صورة واضحة عن الاشكاليات المطروحة. فمن المخترعين من ذكر أنه أنفق ألف دينار من ماله الخاص لاختراع آلة لحرق وإتلاف الابر الطبية المستعملة. هذه الحالة بسيطة إذا ما قورنت بما حدث للفائز الاول في المناظرة المذكورة فقد اضطر الى التداين والقيام بتجاربه على محرك أخذه من احدى المؤسسات على سبيل الاعارة رغم أنه يعمل في شركة نقل. فماذا فعلت الجمعيات والمنظمات لتشجيع وتأطير المخترعين ومن ثمة تخفيف العبء عليهم؟ يجيب السيد محمد بودة رئيس الجمعية التونسية للمخترعين قائلا: »الدور الاساسي لجمعيتنا هو تأطيبر ومساندة المخترعين بكافة أنواعهم واختصاصاتهم. وهناك ثلاثة مجالات تبرز أهمية الدور الذي تقوم به. فنحن نقيم سنويا العديد من المؤتمرات والملتقيات العلمية بالتعاون مع الوزارات والمؤسسات المختصة، ويتم دعوة المخترعين شخصيا لحضور هذه اللقاءات والانشطة للاستفادة من المختصين سواء فيما يتعلق بكيفية حماية الاختراع أو طريقة تمويله والبنوك المختصة في ذلك. كما أننا على اتصال مباشر بالاتحاد الدولي للمخترعين الذي ننتمي الى مكتبه التنفيذي. وكانت تونس من أوائل الدول التي أدرجت مخترعيها ومشاريعهم على موقع الانترنيت الراجع بالنظر الى الاتحاد العالمي«. تأطير وتوجيه وأضاف السيد محمد بودة: »من ناحية أخرى تنظم الجمعية سنويا مناظرة للاختراع والتجديد تجمع العشرات من المبتكرين سواء كانوا فرادى أو مؤسسات ومراكز وشركات صناعية. أضف الى ذلك المشاركة في أهم المعارض الدولية للتعريف بالاختراعات والابتكارات العلمية التونسية. ونستغل هذه المناسبات لابرام عقود شراكة مع المؤسسات العالمية خدمة للمخترع التونسي«. وعن مشكلة التمويل يقول رئيس الجمعية التونسية للمخترعين: »تساهم عديد الاطراف في تمويل الاختراعات وأخص بالذكر بنك التضامن وكتابة الدولة للبحث العلمي والتكنولوجيا. ويعمد بعض المخترعين أحيانا الى بيع اختراعهم كي يتفرغوا الى اختراعاتهم الجديدة. أما الصعوبات التي يتعرض اليها هؤلاء فتتمثل بالخصوص في كيفية حماية الاختراع. فبمجرد أن يتقدم أحدهم باختراع ننصحه بتسجيله في معهد المواصفات والملكية الصناعية للحصول على براءة اختراع. ونقوم على الفور بمساعدته وتوجيهه لاتمام العملية على أحسن وجه. ونظرا لارتفاع ثمن التسجيل دوليا فقد تمكنا من توفير خصم بحوالي لكل مخترع يريد حماية اختراعه في الخارج وذلك عن طريق الاتحاد الدولي للمخترعين. مشكل التمويل وخلافا لجمعية المخترعين التي تختص أساسا في تأطير الاختراعات بكل أنواعها فإن الجمعية التونسية للشبان والعلم تضع على ذمة الشبان كل الامكانيات الضرورية (تجهيزات ومناخ علمي ووثائق) والامكانيات البشرية (مختصون أساتذة) لممارسة أي نشاط علمي قد يتحول أحيانا الى مشاريع ابتكار أو اختراع حسب توجهات وطموحات الشبان الذين تقوم الجمعية بتأطريهم ويصل عددهم الى شاب سنويا في النادي المركزي بالاضافة الى عشرات الشبان الذين ينتمون الى النوادي الجهوية. وقد شاركت الجمعية مؤخرا بعدد من الاعمال والمشاريع التقنية والعلمية المتميزة في المعرض الدولي بموسكو. وقد لاقت المشاركة التونسية استحسان الدول الاخرى خاصة في اختصاصات »الروبوتيك« والاستشعار عن بعد والتحكم عن بعد. وهي ذاتها الاختصاصات التي يحبذبها المنتمون الى جمعية الشبان والعلم. وأضاف السيد عبد الحميد الفقيه كاتب عام الجمعية ان الشبان الآن يعشقون الاعلامية والاستشعار عن بعد والفضاء والبيئة و»الروبوتيك«. وأكد السيد عبد الحميد الفقيه أن العديد من الشبان أصبحوا مضربا للامثال بفضل اجتهادهم وعملهم الدؤوب من أجل التفوق العلمي والتكنولوجي. فقد انتمى الى الجمعية شاب من سليانة تمكن من محاكاة جرار بواسطة البلاستيك وخيوط (السباولو) وأدوات اخرى بسيطة. كما انتمى الى الجمعية شبان قاموا لمدة سنوات بمراقبة التحول المناخي والبيئي في بحيرة تونس قبل وأثناء وبعد تصفيتها وأعدوا تقريرا عن مهمتهم يضاهي في مستواه تقارير كبار العلماء والمختصين«. ورغم المجهود الذي تقوم به الدولة والجمعيات والمنظمات يبقى مشكل التمويل قائما خاصة عندما تكون تكلفة الاختراع مرتفعة ويعجز صاحبه عن توفير الاعتمادات الضرورية لذلك.